على قاب قوسين أو أدنى من الانفجار قبيل الإنفراج
مع كل ساعة إضافية من الحرب الإسرائيلية ـ الإيرانية يرتفع منسوب القلق على ما يمكن أن تؤدي اليه في اليوم التالي على عبور أسبوعها الاول، بعدما جُنّدت لها الطاقات العسكرية والتكنولوجية المتوافرة لدى الطرفين وحلفائها. وفي انتظار أن يقول الرئيس الأميركي دونالد ترامب كلمته في شأن التدخّل في الحرب من عدمه، وما يمكن ان يعكسه من توجّه يوازي بين احتمالي الانفجار والانفراج. وعليه، ما الذي يقود إلى هذا السيناريو؟
عشية اليوم السابع من الحرب الإسرائيلية ـ الإيرانية المباشرة، تسارعت التطورات وتعدّدت المواقف من فصولها، وباتت على مسافة قاب قوسين أو أدنى من الانفجار الكبير، إن انخرطت الولايات المتحدة الاميركية فيها إلى جانب إسرائيل علناً، ورفعت من مستوى تدخّلها بأن تقتصر مشاركتها على ما توفره لإسرائيل من مساعدات غير منظورة على مستوى الدعم اللوجستي والعسكري والتقني، كما الاستخباراتي. وكأنّ ما هو ناقص بات محصوراً بأن توجّه واشنطن بقوتها الخارقة، الضربة «القاضية» لمنشآت مفاعل «فوردو» النووي المخصص للتخصيب العالي الجودة بمنسوبه المؤدي إلى التصنيع لأغراض عسكرية، وقطع الخطوة الأولى على طريق انضمام إيران إلى نادي الدول النووية.
ولا تقف القراءات السياسية والديبلوماسية ومعها الخبراء العسكريون، عند هذه المعطيات فحسب، إنما تتعداها إلى إعادة قراءة المشهد المستجد منذ الجمعة الماضي، عندما وجّهت تل أبيب ضربتها لطهران وقتلت مجموعة من الخبراء النوويين وقادة في الجيش والحرس الثوري الإيراني بمختلف فروعه البرية والصاروخية والجو – فضائية بطريقة مذهلة، وضعت إيران في مرمى المفاجأة الكبرى قبل أن تعيد تصويب أدائها العسكري وما يمكن أن تقدّمه من عروض جديدة لم تتعرف عليها الحروب التقليدية سابقاً، إلى درجة ما زال القادة الإيرانيون يؤكّدون انّهم لم يستخدموا بعد كل قوتهم العسكرية، وهو أمر يفضي تلقائياً إلى الحديث عن التقدّم الذي حققته في صناعة الصواريخ البالستية الفرط صوتية أو تلك المخصصة لإطلاق «الأقمار الصناعية»، والتي قيل إنّها استخدمتها في عمليات حربية استهدفت مواقع إسرائيلية عسكرية وأمنية دقيقة وحساسة بطريقة يصعب مراقبتها او التصدّي لها، لمجرد عبورها المسافة الفاصلة بين الأراضي الإيرانية والفلسطينية المحتلة من أعلى طبقات الفضاء الخارجي غير المضبوط والمراقب بنحو دقيق من الجانب الإسرائيلي. هذا إن صحّت المعلومات التي تمّ تداولها في الساعات الأخيرة عن مثل هذه التقنية الجديدة التي تتفرّد بها طهران. وهي عملية إن ثبت وجودها يمكن أن تعيد في وقت قياسي التوازن المفقود إلى اليوم بين قدرات البلدين العسكرية والتقنية. كما أنّها تؤجّل الحديث عن إمكان استسلام إيران او السعي إلى طلب تجميد او وقف العمليات العسكرية او أي نوع من التفاهمات الموقتة، قبل ان تستعيد الحدّ الأدنى المطلوب من المعنويات التي تحتاجها تجاه شعبها وحلفائها، لئلا تحضر على طاولة المفاوضات مطأطئة الرأس كما تريد واشنطن وتل أبيب.
على هذه الخلفيات، توجّهت الأنظار إلى واشنطن وطهران لقراءة ما يمكن ان تعكسه المواقف الأخيرة العالية النبرة من جدّية للمضي في المواجهة العسكرية، وإمكان الانتقال بها إلى مراحل أكثر توسعاً، ليس على مستوى استخدام مزيد من الأسلحة الخارقة، انما على مستوى توسيع رقعة عملياتها لتشمل المناطق المحيطة بالقواعد العسكرية الأميركية المنتشرة في دول الجوار الإيراني من عمق الخليج العربي بدوله كافة إلى البحر المتوسط والمحيطات والبحار المحيطة بها، التي انتقلت إليها حاملة الطائرات الأميركية «نيميتز» وما يرافقها من بوارج وغواصات متخصصة، ونظيراتها التي سبقتها إلى المنطقة وفي شرق المتوسط، عدا عن عشرات الطائرات الخاصة بالتزود بالوقود والقاذفات الاستراتيجية من نوع «B2».
وعلى هامش هذه التطورات، يجدر التوقف عند مدلولات المواقف العالية النبرة للمرشد الإيراني علي خامنئي، الذي أطلق ما وصفه «المعركة» ضدّ إسرائيل وكأنّها بدأت اليوم. وزاد في سلسلة تدوينات نشرها فجر أمس عبر منصة «إكس» حرفياً «أنّ طهران لن تدخل في أي مساومة مع الكيان الصهيوني». مضيفاً بعبارات وآيات قرآنية تحاكي المفردات اليهودية التي استخدمتها تل أبيب في تسمية حروبها «التلمودية». فقال في تدوينته الأولى «باسم حيدر الجبار تبدأ المعركة». وفي إشارة رمزية، أضاف في الثانية «علي يعود إلى خيبر مع ذو الفقار»، في استدعاء رمزي للتراث الإسلامي ومعارك الإمام علي بن أبي طالب وتحديداً نزعه باب حصن خيبر الذي كان يتحصن فيه اليهود.
وكل ذلك يجري متزامناً مع مجموعة من تصريحات وتغريدات لترامب الذي هدّد خامنئي بإمكان اغتياله، ودعا أهالي طهران إلى اخلائها بكل أحيائها، ما يوحي انّ في الإمكان أن تُستخدم أسلحة متطورة تؤذي سكان العاصمة وأطرافها المترامية، فلا تقتصر أضرارها على محيط المقار والمراكز والمصانع العسكرية المستهدفة على قاعدة ضرورة إنهاء الحرب والتقدّم في اتجاه عملية سلمية متقدّمة تنهي النزاع في المنطقة، كما قال ترامب الذي يحلم ببلوغ هذه المرحلة المتقدمة، مطالباً إيران باختصار الطريق اليها باستسلامها الكامل غير المشروط.
وبناءً على كل ما تقدّم، تقول المراجع الديبلوماسية والاستخباراتية المطلعة، إنّ التطورات توحي بإمكان بلوغ مرحلة متقدّمة من الانفجار الذي لا يمكن أن يدوم سوى لفترة محدودة، إن قادت المواقف المتصلبة إلى نهايتها التصعيدية. وهي محطة لا يمكن الاّ أن تنتهي بأُخرى تشكّل خاتمة نهائية للنزاع الكبير الذي دام عقوداً.
في أي حال، واياً كان المدى الذي يمكن أن تقود اليه المواجهة الجديدة الكبرى، فلا يمكنها الّا ان تؤدي إلى آلية مستدامة قابلة للتطبيق، تُنهي النزاع. فتكون المنطقة تعيش اليوم ربع الساعة الأخير المؤدي إلى الانفراج الكبير، وفق تسوية يمكن ان يقال إنّها استثنائية وتاريخية، نظراً لحجم القضية التي ادّت إلى ما يهدّد السلم الدولي في ملف كانت له تداعياته السابقة على دول المنطقة والعالم، وتلك المحتملة في المستقبل القريب على المستوى الإقليمي والدولي عينه.
جورج شاهين - الجمهورية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|