الصحافة

لم يبق لـ”الحزب” سوى التضامن!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

من حقّ “حزب الله” أن يعلن موقفًا داعمًا ومتضامنًا مع إيران، ويشحنه بكلّ مفردات العنفوان والبطولة والمديح للقائد الولي الفقيه علي خامنئي إلى درجة الذوبان، لأنّ إسرائيل هي المُعتدية أولًا، ولأنّ الملالي، وهذا الأهمّ، هم ولي نعمة “حزب الله” ثانيًا، ولأنّ عناصر الحزب يأكلون ويشربون ويلبسون ويصرفون بدل معيشة ويتسلّحون من ولاية الفقيه ثالثًا، كما كان يتباهى الأمين العام السابق حسن نصر الله.

وما قاله بالأمس الأمين العام نعيم قاسم من كلمات ثناء وتضامن وإشادة بخامنئي يبقى قليلًا طبعًا، لذلك أعلن أنّ الحزب لن يقف على الحياد. ولكن عدم الوقوف على الحياد، ماذا يعني؟ هل الانحياز سياسيًا أم المشاركة في الحرب؟ الموقف الكلامي هو تحصيل حاصل، غير أن صمت الحزب كان لافتًا، وكلام قاسم التضامني يصدر بعد أسبوعٍ على بداية الحرب، ويوضح خلاله قاسم أن الحزب “يتصرّف بما يراه مناسبًا”.

كلامٌ مبهمٌ بطبيعة الحال، فما هو الممكن الذي يراه مناسبًا؟ فإن كان يفكر بالدخول في الحرب بما تبقّى له من صواريخ، فقد فات الأوان، وهل يملك سلاحًا أهمّ من السلاح الذي تملكه إيران، أم لديه الطيران الحربي الذي لا تملكه إيران، إذ إنّ إسرائيل باتت تسيطر على سماء طهران؟

ويبدو أنّ الحسم الآن يتوقّف على تدمير المفاعل النووي الأهم “فوردو”، الذي يقع على عمق نحو 80 مترًا تحت الأرض، والذي ليس لأحدٍ القدرة على تدميره سوى الولايات المتحدة. ولذلك يقوم ترامب بابتزاز إيران وإسرائيل على السّواء، إذ إن خامنئي يعيش رعب هذا القرار، ويرفض حتى الآن تجرّع كأس السمّ الذي تجرّعه عام 1988 قبله قائد “الثورة الإسلامية” روح الله الخميني بعد حربٍ دامت ثماني سنوات مع العراق، الذي كان يحكمه البعثي صدام حسين. وكذلك إسرائيل، التي باتت أسيرة مفاعل فوردو، على الرَّغم من الدمار الذي خلّفه القصف والاغتيالات التي طالت علماء نوويين وقادة عسكريين إيرانيين، ما أعطى إيران متنفّسًا لتفعيل صواريخها وإلحاق أضرار بالمدنيين في إسرائيل.

إلّا أنّ نتنياهو، وبطبيعة الحال ترامب، الذي يصرّ على استسلام إيران، عليهما إنهاء فوردو إذا كانا يريدان فعلًا إنهاء السلاح النووي الإيراني، الذي يخوضان الحرب من أجله. ويبدو أن أوروبا تدعم هذا التوجّه. وهكذا، ليس هناك من دولةٍ تدعم إيران، حتّى روسيا التي تطرح نفسها وسيطًا، وليس هناك بالتالي حلولٌ أخرى أو مخارج أمام النظام الإيراني.

في المقابل، فإنّ الأسلوب الذي تتّبعه إسرائيل في إيران هو تقريبًا نفسه الذي اتُبع مع “حزب الله” في لبنان، مع فارق أن نصر الله كان أوّل الذين اغتالتهم، وكرّت وراءه سبحة تصفية القيادات السياسية والعسكرية، ثم جاء دور الكوادر وقيادات المناطق، والمستمرّ حتى اليوم. فهل سيتمكن خامنئي من إنقاذ نفسه ونظامه؟ أم يلجأ إلى القول المأثور: “عليَّ وعلى أعدائي”؟ فيما ترامب يُراهن على تراجع طهران، أم إنّه يخادع؟ طبعًا، الفترة التي وافق فيها الخميني على تجرّع كأس السمّ كانت تختلف عن الوضع الحالي، إذ إن “الثورة الإسلامية” كانت في أوّل سنواتها، وفضّل الخميني أن ينصرف إلى ترسيخها وتعزيزها، فيما اليوم فقد أصبح عمر إيران ستًّا وأربعين سنةً، علمًا أنّ خامنئي يواجه اليوم إسرائيل وأميركا، وليس العراق.

أمام هذه الحرب المدمّرة والمعقّدة، التي يعلم نعيم قاسم ألّا دور لحزبه فيها، لا عسكري ولا سياسي، غير التضامن، فكيف له أن يعتبر الحرب في إيران نموذجًا للبنانيين الأحرار؟ ألا يكفي ما دفعوه في حرب “التشغيل والإسناد” من ضحايا ودمار وخراب، ومئات الآلاف النازحين؟ ففي هجوم “البيجرز” ذهب ما لا يقل عن أربعة آلاف شهيد. وردّ وزير الدفاع الإسرائيلي قائلًا: “لم يتعلم “حزب الله” الدرس، وصبر إسرائيل نفد”. كما أنّ قاسم يتناسى أنه مُوقِّع على اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، وعلى القرار 1701، الذي يتضمّن القرار 1559، الذي ينصّ على تسليم السلاح، وأنّ الحكومة، التي هم ممثَّلون فيها، قرارها هو حصر السلاح بيد الدولة. فهل يريد أن يأخذ الشباب اللبناني إلى التهلكة مرةً أخرى؟ وهل ينتبه أنه حتّى اليوم، منذ استلامه الأمانة العامة، لم يخاطِب جمهورَه إلا عبر كلمةٍ مسجّلة؟.

سعد كيوان -”هنا لبنان”

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا