تنسيق أمني بين تل أبيب ودمشق لاصطياد الخلايا الإيرانية في سوريا
لبنان العالق بين “مثلثين”!
بعد حرب الـ12 يوماً التي هزت الشرق الأوسط الشهر الماضي، بدأت مرحلة تقييم الخسائر والأرباح ومحاولة إستثمارها، وذلك عبر تجميع الأوراق في المنطقة، حيث عمدت الولايات المتحدة الأميركية – الرابح الأكبر من المنازلة الأخيرة – إلى التحرك في إتجاهين، الأول عبر طرح خطة مرحلية لوقف إطلاق النار في غزة باتت قاب قوسين أو أدنى من تحقيقها، والثاني عبر إرسال “مندوبها السامي” الجديد للمنطقة توماس باراك إلى بيروت، حاملاً معه خريطة طريق “واضحة وحازمة” لمحاولة وضع الأمور في لبنان على السكة الصحيحة، بعد ما لمسته واعتبرته واشنطن – بحسب بعض المصادر – مماطلة وتسويفاً أو ربما بلغة أقل حدة تباطؤاً، خصوصاً في موضوع جمع السلاح والاصلاحات الاقتصادية والمالية المطلوبة، إضافة إلى ملف العلاقات اللبنانية – السورية ولا سيما موضوع ترسيم الحدود بينهما وما يتفرع عنها من قضايا أخرى، طالباً إجابات محددة وواضحة عن المواضيع الثلاثة، واضعاً مهلة قد تنتهي بعودته يوم 7 تموز لتسلم الردود ليُبنى على الشيء مقتضاه، ما دفع أركان الدولة في الحكم والحكومة الى عقد إجتماعات متواصلة لوضع الردود المطلوبة مع التشاور – طبعاً – مع المعني الأول بموضوع السلاح وهو قيادة “حزب الله” عبر “الأخ الأكبر” الرئيس نبيه بري.
قبل وصول توماس باراك المنتظر، حلَّ في العاصمة اللبنانية المبعوث السعودي يزيد بن فرحان بما يمثله من ثقل عربي وإقليمي وازن، حاملاً رسالة على شكل “نصيحة” للمسؤولين اللبنانيين بضرورة التجاوب وحُسن التعامل مع الورقة الأميركية، لما تمثله من مخرج ملائم وأفضل الممكن من الحلول لما يعانيه لبنان من أزمات، في ظل الظروف الحالية التي نتجت عن الحروب المتتالية في المنطقة منذ عملية “طوفان الأقصى” في تشرين الأول من العام 2023، والتي أرخت بثقلها على المنطقة ولبنان خصوصاً وعلى كل المستويات، لا سيما مع إستمرار الاحتلال الاسرائيلي لبعض الأراضي اللبنانية وإستمرار الاعتداءات شبه اليومية مع إنعدام فرص الرد عليها، وهي التي باتت ترسم مسار الأحداث وتحدّده للأسف على مبدأ أن الكلمة للميدان، وهو المبدأ الذي لطالما “تغنى” به “حزب الله”.
وهكذا يجد لبنان نفسه أمام خيارات على شكل “مثلث”، ضلعه الأول عبارة عن “نصيحة عربية” يمكن – إذا ما تعامل معها بإيجابية وإنفتاح حقيقيين – أن تشكل له رافعة تساعده على تفادي خيار “الضلع الاسرائيلي” في المعادلة وهو خيار الحرب، كما على المساعدة في تحسين شروط “الضلع الأميركي” بما لا يُضر بمصالح لبنان والمساعدة في حفظ السلم الأهلي والاستقرار الداخلي، وذلك في ظل التباين بين أضلاع “المثلث” اللبناني الداخلي – شئنا أم أبينا – والذي يمثِّل “الثنائي الشيعي” أحد أضلعه وهو المعني الأول بموضوع حصر السلاح بيد الدولة، في ظل التخوف والتحسس من أهداف المطالب الأميركية وتأثيرها على دوره المستقبلي ضمن النظام، مقابل الضلع الثاني المتمثل بأطراف السلطة سواء في رئاسة الجمهورية أو الحكومة، اللتين تبدوان أقرب الى القبول بالنصيحة السعودية والتعامل بإيجابية مع المطالب الأميركية ربما مع تحسين – إذا أمكن – بعض شروط الصفقة، والضلع الثالث المتمثل ببعض القوى اللبنانية التي تتماهى مع المطالب الأميركية بالكامل وتدعو الى تنفيذها بصرامة وحزم بإعتبارها “مطالب لبنانية” أيضاً، من دون النظر إلى ما ستتركه هذه الممارسة من آثار على الوضع الداخلي في لبنان.
من هنا، يصبح الرهان على مدى حكمة الرؤساء الثلاثة وجديتهم في مقاربة هذا الأمر، بعيداً عن التذاكي والتشاطر على الطريقة اللبنانية ومحاولة شراء الوقت بطروح وكلمات حمَّالة أوجه، كما تعودنا التعامل مع مشكلاتنا الداخلية عبر البيانات الوزارية للحكومات المتتالية والتي تنتهي مفاعيلها للأسف بنيل الحكومة الثقة من دون أي مردود عملي أو تنفيذ فعلي لبنود هذه البيانات، وبعيداً أيضاً عن سياسة الرضوخ الكامل وغير المشروط للمطالب كما يطالب البعض في الداخل لأنه لا تزال لدينا أراضٍ محتلة وأسرى في سجون العدو كما إستمرار الإعتداءات والإستباحة لسمائنا وأرضنا.
كل هذه الأمور تتطلب التعامل مع الأمر بمسؤولية وحكمة وجدية لمحاولة الوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف، بعيداً عن الإفراط والمغالاة في الأوهام من جهة، كما التفريط في الحقوق الأساسية والبديهية كتحرير الأرض والأسرى من جهة أخرى، ومن ثم إحترام الحدود والسيادة لكل الأطراف، لأنه يبدو من تطورات المنطقة أن فترة السماح قد نفذت، وأن “اللعبة” في المنطقة قد إنتهت، ولم يعد هناك من مجال للمناورة، فقط الجدية في التعامل وإحترام التعهدات والمواثيق التي نلتزم بها أمام العالم، وبناء دولة طبيعية تتعامل بندية وإحترام مع غيرها من الدول الأخرى بحسب القوانين الدولية السائدة، قد تكون خشبة الخلاص في الوقت الحاضر على الأقل، الأمر الذي للأسف لا تبشِّر به “التسريبات” التي صدرت عشية عودة المبعوث الأميركي، التي إن صحت نكون قد دخلنا مرة جديدة في نفق جديد من أنفاق الصراع وهو نفق قد يمتد من الحدود الجنوبية إلى الحدود الشمالية – الشرقية مع ما تشهده المنطقة من إعادة رسم لحدودها السياسية إن لم يكن الجغرافية أيضاً.
ياسين شبلي - لبنان الكبير
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|