إقتصاد

ما تأثير الحرب على اقتصاد لبنان؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

انتكاسة جديدة منيت بها القطاعات الاقتصادية في لبنان مع اندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية، بعد أن كانت تتهيّأ لانطلاقة قويّة في موسم الصيف «الواعد». فأرقام البنك الدولي الطموحة للنمو في ظلّ مناخ أمني مستقرّ، قوبلت بتشكيك واسع من الخبراء الاقتصاديين باعتبارها مبالغاً فيها، قبل أن تضيء نيران الصواريخ الإسرائيلية والإيرانية سماء المنطقة. ووسط المخاوف من تصاعد وتيرة الحرب وتداعياتها السلبية، يُطرح سؤال أساسي كيف سيتأثّر اقتصاد لبنان «العليل» وفقاً للسيناريوات المطروحة.

كادت شظايا حرب العام 2024 المؤلمة على الاقتصاد اللبناني التي لا نزال نحاول احتواء تداعياتها، أن تذلّلها المواقف السياسية الحازمة التي يتّخذها العهد الجديد والمسار الإصلاحي المتّبع ، وموسم السياحة المنتظر أن يكون واعداً ، لولا الحرب التي اندلعت منذ يومين بين إسرائيل وإيران. إذ كانت الأجواء تفاؤلية لدرجة أن البنك الدولي توقّع نمواً طموحاً للبنان بنسبة 4,7 في المئة. فعلى ماذا بنى توقعاته وإلى أي مدى يمكن أن يتأثر هذا النمو بالحرب الدائرة اليوم؟

ارتفاع ملحوظ في بيع التجزئة  

يؤيّد رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير خلال حديثه إلى «نداء الوطن» هذه النظرة التفاؤلية قبل الحرب إذ رأى أن النمو كان يمكن أن يفوق توقعات الصندوق ويصل إلى 5 في المئة إلا أن المعادلة اليوم تغيّرت. وارتكز شقير في توقّعه هذا على مؤشرات القطاعات الاقتصادية التي شهدت تحسّناً على حدّ قوله.

بالنسبة إلى حركة بيع التجزئة أوضح شقير أنها «سجّلت في شهر أيار ارتفاعاً ملحوظاً تراوح بين 10 أو 12 في المئة مقارنة مع شهر أيار المنصرم، واستمرّ الوضع الإيجابي على حاله في مطلع شهر حزيران الجاري الذي انطلق بزخم وكان من المتوقّع أن يسجّل مزيداً من النمو. وبرأيه لو استمرّ الوضع الأمني كما كان عليه قبل الضربة الإسرائيلية لكانت نسبة النمو تخطّت الـ5 في المئة نظراً إلى تعويل القطاعات الاقتصادية على «صيفية» 2025 وشهر عيدي الميلاد ورأس السنة في كانون الأول المقبل.»

وكانت المؤسسات السياحية تتحضّر لموسم السياحة والصيف، فقطاع المطاعم شهد منذ بداية العام افتتاح 191 مطعماً جديداً تأثّراً بالأجواء الإيجابية المخيمة على البلاد في عهد الرئيس جوزاف عون. أما على الصعيد التجاري فقال شقير «إن القطاع شهد تحسّناً ملموساً في شهر حزيران وكان من المتوقّع أن يشهد مزيداً من النمو خصوصاً في قطاع التجزئة». 

وبذلك يكون البنك الدولي بنى تقدير نمو الـ4,7 في المئة على التغيرات التي حصلت في لبنان بعد وقف العمليات العسكرية في تشرين الثاني الماضي  وانتخاب جوزاف عون رئيساً للجمهورية في كانون الثاني، وتشكيل حكومة وإعادة تفعيل المؤسسات الدستورية وتقديم الدعم السياسي للبنان، وفكّ عزلة لبنان عن محيطه العربي والمجتمع الدولي واستعداد الدول الصديقة لمساعدة لبنان. كل ذلك يأتي بعد تخبّط البلاد بأزمة اقتصادية ومالية بدأت منذ 2019 وانطلاق «حرب المساندة» وشن إسرائيل حرباً على «حزب الله» ما أدى إلى انكماش حاد بنسبة 7,5 في المئة في العام 2024.

مصير الاقتصاد والنمو قبل وبعد الحرب

أما اليوم ووسط الغموض المخيّم على ما ستؤول اليه الحرب والفترة التي ستستغرقها وما إذا كان لبنان سيبقى بمنأى عنها، فماذا سيكون مصير اقتصاد لبنان والنموّ المتوقّع في نهاية العام؟

هذه التساؤلات حملناها إلى الباحث الاقتصادي والخبير المالي نسيب غبريل الذي أوضح لـ"نداء الوطن" أن «كل المؤشرات الإيجابية التي كانت تتوالى من بسط الدولة سلطتها على كل الأراضي اللبنانية وإعادة ترميم العلاقات مع دول الخليج وتطبيق الإصلاحات البنيوية ما يعيد الثقة بالبلاد والحركة السياحية، كانت تدلّ على أن التوقعات أن يحقّق لبنان نمواً بنسبة 6 في المئة اذا استمر الأمن مستتبّاً وأكملت الإصلاحات مسارها وبدأت الاستثمارات  والمساعدات تتدفق، فيصل حجم الاقتصاد إلى ما كان عليه قبل الأزمة أي إلى 54 مليار دولار». معتبراً أن «تحقيق نمو بنسبة 4,7 في المئة ولو في ظلّ الاستقرار الأمني رقم مبالغ فيه والمتوقّع أن يتراوح النمو بين 2 و3 في المئة. 

أما السبب فيعود استناداً إلى غبريل إلى أن «الإندفاعة الموجودة لدى المسؤولين لم تترجم بشكل كامل على الأرض، صحيح أن هناك نوايا جيدة في السلطة التنفيذية للتقدّم ولاتّخاذ تدابير حازمة، ولكن تلك النوايا والإجراءات الإصلاحية لم تنفّذ بالسرعة المطلوبة المتوقعة، فجاء التعويل على الموسم السياحي لتحريك العجلة وتحقيق النمو».

سيناريوات المرحلة المقبلة

اليوم، عود على بدء، انطلقت شرارة الحرب الإسرائيلية - الإيرانية وعدنا إلى حالة عدم اليقين والغموض، ما هي السيناريوات المطروحة؟

- السيناريو الأول: إذا كانت الحرب محدودة بالتوقيت وستتوقف بعد تدخّل دولي خلال بضعة أيام . هنا يقول غبريل «ستكون التداعيات على الاقتصاد اللبناني محدودة إذ نعوّل على المغتربين اللبنانيين أن يرجئوا قدومهم إلى لبنان من حزيران إلى تمّوز وآب، ونستذكر العام الماضي حين توافد المغتربون إلى لبنان في شهري حزيران وتموز قبل أن تتوسّع رقعة الحرب. وبالتالي «إذا هدأ الصراع وانتهى خلال أيام قليلة فنسبة النمو قد تكون 3 أو 3,5 في المئة إذا كان موسم السياحة جيّداً».

- السيناريو الثاني: إذا طالت فترة الحرب لأسابيع عدة، وتمّ تحييد لبنان عن صراعات المنطقة، عندها ستطال شظايا الصراع القطاع الاقتصادي بأشكال متعددة وليس فقط القطاع السياحي. عندها سيغيّر المغتربون الذين كانوا ينوون القدوم إلى لبنان رأيهم خصوصاً من يعيش في دول بعيدة مثل أستراليا أو أميركا الشمالية ولن يمضوا عطلتهم في لبنان.

فالسياحة يقول غبريل «تلعب دوراً بارزاً في الاقتصاد اللبناني والدليل على ذلك الإيرادات السياحية التي سجّلت في العام 2023 وتحديداً لغاية 7 تشرين الأول (تاريخ اندلاع حرب الإسناد)، التي بلغت وقتها 5,6 مليارات دولار. بينما في العام 2024 تراجعت بنسبة 16 في المئة إلى 4,7 مليارات دولار كنتيجة مباشرة للحرب الإسرائيلية على «حزب الله» وبذلك انخفضت الإيرادات السياحية من 24 إلى 16 في المئة من الناتج المحلي في العام 2024. أما الحرب الإسرائيلية -الإيرانية في 2025، فستترك أثرها المباشر على السياحة خصوصاً والاقتصاد عموماً.

فنكون أمام فرصة ضائعة مجدّداً لذلك جاء الحثّ الدولي للسلطات اللبنانية على الاستعجال في الإصلاحات البنيوية، لأن الاهتمام الدولي سيتركّز على مواضيع أخرى وهو ما نراه اليوم، فتنتقل أولوية الاهتمام الدولي والعربي إلى اقتصادات سائر الدول، والسعي لحصر الحرب تفادياً لارتفاع أسعار النفط إلى أرقام قياسية».

أما السيناريو الثالث وهو الأسوا على لبنان فيقوم على إعادة إقحام لبنان بالحرب وبسياسة المحاور والحروب العبثية. عندها يقول غبريل «توسّع رقعة الحرب سيكون له تداعيات وخيمة جداً على الاقتصاد والمجتمع اللبناني ولبنان ككل إذ لا نزال نحصي كلفة الحرب الإسرائيلية في 2024، وسيكون سيناريو كارثياً».

إذاً، زجّ لبنان بالحرب واستخدامه كساحة تصفية حسابات له تداعيات وخيمة نتيجتها انكماش حاد في الحركة الاقتصادية يشبه ما رأيناه في العام 2024، وعلى الصعيد الإصلاحي حتى لو لم يقحم لبنان في الحرب، يتوقّع غبريل أن تطالنا الشظايا إذ ستراوح العملية الإصلاحية مكانها في لبنان بسبب الوضع الإقليمي وهي أصلا بطيئة وبالتالي المشاريع الجديدة والاستثمارات قد تؤجل موقتاً ومن كان سيشتري منزلاً أو سيارة أو سلعة تعتبر من الكماليات سيتريّث لحين انفراج الوضع واتّضاح الرؤية. كل ذلك سيؤثر على الحركة الاقتصادية في البلاد.

ومقابل كل تلك السلبيات لا بدّ من ذكر إيجابية واحدة في ارتفاع أسعار الذهب كردّ فعل على الحروب، إذ سيشهد احتياطي مصرف لبنان من الذهب مزيداً من الارتفاع ، علماً انه لا تتمّ الإستفادة من زيادة قيمته (بعيداً عن تسييله طبعاً) كونه تعدّى الـ30 مليار دولار مقارنة مع 15 مليار دولار في العام 2019.

باتريسيا جلاد - نداء الوطن
 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا