" فيلق الظل".. ما مصير الخبراء الإيرانيين في اليمن بعد حرب الـ12 يوما؟
مع انخراط واشنطن في المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، تزايدت التساؤلات حول مستقبل وجود الخبراء الإيرانيين في اليمن، في ظل تصاعد الضغوط التي تواجهها طهران، وامتداد رقعة العمليات إلى أجزاء من الإقليم.
ورغم إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، فجر اليوم الثلاثاء، عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، عقب ساعات من هجوم طهران الصاروخي على قاعدة "العديد" الأمريكية في دولة قطر، فإن الشكوك الإيرانية ما تزال سائدة، خشية تعرضها لـ"خدعة" جديدة"، ما يبقي المشهد مفتوحا على مزيد من التوتر خلال الساعات المقبلة.
الظهور الأول
ويعود الظهور الأول لخبراء عسكريين من حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني في اليمن، إلى أواخر العقد الأول من القرن الحالي، عبر عمليات تهريب متعددة، قبل أن تبدأ طهران في مارس/ آذار من العام 2015، وعقب انقلاب الحوثيين على الدولة، في تسيير 14 رحلة جوية أسبوعيا إلى العاصمة اليمنية صنعاء بشكل رسمي.
وعلى مدى العقد الماضي، مثّل وجود مستشاري وحدة "فيلق القدس" وخبراء الحرس الثوري الإيراني والخبراء الوافدين من لبنان والعراق إلى الأراضي اليمنية، ركيزة أساسية في بناء ترسانة الحوثيين الصاروخية وطائراتها المسيرة المختلفة، إلى جانب دورهم البارز في تطوير شبكات الاتصالات العسكرية والتكتيكات البحرية؛ ما مكّن الميليشيا من تهديد الملاحة الدولية وتعزيز نفوذها العسكري في المنطقة.
ومنذ بدء حملة تل أبيب العسكرية على طهران، شهدت الهجمات الحوثية على إسرائيل تراجعا ملحوظا، فيما لم تنفذ الجماعة وعيدها الأخير، بشأن استئناف عملياتها العسكرية ضد السفن والبوارج الأمريكية في البحر الأحمر، في حال تدخّل واشنطن المباشر في الهجوم على إيران.
ويأتي هذا الانحسار رغم تأكيدات زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي، على دعم جماعته لطهران وموقفها؛ وهو ما يعزز التكهنات حول اضطراب في تنسيق العمليات بين الجانبين جراء تقليص إيران لأعداد مستشاريها في اليمن، وانشغالها بالوضع الداخلي الأكثر إلحاحا.
جزء محوري
وأكد وكيل وزارة الإعلام اليمنية، فياض النعمان، أن إيران لا تنظر إلى اليمن كساحة ثانوية، "بل كجزء محوري من منظومة نفوذها الإقليمي، وهو أحد أعمدة مشروعها الإرهابي في المنطقة، خاصة بعد سقوط نظام الأسد في سوريا وضرب حزب الله اللبناني".
ورغم عدم استبعاده لجوء طهران إلى تغييرات تكتيكية في إدارة حضورها الميداني في اليمن، وإجراء تخفيض رمزي لأعداد بعض خبرائها أو إعادة تموضعهم تجنبا للاستهداف، أشار المسؤول اليمني إلى عدم واقعية هذه الفرضية في الوقت الحالي على الأقل.
وقال النعمان في حديثه لـ"إرم نيوز"، إنه مع اتساع ساحات المواجهة الإيرانية، فإن احتمالات استخدام الحوثيين كورقة ضغط إضافية للحرس الثوري تتزايد، في ظل تصاعد التهديدات التي تواجهها إيران، وانسجام ذلك مع العقيدة الإيرانية القائمة على إدارة الأزمات عبر تعدد الجبهات وتكثيف أوراق الضغط لا تقليصها.
وأشار إلى أن سحب الخبراء أو المستشارين الإيرانيين من اليمن، سيوجه ضربة قاسية للميليشيا الحوثية "التي تعتمد بشكل كبير على الدعم التقني واللوجستي والاستخباري القادم من طهران، عبر ممثلي الحرس الثوري المتواجدين على الأراضي اليمنية".
استثمار استراتيجي
من جهته، يقول الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد الركن ياسر صالح، إن الخبراء الإيرانيين في اليمن "مسؤولون بشكل مباشر عن التحكم في مسرح عمليات الصواريخ والطائرات المسيرة المنطلقة من أراضيه، إضافة إلى دورهم الأساسي في عملية التصنيع والتعديل والتطوير لكل ما يخص القدرات الحوثية المتقدمة".
وذكر في حديثه لـ"إرم نيوز"، أنه منذ تأسيس الجماعة الحوثية، عملت إيران على تحويلها إلى سلاح ردع استراتيجي لها، "وفي العام 2024، أدركت طهران حجم هذا السلاح ومدى تأثيره السلبي على الاقتصاد العالمي، ومن ثم إمكانية استخدامه في ليّ ذراع العالم وفي مقايضة المجتمع الدولي".
وبحسب صالح، فإن إيران لم تلعب بعد بورقة "حرب المضائق" رغم تلويحها المستمر باستهداف مضيق هرمز وباب المندب، "وهذا برأيي هو السبب الرئيس للاستثمار في جماعة الحوثي والإنفاق عليها طوال 45 سنة، فذلك يعود إلى موقعها الجيوسياسي وإشرافها على باب المندب".
وبيّن أن انسحاب الخبراء الإيرانيين من اليمن، يعني عمليا فقدان طهران لسلاح استراتيجي بالغ الأهمية، خصوصا أن معركتها الحالية لا تشمل اشتباكا بريا مباشرا؛ ما يتطلب استعادتهم إلى الداخل الإيراني، لتعويض من قضوا في الهجمات الإسرائيلية.
ولفت إلى احتمالية لجوء إيران لسحب خبرائها، كما حدث مع بعض كوادر حزب الله، الذين غادروا اليمن بعد الهجوم الإسرائيلي على لبنان منتصف العام الماضي، "لكن الظروف مختلفة حاليا، وإذا اضطرت طهران فعليا إلى تقليص وجودها في اليمن، فإن ذلك سيكون في مراحل متأخرة جدا من الحرب، وليس في الوقت الراهن".
فراغ تقني
بدوره، توقع محلل الشؤون الأمنية، عاصم المجاهد، أن تخفض إيران من انخراطها المباشر دون أن تتخلى بشكل كلي عن الميدان اليمني، وذلك "مقابل تعزيز نمط الدعم عن بُعد، وإعادة توزيع الموارد بطريقة تبقي قنوات الاستشارة قائمة، لكن دون الحضور العسكري الفاعل، كما في السابق".
وقال المجاهد في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن ذلك قد يقود إلى تراجع في مستوى الضربات الدقيقة للحوثيين، أو تأخير على مستوى إدخال التقنيات الجديدة، "لكن دون انهيار مباشر في قدرات الميليشيا التي عملت طهران على بناء حد أدنى من استقلاليتها التشغيلية".
وأشار إلى أن أي انسحاب جزئي أو كلي لمستشاري الحرس الثوري الإيراني، سيخلق فراغا تقنيا مؤقتا، لكنه لن يعطل المنظومة المحلية المتكاملة التي تدربت الميليشيا إيرانيا على برمجتها، كما تدربت على الاتصالات وإدارة العمليات، وصولا إلى التجميع والتعديل، وراكمت خبرات تشغيلية لا بأس بها، على مدى السنوات الماضية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|