"سويسرا الشرق"... كيف حصل لبنان على هذا اللّقب؟
إنّه اللّقب الذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بلبنان إبّان الزمن الجميل والذهبي، لبنان الحلم الذي تحقّق في الماضي القريب، وهو اللقب الذي كلّما قيل أو كتُب، أعاد بعضاً من الحنين والكثير من الأمل الى اللبنانيّين بمستقبل مُشرق يضع بلدهم مجدّداً في صدارة الدّول المتقدّمة والمتطوّرة حيث سعادة المواطن وراحته هي الأولوية القصوى.
"كنتم سويسرا الشرق ويُمكنكم الآن الاستفادة من الفرصةلتعودوا"، قالها الموفد الأميركي توم برّاك بعد لقائه رئيس الجمهورية جوزاف عون في قصر بعبدا مدغدغاً مشاعر اللبنانيّين، فبدا وكأنه يُقدّم لهم "رشوة معنويّة" ترسم في أذهانهم صورة حقبة جديدة من لبنان عنوانها التطوّر والازدهار والرفاهيّة متى انطلقنا فعلياً في قطار التغيّير في المنطقة.
لا تقارير توثّق هوية مُطلق لقب "سويسرا الشرق" على لبنان، لكنّ الصحافة الغربيّة وخصوصاً الفرنسيّة والبريطانيّة استخدمت هذا التعبير في الخمسينيّات والستينيّات، وكانت تشبّه بيروت حينها بمدنتي جنيف وزيورخ الأوروبيّتين.
كثيرةٌ هي الأسباب التاريخية والثقافية والاقتصادية التي أدّت الى إطلاق لقب "سويسرا الشرق" على لبنان في فترة ما قبل الحرب الأهليّة، فبيروت في تلك الحقبة كانت تُعتبر مركزا مالياً ومصرفياً مهمّاً جداً في المنطقة وملاذاً آمناً للمالبفضل نظامها المصرفي المتطوّر وقوانينه المصرفية المرنة وخصوصاً قانون السرية المصرفية على غرار سويسرا. وقد حاول لبنان في هذه الحقبة الحفاظ على مبدأ الحياد عبر الابتعاد عن الصراعات الكبرى، مما جعله يُشبه سياسة الحياد السويسري.
للطبيعة والجغرافيا دور أيضاً، فطبيعة لبنان مشابهة جدّاً لطبيعة سويسرا، فهما يتميّزان بالجبال المغطاة بالثلوج في الشتاء، وبالتضاريس المتنوعة والخلابة، وبإمكانية ممارسة التزلج صباحاً والسباحة بعد الظهر في نفس اليوم.
ليس هذا فقط، بل اشتهر لبنان في منتصف القرن الماضي بانفتاحه الثقافي والحضاري، وكان مركزا للصحافة والفكر والإعلام والفن، وسجّل تميّزاً كبيراً في الحريات العامّة وخصوصاً الحرية الإعلامية.
يفتخر اللبنانيّون من مُختلف الانتماءات بهذا اللقب الذي "يُلمّع" صورة بلدهم في المحافل الدولية ويربط ماضيهم الجميل بحاضرهم ذات الأفق الرمادي، ويملك بلدنا الكثير من المقوّمات لينهض من جديد وليستعيد دوره الرياديّ في هذا الشرق... فهل ستشهد أجيالنا عودة "سويسرا الشرق"، أم أنّ اللقب سيبقى مجرّد "نوستالجيا" وقصّة جميلة لن تتكرّر؟
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|