ذاكرة مارتن لوثر كينغ تُستحضر... وفضيحة إبستين تُطمَس: أين العدالة؟

قبل سنوات، تعرّفت بعمق إلى مسيرة مارتن لوثر كينغ السلميّة. ذلك الرجل الذي واجه آلة التمييز العنصري بكلمات قوية لا تُنسى، وحمل على كتفيه حلم وطن أكثر عدلاً ومساواة. عادت تلك الصورة إلى ذهني أخيراً، حين قرأت عن نشر ملفات اغتياله، في توقيت بدا وكأنه لا يخصّه، بل يوظفه في سياق سياسي بعيدٍ كلّ البعد عن روح نضاله.
وفي خطوة مفاجئة، كشف البيت الأبيض عن أكثر من 240 ألف صفحة من الملفات السرية المرتبطة باغتيال كينغ عام 1968. وكشفت الوثائق عن حملة منهجية من المراقبة والتشويه قادها مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بإشراف جيه إدغار هوفر، وتضمنت التنصّت على مكالماته، التسلل إلى دائرته المقربة، بل وحتى إرسال رسائل تحريضية تدعوه للانتحار. وهذه الوقائع لم تعد مجرد نظريات مؤامرة، بل حقائق موثقة تعكس كيف يمكن للدولة أن تتحول إلى خصم حين يعلو صوت المطالبة بالعدالة.
عائلة كينغ لم تستقبل هذه الخطوة بترحيب، بل طالبت بالتعامل مع الوثائق بحساسية وتعاطف، مشيرة إلى أن والدهم كان ضحية لمؤامرة معقدة تورّطت فيها أطراف حكومية. وقد دعمت هيئة محلفين هذه الفرضية في دعوى مدنية عام 1999، حيث خَلصت إلى أن القاتل المفترض، جيمس إيرل راي، لم يكن سوى واجهة لعملية اغتيال أكبر وأكثر غموضًا.
لكن ما يثير الشك هو توقيت الكشف عن هذه الوثائق، والذي تزامن مع تصاعد الضغوط على دونالد ترامب للإفراج عن ملفات الملياردير جيفري إبستين، المتهم بإدارة شبكة اتجار جنسي. إبستين وُجد ميتًا في زنزانته عام 2019، في "انتحار" أثار موجة من نظريات الشك، خصوصاً أنه كان يملك روابط نافذة مع شخصيات سياسية واقتصادية. وفي ظل هذا الضغط، جاء نشر ملفات كينغ كخطوة لإغراق الإعلام في رواية بديلة، والهرب من فضيحة حارقة. وهنا يظهر ترامب كلاعب يتحكم في جدول الأخبار ويُغرق الصحافة في فخ الروايتين: تمجيد ماضٍ شجاع، مقابل صمت متعمّد على حاضر مشبوه.
فالعدالة لا تُبنى على ذاكرة انتقائية، وفتح ملفات كينغ خطوة مهمّة، لكنها تفقد معناها ما دامت ملفات إبستين مطويّة في الظل. والنضال الحقيقي لا يُستخدم كستار، بل يُمارَس كمسار واضح نحو الحقيقة الكاملة.
في الختام، ان صدى نضال كينغ لا يزال يتردّد، في غزة المحاصَرة بالجوع، وفي السويداء حيث يُهمَّش الدروز وتُكبت الأصوات. وفي كل هذه الساحات، يتكرّر السؤال نفسه: من يملك الحقيقة؟ ومن يقرر متى يُسمح لها بالخروج إلى النور؟
ماريا رحال
خاص موقع Mtv
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|