الصحافة

"الكتائب" تحمي الحافظ من المخابرات السورية قبل انتقاله إلى بشرّي

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بعد وصول الرئيس السوري أمين الحافظ إلى بيت "الكتائب" في طرابلس، وُضعت خطّة سريعة لحمايته، أعدّها كلود قنطرا وجميل الصراف مع مسؤول عسكري بعثي من آل الزعبي، وتقرر أن يبيت الرئيس الحافظ في إحدى الغرف بعد أن يتمّ تجهيزها مع فؤاد الأدهمي، فيما يبقى 3 أو 4 شبان كتائبيين ممن عرفوا بالقوة والبأس في بهو البيت، ويرابط حول المنزل عدد من شباب "البعث" الجاهزين للتدخل عند حدوث أي أمر طارئ.


حلّ الليل على طرابلس وبدأ تنفيذ الخطة، وبحسب ما أخبر لاحقًا فؤاد الأدهمي أن أحدًا لم ينم تلك الليلة، فهو شخصيًّا كان خائفًا من أن يصل رجال المخابرات السورية إليهم.

صباحًا قد يكون بعض سكان الحيّ حيث بيت "الكتائب"، لاحظوا أن بائعي الخضار عبر "عرباتهم" ازداد عددهم وبدل أن يجولوا الشوارع منادين "على بضاعتهم" كانوا يجلسون إلى جانبها يتحدثون مع بعض ضيوفهم، وتبيّن أنهم (الباعة وزبائنهم أو ضيوفهم) كانوا الحراس الذين أرسلهم حزب "البعث" لحماية الرئيس الحافظ وكانت أسلحتهم مخبأة داخل عربات الخضار.

وعلى بعد أقل من 100 متر من بيت "الكتائب" كان هناك محل يبيع القماش صاحبه بعثي، أبقى أبواب محله مفتوحة تلك الأيام طوال الليل منتظرًا قدوم سلع جديدة تأخّر وصولها، وكان البعثيون يراقبون مدخل بيت "الكتائب" من أمام وداخل ذاك المحل.

أما داخل بيت "الكتائب" فلم تتبدل الأوضاع كثيرًا، فالحركة داخله لا تتوقف ليل نهار. وفي اليوم التالي انضمّ إلى الرئيس الحافظ، المفكر البعثي هشام ازمرلي وكان يومها مدير مكتب ميشال عفلق مؤسس "البعث".

أخبر لاحقًا فؤاد الأدهمي أن الرئيس الحافظ أبدى حينها إعجابه بهذا النشاط في بيت "الكتائب".

ماذا جرى في قصر المنتزه بعد مغادرة الحافظ؟

صباح اليوم التالي للمغادرة، وصل إلى فندق قصر المنتزه 4 شبان سوريين وحجزوا غرفتين لمدة أسبوع، دفعوا أيجارهما مسبقًا: أدرك مسؤولو الفندق أنهم فرقة الاغتيال المكلّفة بقتل الرئيس الحافظ واللواء عمران.


مكث الشبان الأربعة طوال النهار في بهو الفندق وجواره، ولكن يبدو أنهم أدركوا أن من يقصدونهما غادرا الفندق، فرحلوا بدورهم عند المغيب ولم يعودوا مرّة أخرى.

مكث الرئيس الحافظ في بيت "الكتائب" ليلتين أو ثلاث، ومع تأخّر أوراق سفره بات منزعجًا من إقامته كالسجين، وكان يتخوف من حصول أي إشكال مسلّح يعرّض المدنيين للأذية.

ومن زوّاره في بيت "الكتائب"، كان الشيخ سليم الخوري، فدعاه لمرافقته إلى شركة قاديشا التي كان مديرها العام، فرافقه خفية، ومن قاديشا صعدا إلى منزل الشيخ سليم في بشري البعيدة عن أعين المخابرات السورية.

لم يمكث الرئيس الحافظ في بشرّي سوى ليلة أو ليلتين حيث وصله خبر بضرورة الانتقال إلى بيروت، فغادر على الفور ومن بيروت توجه إلى بغداد.

وتجدر الإشارة، إلى أنّ استقبال الرئيس أمين الحافظ للشيخ سليم الخوري، منع الأخير أيضًا من زيارة سوريا، حتى لقاء رفعت الأسد بالشيخ يوسف الضاهر سنة 1972. خلال وجودهما في بغداد وعند لقائهما بمسؤولين كتائبيين وقواتيين كان الدكتور عبد المجيد الرافعي والرئيس أمين الحافظ يستذكران هذه الحادثة ويرويان تفاصيلها، وأكثر من لبناني سمعها منهما، مستذكرين بخاصة الشيخ يوسف الضاهر وكرمه مع ضيوفه. وفي أحد لقاءاتي مع الدكتور عبد المجيد الرافعي بعد عودته إلى طرابلس، ذكّرته بما جرى يومها فأعاد سرد ما زال عالقاً في ذهنه. وردًّا على استفسارٍ، أبدى تعجبه كيف أن الرئيس أمين الحافظ لم يذكرها خلال حديثه إلى قناة الجزيرة الفضائية: قد يكون نسيها بعد كل تلك السنوات.


هذه كانت قصة لجوء الرئيس السوري أمين الحافظ إلى بيت "الكتائب" في طرابلس، رويتها كما أخبرني إياها من عايش تلك الأيام. وتجدر الإشارة إلى أنه رغم الاختلاف السياسي، بقيت العلاقة جيدة جدًّا بين بعثيي (جناح العراق) وكتائبيي طرابلس، وكان رُكنا هذا التقارب الدكتور عبد المجيد الرافعي والشيخ يوسف الضاهر، وفي انتخابات 1972 صبّت أصوات المسيحيين في طرابلس لصالح الدكتور الرافعي بنسبة تجاوزت في بعض الأقلام المسيحية الـ 80 %. وبعد خروج "الكتائب" من طرابلس مع اندلاع الحرب سنة 1975 بقي فيها بعض الكتائبيين وعائلاتهم، فأمّن حزب "البعث" حمايتهم حتى سيطرة مجموعات حركة "التوحيد الاسلامي" سنة 1983، الذين قاموا بقتل الشاب الكتائبي ميشال حديد، وكان رفض مغادرة طرابلس رغم كل التحذيرات التي وصلته، ونتج عن مقتله توسيع الخلاف مع البعثيين الطرابلسيين بشكل كبير، ومن يومها انتهى الوجود المسيحي في طرابلس تقريبًا.

المصدر: نداء الوطن
الكاتب: نبيل يوسف

 

 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا