لبنان كان أساسها.. أسرار خطة إيرانية "لم تنجح" يكشفها تقرير إسرائيلي!
السيارات الأوروبية في مأزق كبير: تهديد صيني وفشل السياسات
توظّف صناعة السيارات الأوروبية، التي تشكل ركيزة أساسية لاقتصاد الاتحاد الأوروبي، 13.8 مليون شخصاً، وهو ما يمثّل 6.1 في المئة من إجمالي العمالة في الاتحاد. وهناك دولٌ ترتفع فيها هذه النسبة بشكلٍ كبير كسلوفاكيا ورومانيا والسويد وجمهورية التشيك والمجر وألمانيا، حيث تشكّل صناعة السيارات أكثر من 10 في المئة من إجمالي العمالة. وتواجه هذه الصناعة حالياً تحديات تنافسية شديدة بسبب السياسات التجارية الصينية والأميركية.
وبينما تمكنت صناعة السيارات الأوروبية من البقاء كعمودٍ فقري لصناعة الاتحاد الأوروبي، تهدد اليوم المنافسة الصينية في أسواق السيارات الكهربائية هذا الوضع، ناهيكَ بأن تغييرات السياسة التجارية الأميركية قد توجه ضربة قاسية لآمال شركات صناعة السيارات الأوروبية في الحفاظ على القدرة التنافسية واستعادتها قريباً.
قرارات متسرعة
تبدو اليوم مشاكل القدرة التنافسية لصناعة السيارات الأوروبية واضحة، وهي تتفاقم بسبب القرار السابق للمفوضية الأوروبية بوقف إنتاج السيارات التقليدية (سيارات البنزين والديزل) واستبدالها بسياراتٍ خالية من الانبعاثات اعتباراً من عام 2035. ومن المهم أن نوضح بأن المشكلة تنبع من سعي الاتحاد الأوروبي لتسريع التقدم التكنولوجي في مجال يبدو فيه أن شركات صناعة السيارات الصينية وغيرها من الشركات الأجنبية تتمتع بمزايا استراتيجية على الشركات الأوروبية، بينما يقيّد في الوقت نفسه التعاون مع شركات صناعة السيارات الصينية الرائدة.
انعكست نتائج هذا القرار المتسرع بالفعل في أرقام السوق، حيث تضاعفت حصة السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات في مبيعات السيارات الجديدة في الاتحاد الأوروبي ثلاث مرات بحلول عام 2020، وانخفضت حصة سيارات البنزين والديزل من 47.5 و 35.3 في المئة إلى 29.9 و 13.6 في المئة.
كانت هذه الأرقام موضع ترحيب في حدّ ذاتها، لكن زيادة السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات تعني أيضاً خسارة سوقية لمصنّعي السيارات الأوروبيين. ولا يقتصر هذا الاتجاه على الأسواق الأوروبية، بل يمكننا أن نلاحظ اتجاهاً مشابهاً في مبيعات سيارات المصنعين الأوروبيين في الصين. ففي عام 2024، انخفضت مبيعات شركة "بي أم دبليو" بنسبة 2.3 في المئة من إجمالي مبيعات السيارات، وهو رقم جيد نسبياً مقارنةً بانخفاض مبيعات سيارات "مرسيدس-بنز" و"بورشه" في الصين بنسبة 3 في المئة وانخفاض مبيعات "أودي" التابعة لشركة "فولكس فاغن" بنسبة 12 في المئة العام الماضي.
تدهور القدرة التنافسية
تكمن مشكلة التنافسية الرئيسية في أن جوهر التكنولوجيا الجديدة يتمحور حول البطاريات الكهربائية، وأن شركات صناعة السيارات الأوروبية تعاني من عيوبٍ كبيرة في هذا المجال. فمثلاً لا تكتفي شركات صناعة السيارات الصينية بتصنيع السيارات الكهربائية، بل تنتج أيضاً بطارياتها الخاصة، إضافة إلى تصنيع مصدات السيارات وغيرها من الأجزاء الرئيسية داخلياً. ويعني التكامل الرأسي في هذه المرحلة أن شركات صناعة السيارات الصينية أو شركائها تتمتع بمكانة ممتازة في إنتاج البطاريات.
في المقابل، لا توجد شركة أوروبية لتصنيع البطاريات ضمن أفضل 10 شركات عالمية، حيث دخلت 6 شركات صينية و3 شركات كورية جنوبية وشركة يابانية واحدة قائمة هذه الشركات.
وكدليل واضح على تدهور القدرة التنافسية للمنتجات الأوروبية، ارتفعت حصة الشركات الصينية في مبيعات السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات في الاتحاد الأوروبي من 4.9 في المئة عام 2020 إلى 29.3 في المئة عام 2024.
ضعف الطلب
ثمة مشكلة أخرى تعانيها شركات صناعة السيارات الأوروبية ألا وهي ضعف الطلب، إذ تقلص انتاج أوروبا بمقدار مليوني سيارة عام 2024 مقارنةً بما كان عليه الحال قبل جائحة كورونا، وذلك يرجع إلى تناقص قدرة الأوروبيين على شراء سيارة جديدة بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة وارتفاع أسعار الفائدة.
وقد تحدث عن هذا الموضوع صراحةً الرئيس التنفيذي لشركة "رينو" الفرنسية لوكا دي ميو، العام الماضي حين قال أن الطبقة المتوسطة الأوروبية تفقد قوتها الشرائية، وفي ظل غياب عائلات الطبقة المتوسطة القادرة على شراء سيارات جديدة، ستعاني الصناعة أكثر وأكثر.
كما يتسارع انخفاض الإنتاج الأوروبي بفعل اتجاه يُعرف باسم "المحلي مقابل المحلي"، حيث تنتج شركات صناعة السيارات، مثل العلامات التجارية الألمانية، سياراتها معتمدةً على استيراد إمداداتها بشكلٍ متزايد من بلد المقصد، أي من خلال تصنيع سيارات للسوق الأميركية في أميركا الشمالية.
نقص المعادن النادرة
وعلقت بعض مصانع قطع غيار السيارات في أوروبا عمليات الإنتاج مؤقتاً، في ظل تصاعد المخاوف بشأن نقص المعادن النادرة، التي تُستخدم في تصنيع البطاريات الكهربائية وأجهزة الاستشعار والمحركات في السيارات الحديثة.
ويأتي هذا القرار بعد تعليق الصين في نيسان المنصرم، صادرات مجموعة واسعة من المعادن النادرة والمغناطيسات المرتبطة بها، ما يعكس الهيمنة الكبيرة التي تتمتع بها بكين على سوق هذه المعادن الحيوية، حيث تسيطر على نحو 90 في المئة من الإنتاج العالمي للمعادن النادرة، التي تعتبر ضرورية لصناعات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا المتقدمة.
أمثلة من شركاتٍ أوروبية
وإذا ما أردنا أن نسلط الضوء بإيجاز على محنة شركات السيارات الأوروبية العملاقة، فسنجد أن مجموعة "فولكس فاغن" أجرت عمليات تسريح إجبارية وإغلاق مصانع، لأول مرة منذ ثلاثة عقود. وبعدما كانت السوق الصينية وحدها، تستوعب ثلث سيارات "فولكس فاغن"، تراجعت الطلبيات في الربع الثاني من عام 2024، بمقدار الخمس في الصين، ولا يمكن لسوق السيارات الأوروبية وحده تعويض هذا النقص.
إلى ذلك خفضت شركات "ستيلانتس" و"بي إم دبليو" و"مرسيدس بنز" توقعات أرباحها العام الحالي بسبب مشاكل على جبهاتٍ متعددة، من المنافسة الشديدة إلى ضعف الطلب الأوروبي وارتفاع المخزونات في الولايات المتحدة.
ويسبب عدم استقرار الاقتصاد الألماني أيضاً ضعفاً في الأعمال التجارية بشكلٍ عام. وهكذا انخفضت تسجيلات السيارات الجديدة في ألمانيا العام الماضي بنحو 28 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، بينما انخفضت في الاتحاد الأوروبي ككل بنسبة 18 في المئة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|