"للسويداء ثلاثة شرايين للحياة" ... ناشط سياسي من السويداء : دمشق لنا وليست لكم
هل دخل لبنان حقبة المواجهة مع الجمهورية الإسلامية؟
وقع استشهاد ستة عسكريين من الجيش اللبناني إثر تفجير وقع في مخزن يحتوي أسلحة وذخائر عائدة لحزب الله في وادي زبقين – صور موقع الصاعقة على اللبنانيين. حاكت فداحة الجريمة التي تجاوزت كل ما عداها نمطاً جديداً من المواجهة بين حزب الله والدولة اللبنانية بدأت بتكليف مجلس الوزراء الجيش وضع خطة لطيّ مسألة حصرية السلاح حتى نهاية العام. وبصرف النظر عن ملابسات الحادثة فإن التحقيق المرتقب في ظروف الإنفجار لا يمكن أن يتجاهل معايير الحيطة والسلامة التي تخضع لها صناعة هذه الذخائر والتي تجعل انفجارها التلقائي مستحيلاً، مما يطرح جملة من التساؤلات حيال ظروف وتوقيت وأهداف تفخيخ هذه الذخائر بفعل تدخل بشري مقصود.
وفي سياق منطقي يضع حادثة التفجير في إطارها الزمني، لا بد من الإشارة أنّ المخزن المذكور هو جزء من شبكة أنفاق محصّنة أعلنت الكتيبة الفرنسية العاملة في نطاق قوات اليونيفيل العثور عليها في محيط بلدات «طير حرفا، زبقين، والناقورة» بعد يومين من صدور التكليف للجيش. وبالتالي فمن غير الممكن فصل حادثة التفجير عن سياق من ردود الفعل بدأ برفض حزب الله لقرار الحكومة وإعلانه الإستعداد للذهاب حتى النهاية في الدفاع عن السلاح، واستُكمل بإعلان طهران بشكل سافر على لسان كلّ من وزير خارجيتها عباس عراقجي وعلي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى عدم موافقتها على نزع سلاح الحزب، بل دعمها له ودعوته للمواجهة في سابقة لم تعرفها المواقف الإيرانية حتى خلال حرب الإسناد.
وإذا كان التدرج في مواجهة قرار الحكومة قد بدأ محلياً مع حزب الله بمسيّرات ليلية تعبث بالأمن المجتمعي وتهدد الإستقرار في أكثر من منطقة مثيرة النعرات المذهبية والطائفية، فهل يمكن اعتبار حادثة التفجير عيّنة من سلوك ستعتمده طهران لحماية سلاح حزب الله، وهل دخل لبنان فعلياً حقبة المواجهة مع الجمهورية الإسلامية؟
لا شك أن هناك مؤشرات عديدة لا يمكن التغاضي عنها تؤكد بما لا يقبل الشك أن العلاقات بين بيروت وطهرات تقف على أن أن العلاقات بين بيروت وطهران تقف على أعتاب مرحلة جديدة هي ليست حكماً امتداداً للمرحلة السابقة. مقدمات المرحلة الجديدة عبّرت عنها في الداخل مواقف «حلفاء الحزب السابقين» الذين أيّدوا قرار الحكومة الموافقة بالإجماع على ما سُمي بــ»ورقة باراك»، أو هم التزموا الصمت الإيجابي حيالها. هذا في حين مثّلت الردود القاسية لوزير الخارجية «يوسف رجي» على تصريحات وزير الخارجية الإيراني «عباس عراقجي» كما على مستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون الدولية «علي أكبر ولايتي» ما يمكن تسميته بــ «دبلوماسية ترسيم معالم السياسة الخارجية اللبنانية» التي تتّسق مع المتغيّرات الإقليمية والدولية التي تعيشها المنطقة.
الجديد في مواقف رجي أنها المرة الأولى التي تتصدر فيها الخارجية اللبنانية المشهد بشكل واضح في مواجهة طهران «لتوظيف علاقاتها مع لبنان في تشجيع أو دعم أطراف داخلية خارج إطار الدولة اللبنانية ومؤسساتها وعلى حسابها» كما لتلويحها بالرد «بما تقتضيه الأعراف على أي محاولة للنيل من هيبة الدولة اللبنانية أو التحريض عليها».
وفي سياق متصل لما يمكن اعتباره إنفصالاً وربما إنقلاباً لبنانياً على مرحلة سابقة بكافة مرتكزاتها الإيديولوجية والسياسية، لا بد من الإشارة إلى المعالجات العربية لملفات لبنانية شائكة ومزمنة، وللمرة الأولى بعيداً عن هيمنة طهران، بما يمكن اعتباره سابقةً في تحديد معالم لبنان الدولة سواء على مستوى الجغرافيا أو على مستوى علاقاته بمحيطه وبمقتضى القانون الدولي.
في هذا الإطار وحده يمكن قراءة وتبيان الإجتماع الأمني اللبناني السوري الذي ستستضيفه الرياض هذا الأسبوع برعاية وحضور وزير الدفاع خالد بن سلمان وحضور الأمير يزيد بن فرحان، لبحث ترسيم الحدود اللبنانية السورية. تكمن أهمية هذا الملف الشائك بارتباطه بهوية مزارع شبعا وبأمن الحدود اللبنانية السورية التي شكّل غياب القوى الشرعية عنها مصدر تهديد للبلدين، كما شكَل استخدامها لأغراض التهريب على أنواعه مصدر تهديد حقيقي لأمن العالم العربي.
ويتموضع في هذا الإطار كذلك الإتفاق الذي تمّ التوصل إليه بين الرئيس نواف سلام مع السلطة الفلسطينية والذي يقضي بتسليم سلاح المخيمات الفلسطينية للدولة اللبنانية، بدءاً من مخيمات الرشيدية والبص والبرج الشمالي، مما يشكّل إضافة الى البعد السياسي نموذجاً لطالما اعتبر مستحيلاً لانتقال حقيقي من مفهوم الأمن الذاتي داخل بيئة منعزلة إلى الأمن بمفهومه المتعلق بالمساواة والمسؤولية أمام القانون.
تسابق المعالجات العربية للملفات اللبنانية سواء في مسائل الحدود أو سلاح المخيمات الخطة الزمنية التي ستُعرض على مجلس الوزراء نهاية الشهر الحالي لتنفيذ حصرية السلاح. وفيما لا تزال طهران تعيش هذيان فشل لبنان في نزع سلاح حزب الله، يتم تجويف الهيمنة الإيرانية عربياً من محتواها السياسي والأمني عبر تعطيل أدواتها المستخدمة. كيف ستتلقف طهران كل ذلك، وما هي مواقفها حيال ما يمكن اعتباره «ترسيماً لمعالم السياسة الخارجية اللبنانية»، وهل تشكل زيارة رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني المرتقبة الى لبنان بداية حقبة المواجهة مع الجمهورية الإسلامية؟
العميد الركن خالد حماده - اللواء
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|