الدولة تتحدّى المواد الكيمائية الخطِرة: متروكة في المرفأ!

كتبت الأخبار: بعد مرور 12 سنة على وجود 221 مستوعباً من المواد الكيميائية الخطرة في مرفأ بيروت، وبعد مضي سنتين على معالجة شركة «combilift» الألمانية محتويات هذه المستوعبات بعقود تجاوزت قيمتها المليوني دولار، تبيّن أن هذه الشركة تركت 12 مستوعباً على أرض المرفأ تحتوي بقايا مواد قابلة للاشتعال بذريعة «انتهاء العقد بينها وبين الدولة اللبنانية».
إزاء هذه المشكلة، بدأت الإدارات المعنيّة على المرفأ تتقاذف المسؤولية متجاهلة ما حصل في آب 2020 في مرفأ بيروت.
فعلى مدى سنتين، ومنذ عام 2023، لم تحدّد أجهزة الدولة من جيش، جمارك، أمن عام، مجلس البحوث العلمية، ووزارة البيئة، الجهة المعنية بمعالجة بقايا مواد خطرة.
واستمرّ هذا النقاش، إلى أن رفعت وزارة الأشغال العامة الأمر إلى مجلس الوزراء في أيار 2025. وقالت الوزارة نقلاً عن تقارير من اللجنة المؤقتة لإدارة مرفأ بيروت، إن شركة «combilift» أفرغت الحاويات من محتوياتها وتركت وراءها عدداً من البراميل التي تحتوي البقايا الكيميائية الخطرة.
وفي الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، كلّفت إدارة الجمارك «القيام بالإجراءات اللازمة لترحيل المواد الخطرة»، على أن تموّل هذه العملية من احتياط الموازنة، وأن تتابع وزارة العدل التحقيقات لمعرفة أصحاب هذه الحاويات، من المستورد وصولاً إلى المستفيد، ثمّ إلزامهم بنفقات ترحيلها، بحسب مبدأ «الملوث يدفع» الوارد في قانون حماية البيئة رقم 444.
إذاً، منذ 12 سنة لدينا حاويات فيها مواد خطرة ولا أحد في الدولة لديه علم بهوية أصحابها، ثم أتت شركة ألمانية خلّفت وراءها بقايا من هذه المواد رغم تسديد مليوني دولار لها.
وكان لافتاً أن البيروقراطية الإدارية كانت تغطّي هذا الملف بأقصى طاقتها. إذ تطلّب الأمر نحو سنتين لاكتشاف أن الشركة الألمانية خلّفت بقايا مواد خطرة.
في عام 2023 طلبت إدارة الجمارك من اللجنة المؤقتة إدارة المرفأ معالجة أمر «مستوعبات متروكة من combilift»، فعمدت وزارة الأشغال إلى تكليف إدارة المرفأ بـ«اتخاذ الإجراءات والتدابير الفورية»، وبعد 18 شهراً، أي في آذار 2025، كلّفت إدارة المرفأ شركة «APAVE»، للتعامل مع المواد الخطرة بالكشف على المستوعبات وأخذ عيّنات منها.
وفي هذا الوقت صدر تقرير من مجلس الأمن الداخلي المركزي وحطّ في وزارة الداخلية، ثمّ في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وفيه تفصيل بقايا المواد الكيميائية الخطرة.
ومن جهتها، راسلت إدارة الجمارك وزارة البيئة، وطلبت منها تلف المستوعبات المتبقية. وعند هذه النقطة فقط، أبلغت اللجنة المؤقتة لإدارة مرفأ بيروت، وزارة الداخلية، بأن شركة «combilift» أفرغت المستوعبات الـ221 من دون معالجة البقايا.
وفي وقت لاحق، أي في أيار 2025، غسلت وزارة البيئة أيديها من المواد المتروكة على المرفأ، وأفادت بأنّ «السلامة العامة لا تقع ضمن صلاحياتها، وأنها تُعنى فقط بموضوع السلامة البيئية.
ووضعت الكرة في ملعب البلديات والمديرية العامة للدفاع المدني، مستندةً في ذلك إلى المرسومين الاشتراعيين 118 (قانون البلديات)، و50 (نظام الدفاع المدني).
أما المجلس الوطني للبحوث العلمية، فطلب من مجلس الوزراء «تكليف سرية أسلحة الدمار الشامل التابعة لفوج الهندسة في الجيش اللبناني، بإجراء عملية التلف»، وأبلغ الحكومة استعداده لمواكبة هذه العملية بالفحوصات المخبرية المطلوبة.
وبعد مرور 10 أيام على مراسلة مجلس الوزراء وعدم حصول أيّ تجاوب، ذكّر المجلس بـ«ضرورة المباشرة الفورية بعملية التلف في حال تبيّن أنّ الحاويات تحتوي مواد كيميائية قابلة للاشتعال، أو سامة».
83 طناً «محروسة» في معمل الذوق
على طاولة الحكومة اليوم، بندٌ مؤجلٌ من الجلسة السابقة، يتعلق بمواد كيميائية خطِرة ومنتهية الصلاحية موجودة في معمل الذوق الحراري.
كان يفترض أن تتلفها الشركة نفسها الموكلة بتلف المواد في مرفأ بيروت، أي «combilift» الألمانية. ولكن، بدلاً من العمل على نقل هذه المواد البالغة 83 طناً، أبلغت الشركة الألمانية، مؤسسة كهرباء لبنان، بأنّ «المواد غير خطرة وغير قابلة للاشتعال».
ومنذ فتح ملف هذه المواد في آذار 2022، لم تتحرّك الحكومة، باستثناء أنها كلّفت الجيش تأمين نقطة حراسة في معمل الذوق، والكشف على المواد الكيميائية وجردها. وطلبت فقط، من دون أي متابعة، من وزارة الطاقة ومؤسسة الكهرباء «الإسراع في إجراءات تلزيم عملية توضيب، ونقل، وترحيل المواد الكيميائية عن طريق الاتفاق بالتراضي».
وبعد مرور 3 سنوات، لا تزال المواد قابعة في مكانها بلا تلف أو نقل. وفي النتيجة، تبيّن أنّها كانت تستخدم في معمل الذوق الحراري القديم، وبسبب إخراج المعمل القديم عن الخدمة وتشغيل المحرّكات العكسية الجديدة فيه فقط، تراكمت هذه المواد، ولم يعمل أحد على تلفها أو إزالتها.
ورغم التطمينات بأنّها غير قابلة للاشتعال، تُعدّ هذه المواد الكيميائية «خطرة لأنّ كمياتها كبيرة، ويمكن أن تتحلل بسبب الحرارة أو الرطوبة لتتحوّل إلى مواد خطرة وقابلة للاشتعال».
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|