عربي ودولي

من وارسو إلى أوراسيا.. بكين ترسم دورها في الحرب الأوكرانية

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بينما تنشغل القوى الكبرى بصراعات النفوذ وتصعيد التسليح، اختارت الصين أن تعيد تحريك بيادقها بهدوء على رقعة الأزمة الأوكرانية، من خلال تعيين موفد دبلوماسي جديد، يتولى مهمة محاولة إنهاء واحدة من أطول الحروب وأكثرها تعقيدا في القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.

وبحسب ما أعلنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تم تعيين السفير السابق لدى بولندا، سان لينغيانغ، ممثلا خاصا للشؤون الأوراسية، خلفا للدبلوماسي لي هوي، الذي سبق أن قام بجولات دبلوماسية في أوروبا بحثا عن تسوية سياسية.

ووصفت بكين مبعوثها الجديد بأنه دبلوماسي رفيع المستوى مطّلع على أوضاع منطقة أوراسيا، وسيتولى العمل على تعزيز التعاون بين الصين ودول المنطقة، إضافة إلى محاولة تقريب وجهات النظر بشأن النزاع في أوكرانيا.

ملء الفراغ 

وفي ظل التوازنات المعقدة في الساحة الدولية، تبدو بكين عازمة على تجديد دورها في الأزمة الأوكرانية عبر أدوات دبلوماسية هادئة، بعيدا عن ضجيج السلاح وصراع المحاور، ولكن يبقى السؤال، هل تنجح الصين في تحويل هذا التحرك الرمزي إلى اختراق فعلي في جدار الحرب؟.

وأكد الخبراء أن خطوة بكين بتعيين موفد جديد للمساعي الدبلوماسية في الحرب الروسية الأوكرانية تعكس رغبة الصين في لعب دور أكثر فاعلية في تسوية النزاع، مستفيدة من مكانتها كقوة قريبة من موسكو وفي الوقت ذاته شريك اقتصادي رئيس لأوروبا. 

ورأى الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الصين تسعى لطرح نفسها كوسيط نزيه قادر على تحقيق توازن بين طرفي الصراع، في ظل فتور العلاقة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وما يمثله ذلك من فراغ سياسي قد تسعى بكين لملئه.

وأضاف الخبراء أن هذه المبادرة تأتي في إطار استراتيجية أوسع لإعادة تشكيل صورة الصين عالميا كقوة مسؤولة تسعى لاستقرار النظام الدولي، بعيدا عن القطبية الأحادية. 

وأشاروا إلى أن بكين قد توظف أدواتها الاقتصادية والدبلوماسية لدفع موسكو وكييف نحو مفاوضات فعلية، بما يضمن حماية مصالحها مع الجانبين، ويفتح الباب أمام دور صيني أكبر في إدارة الأزمات الدولية مستقبلًا.

موقع محوري 

وقال إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، إن الصين تملك موقعا محوريا يمكّنها من لعب دور الوسيط في إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، نظرا لقربها من روسيا، وسعيها في الوقت ذاته إلى تعزيز علاقاتها مع أوروبا، خاصة في ظل التراجع الملحوظ في العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وفي تصريح لـ«إرم نيوز»، أشار كابان إلى أن الصين تُعد الشريك التجاري الأول للاتحاد الأوروبي، وهو ما يمنحها مكانة مميزة تؤهلها للتوسط بين موسكو والغرب، وأن بكين لديها أدوات ضغط فعالة يمكن أن تستخدمها على الجانبين الروسي والغربي لدفعهما نحو تسوية سياسية، إذا توفرت الإرادة السياسية لديها لتفعيل هذا الدور على أرض الواقع.

وأوضح أن نجاح الصين في تحقيق تقارب بين روسيا وأوروبا عبر تبنّي سياسة ترضي الطرفين، سيجعل منها فاعلًا دوليا قويا لا في إنهاء الأزمة فحسب، بل في تعزيز مصالحها الاستراتيجية على المدى الطويل.

وقال إبراهيم كابان، إن الصين تتابع عن كثب التحركات الروسية والقرارات الأوروبية، فيما تظل الولايات المتحدة، رغم تراجع نفوذها النسبي، لاعبا أساسيا يسعى بدوره إلى إنهاء الحرب.

القطبية الأحادية

ومن جانبه، قال نادر رونغ، المحلل السياسي الصيني، إن موقف بلاده من الأزمة الروسية الأوكرانية كان واضحا منذ البداية، مؤكدا أن بكين تدفع باتجاه تسوية سياسية تُنهي الصراع وتُسهم في استقرار المنطقة.

وأضاف في تصريح لـ«إرم نيوز»، أن الصين تؤمن بأهمية احتواء الأزمة من خلال الجهود الدبلوماسية، وتدعو باستمرار إلى العودة لطاولة المفاوضات باعتبارها الخيار الوحيد لتسوية النزاع. 

وأشار المحلل السياسي الصيني إلى أن العملية التفاوضية تضمن مراعاة مصالح جميع الأطراف، بما يحقق توازنًا في الحلول ويقلّل من فرص التصعيد.

وحذر رونغ من استمرار التصعيد العسكري وتغذية الصراع، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مشددًا على أن ذلك يهدد بإطالة أمد الأزمة ويعقد جهود السلام، مؤكدا على أن المجتمع الدولي يجب أن يتفادى تأجيج التوترات، ويدعم المبادرات الدبلوماسية بدلًا من سباق التسليح.

وأشار إلى أن بكين لا تتبنى موقفا منحازا لطرف على حساب آخر، بل تسعى إلى ترسيخ صورتها كقوة مسؤولة دوليا، توازن بين علاقاتها الاستراتيجية مع موسكو ومصالحها الاقتصادية المتينة مع أوروبا. 

وتابع: «إن أي اختراق دبلوماسي تحققه الصين في الملف الأوكراني سيُحسب لها كقوة صاعدة تسعى لإعادة تشكيل النظام العالمي بعيدا عن القطبية الأحادية».

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا