الصحافة

ساعة الرمل الإيرانية – الإسرائيلية التي تقلق أنقرة!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لا تريد تركيا، مثل غيرها من العواصم في المنطقة، أن تنخرط في الحرب الإيرانية – الإسرائيلية. فهي تبحث مع بوتين وترامب عن فرص للتهدئة. لكنّ اتّساع رقعة الجبهات واقترابها من حدودها، سواء بقرار من أحد الطرفين المتصارعين أو ضمن سيناريو أطلسيّ تفرضه أميركا، لن يُبقياها طويلاً خارج المشهد.

منح الرئيس الأميركي حليفه الإسرائيلي الضوء الأخضر لمهاجمة إيران عند انتهاء مهلة الشهرين التي أعطاها لطهران من أجل توقيع اتّفاق نوويّ جديد ذي مواصفات أميركية – إسرائيلية.

دعت تركيا في حالات مماثلة إلى حلّ الخلافات عبر الحوار والتفاوض، لكن تدرك هذه المرّة، وهي تتحدّث عن ضبط النفس وتكثيف الجهود لخفض التصعيد بين إيران وإسرائيل، بما يحفظ أمن المنطقة واستقرارها، أنّ مهمّتها ستكون أصعب.

صحيح أنّها تنسّق مع موسكو وواشنطن بهدف تفعيل المسار السياسي الدبلوماسي، لكنّها من بين العديد من الدول العربية والإسلامية التي ندّدت بالاعتداءات الإسرائيلية على إيران، في رسالة إلى الغرب مفادها أنّ الوقوف إلى جانب نتنياهو، الذي بدأ الهجمات، يستدعي ردعاً غربيّاً يوقفه عند حدّه أوّلاً.

العربدة الإسرائيليّة

عندما يطالب الرئيس الأميركي الإيرانيّين بإخلاء عاصمتهم، فهذا يعني، بالنسبة لأنقرة، أنّ البعض في واشنطن حسم موقفه ويستعدّ للانتقال إلى المرحلة الثانية من سيناريوهات المعركة مع إيران.

تنتظر أميركا لحظة ارتكاب طهران خطأً باستهداف قواعدها في المنطقة كي تتحرّك وتطالب شركاءها الأطلسيّين بفتح أراضيهم ومستودعاتهم، وتسهيل مهامّ الدفاع عن المصالح الأميركية.

لكنّ ما يُقلق أنقرة هو أن تجد نفسها في وضع مشابه لما جرى عام 2003 مع قرار الحرب على صدّام حسين، حين ستحتاج أميركا إلى القواعد العسكرية التركية القريبة من إيران. فكيف ستتصرّف تركيا؟ وهل تنجح في إقناع حلفائها الأطلسيّين بأنّ دخولها في مواجهة عسكرية مع الجار الإيراني ليس في مصلحتها؟

تبدو القيادة السياسية التركيّة عازمة على لعب ورقة الداخل الشعبي والحزبي والإعلامي، حتّى لو تساءل البعض عن مصلحة أنقرة في وقف غارات المقاتلات الإسرائيلية على العمق الإيراني دفاعاً عن مشروع نوويّ قد يهدّد مصالحها ونفوذها في المنطقة.

الخطأ الذي يجب على الحكم في تركيا تجنّبه هو تجاهل ممارسات العربدة الإسرائيلية في الإقليم، ورغبة نتنياهو في توسيع رقعة الاستهداف ونقل الصراعات بعد إشعال الساحات الفلسطينية واللبنانية ثمّ السورية والإيرانية، وأنّ الدور آتٍ في النهاية على تركيا، كما يقول دولت بهتشلي، القومي المتشدّد وشريك إردوغان في “تحالف الجمهور”.

جرّ تركيا إلى المواجهة

يروّج البعض في الإعلام العربي أنّ المقاتلات الإسرائيلية التي تهاجم إيران يتمّ تزويدها بالوقود من الأراضي الحدودية لأذربيجان، التي تردّ الجميل لتل أبيب بعد وقوفها إلى جانبها في حرب قره باغ. سيناريو تحريك مسألة أذربيجان قد يكون بين ما يسعى البعض إلى تفعيله لجرّ تركيا إلى ساحة المواجهة، فأيّ عمل عسكري إيراني ضدّ باكو لن يبقي تركيا بعيدة عن الردّ.

هناك أكثر من تحدٍّ سياسي وأمنيّ واقتصادي ينتظر تركيا خلال المواجهات العسكرية الإسرائيلية – الإيرانية:

  • خطوط الطاقة وضرورة تأمينها، علاقاتها ومصالحها مع دول المنطقة وتهديد أمن المعابر التجارية في المضائق والممرّات الاستراتيجية.
  • يوجّه ترامب رسائل طمأنة لأنقرة في إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد ولعبة التوازنات والمتغيّرات الإقليمية المحتملة. وقد تفرح أنقرة بانشغال طهران وتل أبيب بملفّات التوتّر معهما في القوقاز وشرق المتوسّط وسوريا والعراق وقبرص، لكنّ قناعة كثيرين في الداخل التركي هي أنّ تركيا ستكون المستهدَف التالي بعد حسم الملفّ الإيراني.
  • وصلت رسائل وأهداف الهجمات الإسرائيلية إلى العمق الإيراني، لكنّها مرنة ومتغيّرة بحسب مسار التطوّرات العسكرية والميدانية. تل أبيب لا تستطيع فرض السيناريو الذي تريده على طهران إلّا بقرار أميركي. ما يريده نتنياهو وترامب ليس فقط إلزام إيران بالتخلّي عن برنامجها النووي، بل أيضاً تغيير النظام هناك، وفرض نفسيهما على التوازنات الأمنيّة الإقليمية، لتكون المنطقة تحت مظلّتهما السياسية والاقتصادية. فما هي حصّة تركيا من كلّ ذلك؟ ولماذا تُورّط نفسها في منح تل أبيب هذا الثقل الإقليمي الذي سينعكس سلباً على نفوذها عاجلاً أو آجلاً؟

دفع الثّمن من الطّرفين

استيقظنا صباح يوم الجمعة الماضي على أنباء استهداف المقاتلات والمسيّرات الإسرائيلية للعمق الإيراني وتصفية العشرات من القيادات العسكرية والأمنيّة والعلميّة.

نجحت طهران خلال ساعات في استيعاب الصدمة وضبط التفاعلات، وإفشال الهدف الإسرائيلي الأوّل والمباشر، الذي كان تحريض الداخل وتحريك الشارع ضدّ نظام الملالي.

يوحي التصعيد الحاصل بأنّ المعركة ستكون طويلة ومكلفة وموجعة للطرفين، واحتمال بقائها محصورة في نطاقها العسكري والجغرافي الحاليّ يبدو مستبعَداً، ولن تقبل به الأطراف التي تؤجّج الصراع.

تواصل اجتماعاتِها المفتوحةَ “طاولةُ الأزمة” السياسية والأمنيّة التي شكّلتها تركيا بعد ساعات من مهاجمة إسرائيل للداخل الإيراني.

تركيا ليست اليوم على جبهات القتال أو في الخنادق، لكنّها تتحسّب لأكثر من سيناريو ومفاجأة.

ربّما أفضل خيارات أنقرة هو أن تقاوم طهران الغطرسة الإسرائيلية، وأن يدفعا معاً ثمن إبقاء الإقليم جالساً على فوهة بركان، وأن تناقش واشنطن حماية مصالحها مع دول المنطقة بشكل مختلف بعد الآن.

سمير صالحة - أساس ميديا 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا