الرحابنة وبعلبك ولعبة القدر
وكانه مقدر على الرحابنة في لبنان منذ أيام الاخوين أن لا يعودا الى مهرجانات بعلبك الدولية الا في ظروف استثنائية وتحولات كبرى في لبنان والمنطقة. هكذا كان الحال ليلة عرضت فيها مسرحية جسر القمر بعد ما عرف انذاك بثورة العام 1958 وهكذا كانت الحال ايضا في عودة العسكر بعد محاولات الانقلاب التي قام بها القوميون وهكذا كانت الحال في جبال الصوان بعد نكسة العام 1967 وهذا هو الحال اليوم حيث يقف لبنان على مفترق بالغ الخطورة.
وبالامس عاد المبدع اسامة الرحباني والنجمة اللبنانية العالمية هبة طوجي الى بعلبك حاملين حنين الماضي العريق وافاق المستقبل الاتي ومعهما عاد فخرالدين وتحديدا في اعادة تجسيد لواقعة عنجر حيث تقاتل الجيش التركي مع العسكر اللبناني على وقع "يا مهيرة العلالي " و"بيي راح مع العسكر" وكأن التاريخ يعيد نفسه اليوم طالما أننا لا زلنا أدوات في "حرب الكبار".
في العام 1972 وأثناء عرض مسرحية ناطورة المفاتيح في مهرجانات بعلبك الدولية كانت تدور مناوشات بين الجيش اللبناني والفصائل الفلسطينية المسلحة وبالامس عند عرض حقبات في بعلبك الحالة كانت مشابهة واستشهد عدد من العسكريين.
وفي العام 1973 وفي الليلة الاولى لعرض قصيدة حب في بعلبك عمدت عناصر فاسطينية الى اقفال طريق بعلبك لبعض الوقت امام ما يعرف بمخيم الجليل عند مدخل المدينة وبالامس وبعد عرض حقبات علق العائدون من المهرجانات الى بيروت بسياراتهم بعدما عمد مناصرو حزب الله بقطع عدد من الطرق في محيط بعلبك.
وفي العام 2006 وأثناء العرض الاول لمسرحية صح النوم مع السيدة فيروز اندلعت حرب تموز في نفس الليلة فتوقف المهرجان والغيت الحفلات والعروض.
في الخلاصة انها لعبة القدر والرحابنة الذين رسموا لبناننا ولطالما رمموا ذاكرتنا يعودون اليوم ليؤكدوا على ضرورة الحفاظ على الهوية والتاريخ والكيان والمكان ريثما تنجلي هذه الغيمة السوداء ويعود لبنان الذي رسمته فيروز في بعلبك منذ الاغنية الاولى في العام 1956 "لبنان يا أخضر حلو" وقد تكون تلك الليلة في مهرجانات بعلبك الدولية والاطلالة الاولى للكبيرة فيروز هي التاريخ الحقيقي لولادة لبنان الكبير.
وبالعودة الى الابهار الذي شهدناه في حقبات في بعلبك فهو يستدعي اعلان طوارئ فنية حيث أثبت أن لا منازع ولا منافسة اصلا بين بعلبك وباقي الاحتفاليات على ضخامتها وبالرغم من الاموال الهائلة التي تصرف عليها ولا من يقوى على النسمات الرحبانية التي اشعلت قلوب الحاضرين حبا وحنينا والكثير الكثير من الوطنية خصوصا عندما لمعت أبواق الثورة وغنت هبة طوجي " للي راحوا وليلي صاروا الحنين ".
ومن غير الممكن ان نمر على الليلة التاريخية "حقبات" دون ان نتوقف عند الابهار والتقنية العالية جدا في الاضاءة و ال 3DMAPPING التي جعلت المعابد ترقص بالألوان والفرح وكأن الحجارة كادت ان تنطق مرحبة بأحفاد الكبار وتسأل عن الملكة التي غابت عن مملكتها وقلعتها منذ العام 2006.
نعم بالأمس سمعنا صوت هبة طوجي الرائع الممزوج بالحزن والفرح في ان معا ولكننا في داخلنا سمعنا صوت عاصي ومنصور سمعنا "خبطة قدم " نصري وفيليمون وسافرنا بعزوبة صوت هدى حداد واسترجعنا كل اعمدة المسرح الرحباني.
وفي الختام يبقى انه ما بعد حقبات لن يكون كما قبله وجنون اسامة الرحباني فاق كل التوقعات وازهر ابداعا قد لا يستطيع أحد على الاقل في المدى المنظور الاقتراب منه أو ملامسته أما هبة طوجي التي وقفت على علو شاهق معانقة أعمدة الزمان والهياكل الباسقة فكانت كما وصفتها دائما أميرة اتية من قصص الازمنة الغابرة ومن يدري قد تكون هي من حيث تدري او لا تدري أعلنت بالامس ولادة لبنان الجديد المزين بالالوان والفرح تماما كما اللوحة الختامية في حقبات على وقع أغنية "زمان".بالامس مع اسامة الرحباني وهبة طوجي رجع الزمان يلي كان.
بيار البايع - Kataeb.org
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|