عربي ودولي

"ممر ترامب".. ايران اكبر المتضررين كيف ستواجه؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

وقّعت أرمينيا وأذربيجان اتفاق سلام بوساطة أميركية، يتضمن تطوير ممر "زنغزور"، وتغيير مسماه إلى "جسر ترامب". وقد تناقلت الصحف المختلفة تصريحا لمستشار خامنئي، علي أكبر ولايتي، بأن إيران لن تسمح بإنشاء الممر الأميركي في جنوب القوقاز، لأنه يفتت المنطقة ويهدد أمنها ويعيد رسم خرائطها، مؤكدًا أن طهران ستتصدى له، سواء بالتعاون مع موسكو أو بمفردها.

وذكرت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد علي خامنئي، أن هذا "ليس مجرد مشروع اقتصادي أو ممر عبور، بل هو مسار مباشر لتغلغل الولايات المتحدة، وحلف الناتو، في قلب جنوب القوقاز، ويُعد تهديدًا استراتيجيًا لإيران وروسيا وللمنطقة بأكملها".

ويعتقد الخبراء، حسبما نقلت صحيفة "آكاه" الأصولية، أن المشروع يهدف إلى "إلغاء الدور الجيوسياسي لإيران في ربط آسيا الوسطى بمنطقة القوقاز وتركيا، وإنشاء قاعدة نفوذ أميركية بالقرب من الحدود الشمالية لإيران، وتعزيز محور تركيا- أذربيجان- الناتو، وزيادة الضغط على طهران في ملفات الطاقة".

كيف تحوّل الممر إلى ساحة لصراعات جيوسياسية معقدة بين قوى إقليمية وعالمية، تتضارب فيها مصالح روسيا، إيران، تركيا، والولايات المتحدة، وصولاً إلى إسرائيل؟ وما هي التداعيات المحتملة؟

العميد المتقاعد حسن جوني يؤكد لـ"المركزية" ان "ممر "زنغزور" يُعتبر نقطة اشتعال مركزية في السياسة الاقليمية والبعد الدولي، نظرًا لأهميته وموقعه الجغرافي وتأثيره وربطه ما بين أذربيجان وتركيا، وبالتالي ربطه ما بين القوقاز وتركيا وتاليًا اوروبا. وساعد "زنغزور" في وصل وايجاد ممر جديد ينافس الى حدّ بعيد طريق الحزام الصيني والهندي أيضًا، ويُعتبر ندًّا لطريق الحزام الصيني الجديد. كما تكمن أهميته في أنه يعيد رسم خريطة التحالفات في منطقة القوقاز ويهدد استقرارها، لكن تأثيره الأكبر على ايران، لأنه يساهم في حصارها ويمنعها من الوصول الى آسيا الوسطى وارمينيا وما وراء أرمينيا. بالإضافة الى أنه يساهم في وصول الولايات المتحدة وحلف "الناتو" وكل هذا الاتجاه الى عمق القوقاز، الى أذربيجان، ويقطع الطريق أمام ايران. كما يؤثر أيضًا على روسيا التي شنّت الحرب على اوكرانيا على خلفية رغبتها بالانضمام الى "الناتو"، الامر الذي سيجعله قريبًا منها ويهدّد الأمن القومي الروسي، فكيف بالحري إذا كان هناك التفاف جديد للناتو باتجاه الاراضي الروسية من جهة الجنوب من خلال هذا الممر".

وعن الخلفية التاريخية لما سمي بممر "ترامب" يقول جوني: "الامر ناتج عن التغيرات الكبيرة التي حصلت في العالم خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة والتغيرات الجيوسياسية التي حصلت في المنطقة وأدّت الى تعزيز وضع وموقف أذربيجان وإضعاف أرمينيا، الى ان تمّ جذبها باتجاه الولايات المتحدة. وهنا يبرز الدور التركي، باعتبار ان تركيا المستفيد الاول من الموضوع من خلال وصولها الى أذربيجان وربطها بها بريًا، وبالتالي مع القوقاز ومصادر الطاقة. وهنا ستكون تركيا مركزًا للطاقة من خلال هذا الممر وإعادة توزيع الطاقة باتجاه اوروبا، ما يعزز الدور التركي بالنسبة لاوروبا، وبالتالي ستستفيد في موضوع عضويتها في الاتحاد الاوروبي وهو طموح تركي قديم جديد".

ويضيف: "بالعودة الى ممر "زنغزور" هناك معسكران حول هذا الممر، معسكر تركيا – أذربيجان – الولايات المتحدة – جورجيا – اسرائيل مقابل معسكر آخر هو أرمينيا – ايران – الهند – روسيا. لكن المعسكران كانا الى حدّ ما يتواجهان في هذه المنطقة عند هذا المعبر. وبعد ان تمّ توقيع الاتفاق بين أرمينيا وأذربيجان في الولايات المتحدة برعاية الرئيس دونالد ترامب، خرجت أرمينيا من حلف ايران – الهند – روسيا، وخلقت اختلالًا في التوازن محليًا – إقليميًا – دوليًا، لأن مجرد خروجها أتاح لهذا الممر ان يبصر النور وأن يحصل هذا الربط ما بين أذربيجان وتركيا، وغيّر كل هذه التحالفات وأدّى الى الاشكالية الكبرى، والى صراع جيو- سياسي وجيو - اقتصادي وجيو – استراتيجي لأن هذا الممر يؤسس لتغيير كبير في البنية التحتية للمنطقة، وعدا عن أنه يربط العديد من الدول بأليات مختلفة، سيسمح بربط سكك حديد جديدة وموانئ بحرية وخطوط نقل كهرباء وإيدروجين وكابلات ونقل بيانات وغيرها، بالاضافة الى أنابيب الطاقة وهذا بالطبع الاعتبار الاهم".

وعن البعد الدولي للممر، يرى جوني ان "كل هذا يرتبط بالصراع القديم الجديد في نظرية "الريم لاند" لنيكولاس سبيكمان التي تتحدث عن محاصرة اوراسيا واحتوائها من خلال هذه المنطقة، و"الهارت لاند" لهالفورد ماكيندر التي تتحدث عن اوراسيا والصراع عليها. هذا الممر يدخل في "الريم لاند" برأيي وفقًا لتفاصيل هذه النظرية الجيوبوليتيكية القديمة لكنها لا تزال قابلة للتحقق، ويبدو ان الولايات المتحدة تعمل عليها باستمرار لأن مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق زبيغنيو بريجينسكي عاد وتبنّى هاتين النظريتين وأدخلهما في سياساته الخارجية الاميركية طيلة الفترة السابقة، ويبدو ان ترامب متأثر جدًا بهذه الأفكار والطروحات، وبالطبع لديه فريق عمل وخبراء يساعدونه في هذه الطموحات الجيوبوليتيكية للولايات المتحدة، لأن ترامب رجل مال وأعمال. في هذا الأمر هناك جانب يتعلق بالجيو اقتصاد، الى جانب الجيوبوليتيك والجيو استراتيجي".

أما عن الموقف الايراني من الممر فيقول جوني: "حسبما ورد على لسان مستشار السيد خامنئي بأن ايران لن تقبل بهذا الممر بأي شكل من الاشكال حتى لو كانت ستواجهه منفردة، يبدو ان الموقف حاسم بهذا الموضوع. في المقابل، لم يتبلور الموقف الروسي بشكل واضح حتى الساعة، لا ننسى ان روسيا منغمسة في حرب كبيرة مع اوكرانيا وما خلف اوكرانيا، لكن بطبيعة الحال سيكون لها موقفً وتصرف تجاه هذا الممر. أما الصين، فهي عادة لا تدخل في الاصطفافات العسكرية او شبه العسكرية، لكن قد تقف الى جانب تعطيل هذا الممر لأنه سيضرّ بمصالحها خاصة في "الحزام والطريق".

ويختم: "لكل هذه الاسباب، يُعتبر "ممر ترامب" والاتفاق الذي تم نقطة اشتعال مركزية في هذه المنطقة تهدد الامن الاقليمي. عندما تتبلور المواقف الروسية والصينية الى جانب ايران ستكون هناك جبهة في مواجهة هذا الممر وهذا طبعا سيؤدي الى توترات في المنطقة إما بالوكالة واما بشكل مباشر، وبالطبع ايران المتضرر الاكبر سيكون عليها الدور الاكبر في مواجهة هذا الممر. ولا ننسى ان لايران تأثيراً على لبنان وقد يكون مجال لربط تأثيرها في لبنان بما يتعلق بنقطة من نقاط المواجهة مع الولايات المتحدة، وهنا نفتح الباب على إشكالية أخرى ربما تتعلق بسلاح "حزب الله" أو غيره".

المركزية - يولا هاشم

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا