إقتصاد

سبع سنوات عجاف: الاقتصاد خسر 52% من حجمه

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

سبع سنوات عجاف مرّت على لبنان، ضاعت خلالها فرص توزيع الخسائر والإصلاح التي كان يمكن أن تُعيد الدولة إلى دائرة الاستقرار والنهوض تمهيداً للازدهار.

خلال هذه المدة، انهارت كل الأسس التي بُني عليها الاقتصاد السياسي اللبناني في فترة ما بعد الحرب الأهلية، وحملت معها تداعيات هائلة خسر الاقتصاد بموجبها 40% من ناتجه المحلّي، وقسماً كبيراً من احتياطاته بالعملة الأجنبية التي كانت تمثّل «القشّة» التي يمكن أن تعيد رسم المسار لو استثمرت بشكل صحيح. كذلك خسر المجتمع في هذه المدة فرصة الانتقال نحو نموذج جديد منتج. خسر لبنان الكثير في سبع سنوات عجاف.

في التقرير الأخير الصادر عن البنك الدولي، صدرت أرقام جديدة عن المؤشرات المرتبطة بما حصل في السنوات السبع. فقد توقفت عجلة النموّ المحلي، وباتت الخدمات التي تلبي الاحتياجات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والرعاية الصحية والتعليم عرضة للتردّي.

ولم تقف خسائر المدة ما بين 2018 و2025، عند حدود الأرقام فحسب، بل سُجِّل فيها تراجع ملموس في المستوى المعيشي اليومي.

وبحسب الصندوق، فإن الاقتصاد خسر نحو 52% من حجمه الحقيقي بين نهاية 2018 ونهاية 2024. في السنة الأولى سجّل انكماشاً بنسبة 1.9%، وفي الثانية 6.9%، و21.4% في الثالثة، و7% في الرابعة، و0.6% في الخامسة، و0.8% في السادسة، و7.1% في السنة السابعة. وضمن هذا الانكماش التراكمي، يظهر بحسب البنك أن القطاعات الأكثر تضرراً كانت الزراعة والتجارة والسياحة، التي شكّلت مجتمعة نحو 77% من الخسائر الاقتصادية منذ 2019.

ولم ينجُ «القطاع الخارجي» من هذه الأزمة، وهو مصطلح تستخدمه المؤسسات الدولية للحديث عن العلاقة المالية للاقتصاد مع الخارج ويُقصد بها كل ما يندرج تحت ميزان المدفوعات من حساب جارٍ وميزان تجاري وحساب رأس المال والحساب المالي.

فبحسب البنك الدولي، ظلّ العجز في الحساب الجاري كبيراً رغم الأزمة وما شهدته من انهيار في القدرة الشرائية للعملة.

فمع أن فجوة الحساب الجاري انخفضت إلى 22.2% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، مقابل نحو 28% في 2023، بسبب انكماش الواردات بنسبة 11% وانخفاض العجز التجاري إلى 44.5% من الناتج المحلي، لا تزال الفجوة في الحساب الجاري كبيرة.

غير أن هذا التحسّن النسبي لم يُترجَم إلى قدرة على تمويل الفجوة القائمة، إذ لم تعد الخدمات السياحية قادرة على تعويض تراجع الواردات، وتحول رصيد تجارة الخدمات إلى عجز بلغ 3.3% من الناتج المحلي.

وبناءً عليه، يتوقع البنك الدولي أن يستمرّ العجز في الحساب الجاري عند مستوى مرتفع يبلغ 15.3% في 2025، مدفوعاً أساساً بفجوة الميزان التجاري رغم تحسُّن المؤشرات الاسمية الناتج من ارتفاع قاعدة الناتج المحلي الإجمالي.

خلال الأشهر الأخيرة من 2023، شهد سعر الصرف الاسمي استقراراً عند مستوى 89,500 ليرة للدولار، بداية من آب 2023، بعد سنوات من الانهيار الحاد لليرة.

ويُرجّح البنك الدولي أن هذا الاستقرار يعود نسبياً إلى تحسُّن تحصيل الضرائب بالليرة وارتفاع الودائع السيادية لدى مصرف لبنان التي أسهمت في تخفيف ضغوط السيولة على سعر الصرف. علماً بأنه منذ 2019 فقدت العملة 98% من قيمتها.

غير أن هذا الهدوء النسبي في سعر الصرف لم يُترجَم إلى زيادة في الإنتاج أو الصادرات، إذ لم تؤدِّ عمليات تراجع سعر الصرف الفعلية إلى تعزيز القدرة التنافسية للصادرات، نظراً إلى المشكلات البنيوية التي تعوق قطاع التجارة والصناعة في لبنان، بما في ذلك البنية التحتيّة المتداعية وشبكات الإنتاج المشتتة وضعف ربط القطاع الخاص بالأسواق الدولية، وهي كلها مسؤولية الدولة.

على صعيد الأسعار، بحسب البنك الدولي خرج لبنان، إلى حدّ ما، من الدورة التضخمية المفرطة خلال عام 2024، إذ بلغ متوسط التضخّم السنوي 45.2%، وهو مستوى لم يُسجَّل منذ سنة 2020، قبل أن يبدأ بالتراجع المتسارع مع استقرار سعر الصرف.

ويرصد البنك أن أبرز مكوّنات مؤشر الأسعار قد أصبحت مدولرة، بما في ذلك السكن والطعام والطاقة، ما جعل التضخّم يتحرّك بالتوازي مع سعر الصرف أكثر من تأثّره بالتضخّم العالمي وحده.

ووفق توقعات البنك سينخفض التضخّم إلى 15.2% في 2025 إذا استمرّ الاستقرار في سعر الصرف وتراجعت ضغوط التضخّم العالمي.

لكن الخطير في هذا الأمر هو أن التضخّم أصبح مدولراً، أي إن ارتفاع الأسعار في الاقتصاد أصبح بالدولار، وفي حين أن هذا التضخّم أصبح أقل حجماً، إلا أنه أصبح أكثر تأثيراً على معيشة اللبنانيين.

وأخيراً، تدهورت المالية العامة بشكل حادّ مع انهيار الإيرادات وتضخّم الإنفاق لتغطية فواتير الدولة المتراكمة. وفي عام 2024 سُجّلَ تحوّل طفيف؛ إذ ارتفعت الإيرادات لتصل إلى 15.3% من الناتج المحلي بفضل «تحسّن الجباية وارتفاع حصيلة الضرائب بالليرة»، بينما بلغت المصروفات 14.7% من الناتج، فأدّى ذلك إلى تحقيق فائض زاد على 0.5 % من الناتج للمرة الأولى منذ الأزمة.

وقد مكّن هذا الفائض المصرف المركزي من تجميع ودائع سيادية إضافية. صحيح أن هذه المؤشرات قد تُظهر تحسناً، ولكن هذا الأمر لا يعكس تحسناً على أرض الواقع، إذ إن البنك الدولي يعترف بنفسه أن الاقتصاد اللبناني «يحتاج بشدّة» إلى إنفاقات رأسمالية، خصوصاً على الخدمات العامة، إلا أن السياسة المالية المتبعة لا تؤمّن ما هو مطلوب من هذه الاستثمارات.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا