الصحافة

قرار "الشورى" يخلط الأوراق... هل يتحرّك الشارع؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

التزام الحكومة اللبنانية بقرار مجلس شورى الدولة القاضي بوقف تنفيذ فرض ضريبة إضافية على المحروقات، شكّل من حيث المبدأ خطوة في الاتجاه القانوني الصحيح، وأعاد التأكّيد على مبدأ خضوع السلطة التنفيذيّة لرقابة القضاء الإداري. غير أنّ هذا الالتزام القانوني، ورغم ضرورته، لم يخلُ من تبعات أثارت بلبلة على المستويين المالي والاجتماعي، خصوصًا أنّ الضريبة كانت تُشكّل مصدر تمويل أساسيًّا للمساعدة المالية المخصّصة للعسكريين. وهنا برزت الإشكالية: بين التزام القانون وبين الفوضى التي سيتسبّب فيها في ظلّ عدم وجود مصدر آخر لتمويل منحة العسكريين في متناول وزارة المالية، بما يُنذر بعودة التحرّك إلى الشارع في حال لم تُدفع المنحة.

توقّفت الشركات المستوردة للنفط صباح أمس عن تسليم مادتي البنزين والمازوت بسبب عدم تعديل إدارة الجمارك اللبنانية الرسوم وفق الجدول الذي صدر الجمعة الفائت من قبل وزارة الطاقة والمياه بعد قبول مجلس شورى الدولة الطعن بالضريبة على المحروقات.

إذًا، طبّق وزير الطاقة جو الصدّي القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة بوقف تنفيذ ضريبة المحروقات، وأصدر جدول تركيب الأسعار يوم الجمعة الماضي من دونها، إلّا أنّ الجمارك اللبنانية لم تكن تبلّغت بقرار "الشورى" حتى صباح أمس ما أثار بلبلة في السوق بسبب توقّف الشركات عن التسليم، لكن سرعان ما تمّت معالجة الأمر بعد تسلّم وزارة المالية الكتاب المرسل من الأمانة العامّة لمجلس الوزراء والمُتعلّق بوقف تنفيذ الرسم الإضافيّ على البنزين والديزل أويل.

بيانان للمالية

في هذا الإطار، صدر عن المكتب الإعلامي في وزارة المالية، بيان، أشار فيه إلى أنّه "بعد تسلّم وزارة المالية الكتاب المرسل من الأمانة العامة لمجلس الوزراء المتعلّق بوقف تنفيذ الرسم الإضافي على البنزين والديزل أويل، وذلك استنادًا إلى القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة رقم 219/2024-2025 تاريخ 15/07/2025 وإعلان وزارة المالية بدء العمل بموجبه من قبل الجمارك اللبنانية، وجّه المجلس الأعلى للجمارك كتابًا إلى المديرية العامة للجمارك طلب فيه وقف تنفيذ رسم الاستهلاك الداخلي المقطوع على البنزين والمازوت وفيه أنّه بموجب الكتاب المذكور ومضمونه "قرّر المجلس وقف العمل بقراره رقم 49/2025، تاریخ 2 حزيران 2025، (تعديل رقم 685 لتعريفة الرسوم الجمركية) وبالتالي وقف تطبيق رسم الاستهلاك الداخلي المقطوع الإضافي على مادتي البنزين والمازوت، الذي يستوفى تحت الرمز 04H في النظام الجمركي المعلوماتي، وذلك اعتبارًا من تاريخه وبصورة فورية، سندًا إلى قرار مجلس شورى الدولة رقم 219/2024-2025 ، تاریخ 15 تموز 2025، وإلى كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء رقم 1388/ م .ص تاریخ 21 تموز 2025، الذي يوجب التقيّد بتنفيذ القرار المذكور".

كما صدر عن المكتب الإعلامي في وزارة المالية أيضًا في وقت سابق البيان التالي: "قطعًا للتأويل ومحاولات التضليل التي سرت حيال قرار مجلس شورى الدولة وقف تنفيذ الرسم الإضافي على البنزين والديزل أويل، يهمّ المكتب الإعلامي في وزارة المالية أن يعلن أن وزارة المالية تبلّغت كتابًا من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، تودعها فيه وضع قرار مجلس شورى الدولة موضع التنفيذ بناءً على كتاب صادر عن وزارة الطاقة والمياه بتاريخ اليوم 21/07/2025".

وممّا جاء في كتاب الأمانة العامة:

"نودعكم ربطًا نسخة عن كتاب وزارة الطاقة والمياه رقم 1401/ص تاريخ 21/07/2025 مع مرفقاته لا سيّما القرار رقم 218 تاریخ 18/07/2025 المتعلق بجدول تركيب أسعار مع تشديد السيد رئيس مجلس الوزراء على وجوب التقيّد بتنفيذ القرارات الصادرة عن السلطة القضائية ومن ضمنها القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة رقم 219/2024-2025 تاريخ 15/07/2025 المرفق بكتاب وزارة الطاقة والمياه".

وقد أرفق كتاب الأمانة العامة بكتاب وزارة الطاقة المنوّه عنه. وقد تمّ إبلاغ المجلس الأعلى للجمارك بذلك، لإجراء المقتضى.

وعليه، فإنّ أي ادّعاء عن مسؤولية وزارة المالية بالتسبب في أزمة حيال أسعار المحروقات والتسبب في تأخير تسليمها هو كلام باطل قانونًا وعار من الصحة ولا قيمة له".

هل الحكومة "مُلزمة" تنفيذ القرار؟

إلّا أنّ مسارعة الحكومة لتطبيق قرار مجلس شورى الدولة تطرح السؤال حول مدى وجوب التزام الحكومة بقرارات المجلس؟

الخبير الدستوري سعيد مالك، يؤكّد لـ "نداء الوطن"، أنّه "من الثابت قانونًا أنّ الدولة اللبنانية ملزمة بالاحتكام إلى قرارات مجلس شورى الدولة. ومن المؤكد أيضًا أن هذا المجلس قد أصدر قرارًا بوقف تنفيذ قرار مجلس الوزراء المطعون فيه، والمتعلّق بزيادة الرسوم أو إضافتها على المشتقات النفطية".

وبالتالي، يُشدّد مالك على أنّ "الدولة اللبنانية ملزمة، بحكم أحكام نظام مجلس شورى الدولة، بالتقيّد الكامل بهذا القرار وتنفيذه بجميع مندرجاته".

أمّا في حال امتنعت الحكومة عن الالتزام بهذا القرار، فيرى مالك أنّ "من شأن ذلك أن يُحدث بلبلة في سوق المشتقات النفطية، نظرًا إلى أن قرار مجلس شورى الدولة يُفترض احترامه والتقيّد به من قبل الحكومة".

مصادر التمويل

وفي ما يتعلق بمسألة مصادر التمويل البديلة، يلفت مالك إلى أنّه "هنا يتوجّب على الحكومة أن تسعى لإيجاد الإمكانات والموارد البديلة لتمويل المنح، على أن يتمّ ذلك من دون خرق الدستور مجدّدًا، كما حصل سابقًا عبر فرض رسوم إضافية على المشتقات النفطية"، مذكّرًا بأنّ "الدستور اللبناني واضح في هذا المجال، إذ لا يُمكن فرض أي ضريبة أو استحداثها إلّا بموجب قانون، وليس عبر قرار يصدر عن مجلس الوزراء".

ترحيب بالقرار

وفي الصدد، رحّب رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في لبنان الشمالي النقيب شادي السيد بقرار مجلس شورى الدولة "الذي عطّل ولجم زيادة المحروقات التي أقرّتها الحكومة بهدف معلن هو توفير زيادة على رواتب عناصر الأسلاك العسكرية والأمنية" .

وقال السيد في بيانٍ أمس: أوّلًا: إنّ هذه الزيادة كانت لتوفر مبالغ مالية أكبر بكثير مما هو معلن، أي توفير الكلفة المالية للزيادة المقررة لصالح عناصر الأسلاك العسكريّة.

ثانيًا: فوجئنا اليوم بمسارعة أصحاب محطات المحروقات إلى التوقف عن العمل واختراع أزمة تحت عنوان لا يزال لدينا مخزون من المحروقات بالسعر القديم، ونريد أن نقول هنا إنّ هذا القطاع كالمنشار يريد أن يأكل على الطالع وعلى النازل، والأزمة اللبنانية بما شهدته من تفاصيل لهو خير دليل على كلامنا، وكان حريًّا بالدولة أنْ تلاحق الفئة التي احتكرت المحروقات وخزنتها لتتلاعب بأسعارها ولتنتهز فرصة فوضى الأسعار فتبتزّ المواطن.

ثالثًا: إننا نضع ما يحصل اليوم في خانة الابتزاز أيضًا، ونقول للحكومة عليك بالتحرك المسؤول بدءًا بوزارة الاقتصاد مرورًا بكل الدوائر المعنية من تفتيش وغيره لوضع حدّ لهذه المهزلة، فلا يمكن اختراع أزمة غير موجودة أصلًا في المحروقات المتوافرة، ولا يمكننا أن نسمح كسائقين وكنقابيين بحجب هذه المادة وهي السلعة الحيوية في الحياة اليومية وعلى مستوى كلّ الآليات التي تعمل في مجالات مختلفة في التجارة والتصدير والاستيراد والنقل وغير ذلك".

وطالب السيد الحكومة "بوضع مسار واضح لعمل محطات البنزين إذ تتفاوت كميات المحروقات التي تقدّمها للناس، فبعض المحطات تقدم 18 ليترًا والبعض الآخر 19 ليترًا كمكيال لصفيحة البنزين ومن يذهب ويعتمد أي وسيلة كيل يمكنه أنْ يلاحظ ذلك بشكل واضح".

رماح هاشم
نداء الوطن

 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا