الصحافة

الخلفيات الخطرة للمشهد اللبناني

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

... ولكن متى صدق الأميركيون، ومتى صدق الاسرائيليون؟ وهل من خط فاصل ببين الجنون الأميركي والجنون الاسرائيلي على هذا المسرح البائس الذي يدعى ... الشرق الأوسط ؟

لنستنتج من المعطيات التي تناهت الينا أن قرار "حزب الله" يختزل بالكلمات التالية "الصدام المستحيل مع الجيش اللبناني" لأن هذا الصدام رهان القيادة الاسرائيلية، فضلاً عن رهان قيادات عربية، بالتواطؤ مع قوى سياسية، وطائفية، محلية وضعت الاصبع على الزناد استعداداً للحظة التفجير. وهذا ما يستشف من طبيعة الحملة العشواء التي يشنها بعض الاعلام العربي ضد الحزب، وحيث الاستعانة بذلك النوع من المعلقين اللبنانيين، وغير اللبنانيين، بالثقافة الضحلة، والرؤية الضحلة، ناهيك بالقراءة العرجاء للأحداث التي أنتجت الواقع الحالي.

ولنتوقف قليلاً عند ظاهرة ليل الموتوسيكلات، وصراخ (القبائل البدائية) "شيعة ... شيعة". هذا لا يمت بصلة لا الى ثقافة الشيعة، ولا لتراث الشيعة، ولا لقضية الشيعة، ولا لمصلحة الشيعة، بل انها الضربة القاتلة لأخلاقيات الشيعة ..

ومن المعطيات أيضاً أن الحزب الذي يدرك تفاصيل، وخفايا، المشهد الداخلي، وكذلك المشهد الاقليمي (العربي ـ الاسرائيلي)، يدرك أيضاً خطورة السيناريو الذي وضع ليس فقط لازالة الحزب من الخارطة اللبنانية، بل ولازالة طائفة بكاملها من المعادلة السياسية، وحتى من المعادلة الديموغرافية، اللبنانية، بتوطين نحو مليون نازح سوري، وفي ضوء معلومات أوروبية بكون السيناريو يلحظ اقامة كانتونات لبعض الطوائف مقابل مشاركتهم في عمليات التفجير الداخلي، وموافقتهم على توطين اللاجئين الفلسطينيين مقابل نزع سلاح المخيمات، والا فان هذا السلاح، وبناء على أوامر دولة عربية مؤثرة، لن ينزع في أي حال.

وفي المعطيات أن القوى الخارجية تتولى ادارة بعض المسؤولين الذين يشغلون مواقع تنفيذية، وحتى تقريرية، حساسة مثلما تدار الرسوم المتحركة، أي أن مجلس الوزراء عبارة عن كوكتيل غرائبي يدار، أوركسترالياً، بعصا المايسترو الخارجي لكأن غرفة عمليات قد استحدثت لمهمة محددة، لتذهب تلك المعطيات الى التأكيد أن "حزب الله" الذي لا ينفي علاقاته الايديولوجية، والاستراتيجية، مع ايران، المنشغلة، حالياً، في اعادة هيكلة مؤسساتها الأمنية، والعسكرية، وحتى طريقة تعاملها مع المقتضيات الضرورية للمجتمع (الحرية والحداثة)، يتخذ قراراته بعيداً عن أي وصاية خارجية، وفي ضوء المصلحة الوطنية العليا، وهو الذي دفع الأثمان الباهظة ان من أجل تحرير الأرض، أو من أجل الدفاع عن الأرض، مع استعداده الدائم لمواصلة المهمة أياً كانت صعوبة الظروف وتعقيداتها.

أيضاً تشديد على أن الحزب بقدر ما هو ضنين ببقاء الدولة اللبنانية ووحدتها، ضنين ببقاء الجيش اللبناني ووحدته، خلافاً لما خطط له الآخرون باخراج "الكتلة الشيعية" منه لكي يتاح للكتل الأخرى، وهي الأكثرية، شن حملة ضد الحزب، ليس فقط بمؤازرة مالية، ولوجيستية، خارجية، وانما بمؤازرة ميدانية من قوات عربية جاهزة للدخول، وللتدخل، براً أو بحراً. هذه المسألة موجودة على الطاولة وتنتظر التنفيذ.

الى ذلك، ومن شخصيات موثوق بها، أن باستطاعة الحزب الاعتماد على "النيات  الوطنية والصادقة" للرئيس جوزف عون الذي لم يطلق خطاب القسم جزافاً، ولا بروتوكولياً، ولا استعراضياً، وانما نتيجة قناعات راسخة، ولا تقبل الجدل، وهو الذي على بيّنة تامة بما يعنيه التفجير الداخلي، خصوصاً في الظروف الراهنة، وما هي تبعات ذلك على كل المكونات اللبنانية دون استثناء، مع وعيه التام بأن هناك من احترف اللعب بالزوايا لعبة الكانتونات التي تعني، حتماً، أفول الدولة اللبنانية.

تأكيد أن موقفه في جلسة الخميس لتفادي ما هو أخطر بكثير، وما هو أكثر كارثية بكثير، وهو لم يكن ليوافق على الورقة الأميركية لو لم يحصل على ضمانات قاطعة، بالخطوات المتوازية والمتزامنة، والتي تشمل كل المسائل التي تتعلق إن بسلامة الأراضي اللبنانية، أو بسلامة المواطنين اللبنانيين، دون أن يعني ذلك، في حال من الأحوال، أن الورقة تشق الطريق الى التطبيع بين لبنان واسرائيل.

هل نفهم من ذلك أن الرئيس سيتمكن الآن من عقد جلسات حوار مع قيادات "حزب الله"، بعيداً عن الضغوط التي تدق بقوة على أبواب القصر، حول الخطوات التنفيذية على أرض الواقع، ودون الاكتراث لتلك الوجوه الصفراء، والتي تطل عبر الشاشات بالسكاكين المسنونة، ان داخل الحدود أو خارجها، حتى ليبدو أن "حزب الله" هو العدو الوحيد، والوجودي، لبعض الجهات العربية التي ما زالت في اجترارها التاريخي لثقافة داحس والغبراء، ودون أن يرف لها جفن حيال الأهوال التي تحدث للفلسطينيين على أرض غزة، ليكرسوا كل وسائلهم الديبلوماسية والاعلامية للحملة ضد الحزب.

واذا كان هناك من يرى أن الموقف المتشدد لـ "حزب الله" هو الذي جعل توماس باراك يلحظ الضمانات في ورقته، بعدما كان قد رفض الضمانات، نلاحظ أن ما يتردد في الظل لا يترك مجالاً للشك في أن الثقة بين الحزب والعهد التي تزعزعت باتت مهددة بالانهيار، ريثما تتضح ملامح الخطة التي عهد الى الجيش وضعها، وكذلك آليات، وطرق، التنفيذ، دون اغفال الدور الذي تضطلع به بعض القوى الخارجية بالتنسيق مع قوى داخلية للذهاب بالورقة الأميركية الى ما هو أبعد بكثير من نزع السلاح.

أجل أبعد بالكثير من الورقة الأميركية التي قد يبدأ معها التزلج على النيران ...

نبيه البرجي - الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا