إيران وإسرائيل: عملة بوجهين... ومسرحية الحرب على مسرح الشرق الأوسط
بقلم: الصحافي سماح مطر
لم تعد المسرحيات التي تُعرض على خشبة الشرق الأوسط تُقنع أحدًا. فقد أصبح الجمهور يميز بين المشاهد المصطنعة والانفجارات الحقيقية، بين الكواليس السرية والبيانات النارية، وبين الضجيج الإعلامي والمصالح المتفق عليها في الغرف السوداء.
ما جرى مؤخرًا بين إيران وإسرائيل لم يكن سوى عرضٍ إضافي في مسلسل طويل من "التوترات المُدارة"، التي لا تهدف إلا لإعادة رسم خرائط النفوذ، وتصفية الحسابات بين اللاعبين الإقليميين والدوليين دون المساس بجوهر التوازن الاستراتيجي الذي لا يريد أحد إسقاطه فعلاً.
فهل يُعقل أن تمرّ مئات الصواريخ الإيرانية دون إصابات حقيقية تُذكر في الداخل الإسرائيلي، في وقتٍ تُصدّر فيه الرواية كأنها ردٌّ "انتقامي ومزلزل" على اغتيال مسؤولين في طهران؟! وهل يُعقل أن تنفذ إسرائيل ضربات "محدودة ومدروسة" داخل إيران دون أي تصعيد متبادل حقيقي؟ أم أن كل ذلك يجري وفق اتفاق ضمني، لا يُعلن، ولكن لا يُخفى أيضًا على من يقرأ بين السطور؟
التحالفات الخفية: أميركا وروسيا والصين على الخط
ما يحصل ليس صراعًا تقليديًا بين أعداء، بل هو تناغم مصالح بين قوى عظمى تدير المشهد من الخلف. الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، تقف جميعها على منصة إدارة التوازنات. لكل منها أدواته، لكن الهدف واحد: منع الانفجار الكامل، والحفاظ على "فوضى محسوبة" تُبقي الشرق الأوسط في حالة غليان لا تنفجر.
ولعل المفارقة أن إيران، التي طالما رفعت شعار "الموت لإسرائيل"، لم تخض في تاريخها المعاصر أي حرب حقيقية مباشرة معها. بل إن ما نشهده من تبادل للضربات الجوية هو أقرب إلى رسائل مشفّرة، ومناورات متفق على حدودها، تُستخدم لتبرير سياسات داخلية، وترهيب خصوم إقليميين، وتعزيز حضور نفوذ مشترك في ملفات المنطقة.
إيران: الحامي الخفي لليهود؟
لمن لا يعلم، فإن لليهود جذوراً تاريخية في إيران، وتحديدًا في شوشان (سوسة)، مملكة النبي دانيال. ويبلغ عدد اليهود في إيران اليوم عدة آلاف، يعيشون بأمان نسبي، ولديهم مقعد مخصص في البرلمان الإيراني، في مشهد يثير التساؤلات.
هل هذه مجرد مصادفة تاريخية؟ أم أن العلاقة بين إيران وإسرائيل أعمق مما يبدو، وأقرب مما يُصرّح؟ ألم تُسجّل تقارير عدة عن تجارة سرية، ونقل تكنولوجيا، وحتى تعاون في مراحل معيّنة في وجه أطراف عربية معينة؟!
نهاية الزمن الكاذب
لقد انتهى زمن الشعارات، وانكشفت أوراق اللعبة. فإيران وإسرائيل، وإن اختلفتا في الشكل، فهما تتكاملان في الوظيفة. الأولى تُبرر وجود "المقاومة"، والثانية تبرر تدخل الغرب، وفي الحالتين، يُخنق الشرق الأوسط بين فكي كماشة واحدة، وإن تعددت أسماؤها.
المشهد المقبل لن يكون أكثر دموية فحسب، بل أكثر خداعًا. إذ من المتوقع أن تستمر هذه المسرحية بضربات متبادلة، وتوترات محسوبة، ولكن الهدف الحقيقي هو إعادة صياغة النظام الإقليمي بقبول شعبي ومجتمعي، وكأن ما يجري قدر لا مفر منه.
حان وقت الوعي
الشعوب لم تعد تصدق، ولم تعد تخشى. ما نراه اليوم هو يقظة عارمة بدأت تتشكل، وأصوات خرجت من تحت الرماد ترفض الانجرار وراء مسرحيات الوهم والخوف.
فإما أن تعي الشعوب حجم اللعبة، وتنتزع إرادتها من قبضة اللاعبين الكبار،
أو تستمر في التصفيق لعرضٍ لا يستحق سوى الصمت
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|