"مزارع شبعا كانت وستبقى سورية"... جنبلاط يكشف: سلمنا الجيش سلاح من المختارة
الرّدّ الإيرانيّ على “العديد”: تفاصيل السّاعات الأخيرة
ماذا في كواليس التّوصّل إلى اتّفاقٍ لوقف إطلاق النّار بين إيران وإسرائيل؟ وكيف تمّ الاتّفاق على ضرب قاعدة العديد الأميركيّة في دولة قطر؟ وهل كانَت هذه العمليّة هي المشهد الختاميّ للمواجهة المباشرة الأولى بين طهران وتل أبيب؟ وهل يصمد الاتّفاق الهشّ الذي شهِدَ خلال النّهار خرقاً إيرانيّاً بمعاودة إطلاق الصّواريخ على إسرائيل؟
جالَ وزير الخارجيّة الإيرانيّ عبّاس عراقجي في محطّتَين أساسيّتَين خلال الأيّام القليلة الماضية:
الأولى: زيارته إسطنبول ولقاؤه الرّئيس التّركيّ رجب طيّب إردوغان بحضور وزير خارجيّته حقّان فيدان ورئيس الاستخبارات التّركيّة إبراهيم قالن.
الثّانية: زيارته العاصمة الرّوسيّة موسكو ولقاؤه الرّئيس الرّوسيّ فلاديمير بوتين.
بين اللقاءَين وبعدهما، كانت قنوات التّواصل بين طهران وواشنطن فاعلة لرسمِ المشهد الختاميّ للمواجهة الصاروخية التي بدأت يوم 13 حزيران. تولّت الدّوحة ومسقط عبر وزيرَيْ الخارجيّة الشّيخ محمّد بن عبدالرّحمن آل ثاني وبدر حمّود البوسعيدي تنسيق “المشهد الخِتاميّ” بين عراقجي ومبعوث الرّئيس الأميركيّ لشؤون الشّرق الأوسط ستيفن ويتكوف.
في تُركيا: رسائل أميركيّة
سمِعَ عراقجي من الرّئيس التّركيّ رسالةً أميركيّة، وتحديداً من الرّئيس دونالد ترامب، مُفادها أنّ على إيران أن تذهب إلى وقفٍ لإطلاق النّار لأنّ استمرار المواجهة لن يكونَ لمصلحة طهران ونظامها.
عرضَ إردوغان إمكان أن تستضيف بلاده لقاءات أميركيّة – إيرانيّة لبحثِ المسألة النّوويّة. لكنّ وزير الخارجيّة الإيرانيّ قال إنّ بلاده تُطالب منذ اللحظة الأولى بوقف إطلاق النّار، لكنّها اليوم باتت “مُلزمة بالرّدّ على الهجوم الأميركيّ” قبل القَبول بوقف إطلاق النّار والذّهاب نحوَ المُفاوضات.
نصحَ الرّئيس التّركيّ عراقجي والوفدَ المُرافق بإيصال رسالةٍ إلى المُرشد الإيرانيّ علي خامنئي تفيد بأنّ انعدام الاستقرار في المنطقة لن يصبّ إلّا في مصلحة إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، وأنّ السّبيل الوحيد لقطع الطّريق على طموحات نتنياهو في المنطقة هو البدء بمفاوضات جدّيّة مع الولايات المُتّحدة تؤدّي إلى اتّفاقٍ مُستدامٍ بشأن الطّموحات النّوويّة لإيران.
في موسكو: خفّضوا سقفَكم التّفاوضيّ
بعد تُركيا توجّه عبّاس عراقجي إلى العاصمة الرّوسيّة للقاء الرّئيس الرّوسيّ فلاديمير بوتين. يكشفُ مصدرٌ روسيّ رفيع المستوى لـ”أساس” أنّ الاستخبارات الرّوسيّة وصلَت إلى خُلاصة مُغايرة لما تُروّجه واشنطن وتل أبيب من أنّ إيران قريبة من القنبلة النّوويّة، وأنّ موسكو تجزم أنّ طهران كانت لا تزال بعيدة عن صنعِ هذه القنبلة.
لكنّ هذا لا يعني أنّ موسكو تُؤيّد تخصيب إيران لليورانيوم على مستوى 60%. وهذا ما قاله الرّئيس الرّوسيّ لوزير الخارجيّة الإيرانيّ. إذ أكّد بوتين أنّ بلاده تدعم إيران في حقّها تخصيب اليورانيوم على أراضيها، لكن من دون أن يتجاوز مستوى التّخصيب نسبة 3.67%، على أن تتمّ أيّ عمليّة تخصيب لليورانيوم فوقَ هذا المستوى خارج إيران.
تُقارب روسيا الملفّ النوويّ الإيرانيّ انطلاقاً من مصلحتَيْن استراتيجيّتَيْن:
1- أن لا تكونَ إيران المُجاورة لها دولةً نوويّةً بكلّ ما للكلمة من معنى.
2- أن لا يسقط النّظام في إيران، نظراً للتبعات الأمنيّة والفوضى المُحتملة في منطقة القوقاز والمقاطعات الإيرانيّة التي تُعتبر داخل إطار الأمن القوميّ لروسيا.
من هذا المُنطلق، نصحَ بوتين عراقجي أن تذهبَ بلاده إلى مفاوضات حول البرنامج النّوويّ من دون سقفٍ عالٍ يؤدّي إلى تجدّد المواجهة أو الذّهاب بعيداً نحوَ إسقاط نظام الجمهوريّة الإسلاميّة. وكانَ بوتين واضحاً أمام ضيفه الإيرانيّ أنّ بلادَه تُدين الهجوم الإسرائيليّ والأميركيّ على منشآتها النّوويّة.
أكّدَ وزير خارجيّة إيران أمام الكرملين مجدّداً أنّ بلاده لا تسعى إلى برنامج نوويّ عسكريّ، لكنّ موسكو قالت إنّ حيازة أجهزة الطّرد المركزي من الجيل السّادس التي سعت إليها إيران لا تُشير إلى ذلك، خصوصاً أنّ هذه الأجهزة تستطيع تخصيب اليورانيوم فوق مستوى 60%.
أخبرَ بوتين عراقجي أنّ الرّئيس الأميركيّ طلبَ منه التدخّل للمساهمة في التّوصّل إلى حلٍّ لمسألة النوويّ. لكنّه في الوقت عينه أكّدَ أنّ روسيا ومعها الصّين تؤيّدان الحلّ السّياسيّ على أساس تخصيب اليورانيوم على مستوى 3.67%. ونقل نصيحةً روسيّة – صينيّة مُشتركة بأن تسعى إيران إلى محادثاتٍ مع واشنطن ضمنَ رعاية دوليّة بما يُشبه صيغة 5+1 التي أدّت إلى اتّفاق 2015، وليس عبر محادثات ثنائيّة مع واشنطن، وذلكَ لكي يكونَ الاتّفاق أكثر صلابةً. أجابَ عراقجي أنّ بلاده تلقّت رسائل من الأميركيين تُفيد بأنّ واشنطن مهتمّة بمحادثات ثنائيّة، ولم تأتِ على ذكر أيّ مفاوضات أشمل.
تحييد بوشهر… بوساطة روسيّة
جدير بالذّكر أنّ موسكو لعبت دوراً أساسيّاً في تحييد منشأة “بوشهر” النّوويّة عن الاستهداف، خصوصاً أنّ فيها خبراء روساً يُساعدون إيران على توليد الطّاقة والاحتياجات الطّبيّة والصّناعيّة من المُفاعل المُشيّد على شواطئ الخليج العربيّ.
يعتقدُ الرّوس أنّ استدامة وقف إطلاق النّار باتت ممكنة بسبب الاستنزاف الذي تعرّضَ له كلا الجانبَيْن الإسرائيليّ والإيرانيّ. فقد تعرّضت إيران لضربات قاسية لبرنامجها النوويّ وبرنامج الصّواريخ البالستيّة، فيما استُنزِفَت دفاعات تل أبيب الجويّة وطاقات طيّاريها، عدا عن الكلفة الاقتصاديّة العالية التي نجمَت عن أيّام القِتال بفعل توقّف الأعمال المصرفيّة وتصدير الطّاقة وتوقّف كبرى الشّركات عن العَمل، بالإضافة إلى أنّ بعض أنواع الصّواريخ الإيرانيّة سبّبت ضرراً كبيراً في الدّاخل الإسرائيليّ.
المشهدُ الختاميّ
تحتَ ظلال المُفاوضات المكّوكيّة، كانت القنوات الخلفيّة في الدّوحة ومسقط تعملُ على إخراج المشهد الأخير الذي يرسمُ إطار الذّهاب نحوَ وقف إطلاق النّار.
كانت إيران تبحث عن ردٍّ على الولايات المُتّحدة أكبر من قصفِ قاعدة “عين الأسد” بعد اغتيال قاسم سُليْمانيّ، ويكونُ في الوقتِ عينه مقبولاً لدى الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب الذي يقيسُ العمل العسكريّ بالعقليّة التجاريّة. بكلام آخر أرادت طهران أن تحفظَ ماء وجهها بعد تدمير منشآتها النوويّة، من دون أن يستدعي الرّدّ ضربةً أميركيّة قاسية.
وقعَ الخيار على قاعدة العديد في دولة قطر. وهي مقرّ قيادة القوّات الأميركيّة في المنطقة. ولا تضمّ طائرات حربيّة يُمكن أن تطالها الصّواريخ الإيرانيّة، وهي بعيدةٌ على المناطق السّكنيّة وكبيرةٌ لدرجةٍ أنّ الولايات المُتّحدة تستطيع أن تحمي الجنود والعاملين فيها بسهولةٍ من دون أن يُصابَ أيّ واحدٍ منهم بجرحٍ ولو طفيفاً.
بعد تنسيق الرّد وتحضير عوامل الدّفاع الأميركيّ والقطريّ وأدوات الهجوم الإيرانيّ، نفّذت إيران ردّها الصّوَري الذي ليس شيئاً إذا ما قيسَ بحجمِ الضربة الأميركيّة لمنشآت “فوردو” و”نطنز” و”أصفهان”.
هذا ما دفعَ الرّئيس الأميركيّ ترامب إلى “شُكر إيران” على التنسيق المُسبق. وهذا يُظهره بصورة الرّئيس الذي تخشى طهران استفزازه حتّى في حالةِ الحربِ. وبعدَ تنسيق المشهد والرّدّ الذي تحتاج إليه إيران لقبول وقفِ إطلاق النّار والذهاب نحوَ المفاوضات، أعلنَ ترامب وقف الحربِ بين إسرائيل وإيران وقال: “لقد حانَ وقت السّلام”.
لكنّ هذا لا يعني أنّ اتّفاق وقف إطلاق النّار قد يصمد إلى الأبد. فالعوامل السّياسيّة المُنتظرة لنسجِ الاتّفاقِ السّياسيّ قد تدفع أطراف القتال للعودة إليه. فلا إيران أعلنت التخلّي عن طموحها النّوويّ، ولا إسرائيل رسمَت الأفق السّياسيّ لليوم التّالي. ومن هُنا يمكنُ قراءة الاتّفاق بأنّه قد يكون استراحة محاربين، إلّا إذا فاجأ ترامب العالم باتّفاقٍ يعيدُ الأمورَ إلى نصابِها.
ابراهيم ريحان - اساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|