عربي ودولي

الشيخ الهجري وتفاصيل نداء “يا غيرة الدين” الذي أنقذ الدروز

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

إليكم الحلقة الثانية من التقرير الذي كتبه الصحافي جواد الصايغ حول أسرار حرب السويداء، والساعات الفاصلة، وما جرى في الكواليس:

تزامنًا مع الضغط العسكري الكبير، كان الضغط السياسي على الرئيس الروحي لطائفة الموحّدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، يكبر أكثر فأكثر، ونتيجة الاتصالات التي جرت ليل الإثنين 14 تموز وصباح الثلاثاء 15 تموز، تم الاتفاق مع الشيخ الهجري على “دخول قوات وزارتي الداخلية والدفاع لبسط السيطرة على المراكز الأمنية والعسكرية وتأمين المحافظة، فتح حوار مع الحكومة السورية لمعالجة تداعيات الأحداث وتفعيل مؤسسات الدولة بالتعاون مع أبناء المحافظة من الكوادر والطاقات في مختلف المجالات”.

غير أنّ الاتفاق بين الطرفين لم يصمد أكثر من ساعتين، فجموع الجيش السوري والأمن العام بدأت فور دخولها المدينة بارتكاب مجازر وانتهاكات، قامت بتصويرها ونشرها، وعلى الأثر جرى اتصال هاتفي بين أفراد المجموعة الضيّقة جدًا – مسؤولوه وممثّلوه في الخارج – للرئيس الروحي للطائفة، حيث تم التوصل إلى قناعة مفادها أن “المهاجمين يريدون قتل الجميع، فلنمُت إذن ونحن نقاتل”. فورًا، خرج الشيخ الهجري ببيان مُصوّر قال فيه: “فُرض علينا البيان – بيان الاتفاق – الذي أصدرناه منذ قليل من أجل حقن الدماء، ورغم قبولنا بالبيان المُذلّ من أجل سلامة أهلنا قاموا بنكث العهد والوعد، وهذا اليوم هو يوم نرفض فيه الذلّ والإهانة”، وبنداء “يا غيرة الدين” أضاف: “يا أمة التوحيد، هذه وقفة عزّ، نحن نتعرّض لحرب إبادة شاملة، ويتعيّن على كل من قال يا غيرة الدين الوقوف وقفة عزّ لن تتكرر. نخيناكم يا أهل النخوة للتصدي للحملة البربرية بكل الوسائل المتاحة”.

مع بيان الهجري الثاني، كان جيش الشرع قد سيطر على أكثر من نصف المدينة، لكن هذا التوسع لم يدم طويلًا، إذ إنّ المقاتلين الذين انسحبوا مع البيان الأول قاموا بهجومٍ مضاد، مع استمرار وجود الجيش السوري في أحياء متفرقة وفي المناطق التي يقطنها البدو. تزامن ذلك مع ضغط كبير مارسه دروز إسرائيل على حكومتهم، وبدأ قطع جزئي للطرقات في مناطق درزية في لبنان، وبرزت خشية لدى الدول المؤثرة من إمكانية تمدّد الفوضى إلى البلدان المجاورة.

شكّل يوم الأربعاء 16 تموز مفصلًا أساسيًا في تاريخ المحافظة؛ فمع استمرار المعارك، كان المقاتلون الدروز قد تمكنوا من استعادة معظم الأحياء داخل المدينة، وانقضت مهلة الـ72 ساعة دون استسلام، وبدأت المسيّرات الإسرائيلية تضرب الدبابات التي نشرها الشرع على تخوم المدينة رغم اتفاقه مع تل أبيب بعدم إرسال سلاح ثقيل إلى الجنوب السوري، حتى وقعت الضربة الكبرى التي مثّلت هزة معنوية للحكم السوري الجديد عبر استهداف هيئة الأركان في العاصمة دمشق، وساعتها أدرك الجميع أن الخطوط الحمراء سقطت.

مع ورود الصور والفيديوهات المروّعة من السويداء، انقلب الرأي العام العالمي والأميركي على أحمد الشرع، فمن الزج بمقاتلين أجانب، وآخرين يحملون علنًا رايات القاعدة، إلى إعدام مواطن أميركي في ساحة تشرين، عاد التداول فورًا باسم الجولاني وأنه عضو في القاعدة وليس رئيسًا على سوريا، وتم إبلاغه بضرورة الخروج ببيان مُصوّر يعلن فيه انسحابه وتسليم السويداء، ولم تنفع طلباته بتأجيل خروجه العلني حتى صباح الخميس، فالقرار كان حاسمًا: “اخرج فجرًا”.

لم تنتهِ المعركة هنا، فكل ما جرى كان إعلان الشرع الانسحاب، لكن من دون اتفاق واضح أو بنود. صباح الخميس 17 تموز، فعّلت دمشق الخطة (ب)، التي تضمنت الزج بالعشائر على خلفيّة الزعم بأن انتهاكات حصلت مع البدو، وشهد ليل الخميس أكبر معركة إعلامية نفسية استهدفت السويداء، مع دخول كبريات الشاشات العربية ميدان القتال وبثّ أخبار تتعلق بسيطرة القبائل والعشائر على المحافظة. والمضحك المبكي أنّ هذه الأخبار كان يُراد منها استهداف معنويات المقاتلين الدروز ودفعهم للاستسلام، لكن هؤلاء لم يعلموا بما كانت تنشره وسائل الإعلام نظرًا لانقطاع الإنترنت والكهرباء عنهم، حيث إن مجموعة صغيرة مُنتقاة كانت تمتلك إنترنت فضائي، وبطبيعة الحال هذه المجموعة لن تساعد في نقل الحرب النفسية إلى نفوس المقاتلين على الأرض.

وإذا كان الأربعاء 16 تموز قد مثّل يومًا حاسمًا على الصعيد العسكري، فإن الجمعة 18 تموز حسمت التفاوض السياسي بعد اتصالات مكوكية تدخّل فيها وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، وأفضت إلى الاتفاق منتصف الليل على انسحاب الجيش والبدو، وتسليم المحافظة إلى الفصائل الدرزية، إضافة إلى تنفيذ دمشق لمجموعة من الشروط الأخرى التي سيجري الكشف عنها في حينه.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا