نصّار: لم تصلنا تحذيرات من دمشق ونعمل على تسريع المحاكمات في رومية
أزمتا سياحة ورواتب تستبقان العام الدراسي: التصعيد مرتقب
يُعتَبَر العام الدراسي محطّة أساسية للتذكير بسلسلة من المتطلّبات الاقتصادية والمعيشية التي تضاف إلى الجانب التعليمي. ومع انطلاق الامتحانات لصفوف الشهادات الرسمية للعام الدراسي 2024 - 2025، استُبِقَ العام الدراسي 2025 - 2026 بأزمتين: سياحة و في الرواتب.
في الأزمة الأولى، يُصَوَّر العام الدراسي على أنّه "الجلاّد"، وفي الثانية يُصَوَّر بوصفه "الضحية"، وبين الحالتين، مطالب يُنظّر إليها بأهمية كبيرة يجهَد أصحابها لتحقيقها، على أنّ إحداها قادرة على عرقلة العام الدراسي، وتحديداً في التعليم الرسمي.
امتعاض القطاع السياحي
يسيِّر القطاع السياحي أموره في الموسم الصيفي الراهن، بقلق من احتمالات تصعيد سياسيّ أو أمنيّ مفاجىء. فرغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى الحرب الإسرائيلية على لبنان، إلاّ أنّ الأجواء غير مستقرّة تماماً، لأنّ بروز أيّ توتّر، من شأنه إنهاء الموسم السياحي، لا سيّما في الجنوب. ووسط هذا الخوف، يبرز خوف آخر يسبّبه قرار تقديم موعد العام الدراسي المقبل للأوّل من أيلول، بالتوازي مع تقديم موعد بدء الأعمال الإدارية في المدارس الرسمية إلى منتصف شهر آب. فأهل القطاع السياحي ينظرون إلى هذا التعديل بصفته رصاصة توجَّه إلى رأس القطاع لتصيبه في مقتل.
وعليه، أبدى الاتحاد اللبناني للنقابات السياحية امتعاضه من "الطلب الذي تقدّمت به وزارة التربية والتعليم العالي من مجلس الوزراء، والقاضي بتعديل المراسيم التي تحدّد بداية ونهاية العام الدراسي، ونيّة الوزارة المباشرة بالتدريس مع بداية شهر أيلول". ورفض التعديل انطلق من أنّ "العام الدراسي هو جزء من الدورة الاجتماعية والاقتصادية في لبنان، وأن الموسم الصيفي من حزيران حتى أيلول يمثّل ذروة عمل المؤسسات السياحية، وروزنامة الحياة اللبنانية قائمة على ثنائية الساحل والجبل والشتاء والصيف، فكثير من أبناء القرى المقيمين في المدن الساحلية يتوجهون إلى قراهم صيفياً، ودورة الحياة الاقتصادية في الأرياف والمناطق الجبلية على امتداد الوطن، قائمة على الموسم الصيفي". ولذلك، فإنّ أي نيّة للتعديل، يجب أن تشارك بها "الاتحادات النقابية السياحية والزراعية وغرف التجارة والصناعة والهيئات الاقتصادية، كي تتّسم بالدقة والتوازن بما يراعي كل المصالح العامة لكل القطاعات التربوية والاقتصادية ".
وبدء العام الدراسي مطلع أيلول المقبل، يعني بنظر رئيس الاتحاد جان بيروتي "تقليص الموسم السياحي الصيفي إلى نحو شهر ونصف فقط". وأشار بيروتي في حديث لـ"المدن" إلى أنّه ضمن هذا الموسم القصير "تأتي الامتحانات الرسمية في منتصف تموز"، ومع قرار تعديل موعد بدء العام الدراسي "يبدأ الأهل بالتحضير للموسم في منتصف شهر آب. الأمر الذي يعني إنهاء الموسم السياحي".
تحضيرات الأهل للعام الدراسي توجِب تقليص أو إنهاء فترة تحرّكهم بين المناطق واستئجارهم البيوت، لا سيّما في مناطق الجبل. وبحسب بيروتي، فإنّ هذا الأمر "يفرغ البلد من حركة الناس. في حين أنّ 20 في المئة من دخل لبنان قائم على القطاع السياحي". وذكّر بيروتي بأنّ "العام الدراسي قديماً كان ينطلق مع بداية شهر تشرين الأوّل، وفي هذه الحالة، كان الناس يشاركون في قطف المواسم الزراعية في تلك الفترة". وللحدّ من أزمة القطاع السياحي، رأى بيروتي أنّ على العام الدراسي أن "يبدأ في منتصف أيلول لطلاب الشهادات الرسمية".
أزمة رواتب وتصعيد
القلق الذي يحمله أهل القطاع السياحي لا يجد صدى لدى أساتذة التعليم الرسمي، رغم "حقّ أصحاب المؤسسات السياحية في رفع مطالبهم"، وفق مصادر في رابطة التعليم الثانوي الرسمي التي أكّدت لـ"المدن" أنّ العام الدراسي المقبل "قد يكون ساخناً".
ورغم تباين الهموم بين القطاع السياحي والأساتذة، فإن الطرفين يجمعان على أنّ لتقديم موعد بدء العام الدراسي، محاذير يجب التعامل معها. مع فارق أنّ "التعديل قد لا يؤثّر كثيراً على الموسم السياحي لأنّه ملزِم للمدارس الرسمية، فيما المدارس الخاصة تبدأ عامها الدراسي عادةً مطلع شهر أيلول، للأساتذة والأعمال الإدارية، وتبدأ التدريس بين 10 و15 منه، أيّ أنّ التعديل لا يؤثّر على المدارس الخاصة، وروّاد الأماكن السياحية هم غالباً من اللبنانيين الذين لديهم قدرات مالية لتسجيل أولادهم في المدارس الخاصة، وهم بذلك يلتزمون بقرارات المدارس الخاصة. في حين أنّ أهالي طلاّب المدارس الرسمية لا قدرة مادية لديهم لارتياد الأماكن السياحية".
لأساتذة التعليم الرسمي معضلتهم الخاصة مع الدولة والعام الدراسي المقبل. فتعديل انطلاق العام، يحمل معه تعديلاً في أيام التدريس "إذ ستصبح 5 أيام بدلاً من 4 أيام، ومن غير الواضح ما إذا كانت الدولة ستعيد النظر في الرواتب مع زيادة أيام التدريس أم لا". ولذلك، ذكّرت المصادر بأنّ "روابط التعليم الرسمي في المراحل الدراسية الأساسية والثانوية، بالإضافة إلى التعليم المهني، أجمعت على أنّ لا بدء للعام الدراسي قبل إقرار سلسلة رتب ورواتب جديدة".
مطلب إقرار السلسلة ليس جديداً، بل هو مطلب دائم سابق للأزمة الاقتصادية، وبات أكثر إلحاحاً منذ نحو 6 سنوات. ولهذا "يخشى الأساتذة من تسويف إضافي يطال هذا الحق، فيكون الغبن قد لحق الأساتذة مرّة جديدة، بعد تقصير فترة العطلة الصيفية وقرار زيادة أوقات العمل".
وأمام هذا التسويف، ذكّرت المصادر أنّ "الأساتذة مرّروا استحقاق الامتحانات الرسمية رأفة بالطلاب والأهل، لكن على الدولة أن ترى هذا الأمر وتبادر إليه بحسن نيّة يطال أولاً الأجر اليومي للامتحانات، سواء المتعلّق بالمراقبة أو الأعمال اللوجستية، وقريباً جداً مسألة الرواتب العادلة". أمّا في حال الاستهتار بهذا المطلب فإنّ "الخطوات التصعيدية حاضرة، وفي مقدّمتها عدم التجاوب مع إطلاق العام الدراسي".
يُستَبَق العام الدراسي بأزمتين تبدوان في الشكل منفصلتين، لكنهما في الجوهر مترابطتان من حيث أهمية الحصول على مردود مادي كافٍ لمواجهة الهموم المعيشية اليومية والاستحقاقات الموسمية، بدءاً من التحضير للعام الدراسي. ففي القطاع السياحي عمّال وموظّفون يستفيدون من إطالة أمد الموسم لتحقيق مردود مالي إضافي يمكّنهم من تغطية أكلاف موسم المدارس. وفي القطاع التعليمي، يسعى أساتذة إلى تحسين مداخيلهم انطلاقاً من حقّ مكتسب وأساسي، هو سلسلة رتب ورواتب عادلة، لا تشبه "السلسلة المسخ" التي أقرّت في العام 2017. ليبقى القرار الفصل لدى الدولة ممثّلة بمجلسيها التشريعي والتنفيذي.
خضر حسان -المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|