طبول الحرب "تقرع" وفي لبنان طبول "قرقعة"

مذهلٌ التعاطي في بيروت، بطريقةٍ "بلهاء"، مع ملفات المنطقة، فيما الانشغال الداخلي محصورٌ بملفات "إلهائية" إن لم نقل "سخيفة".

تخيلوا مثلاً أن الولايات المتحدة الأميركية، تجلي رعاياها من المنطقة، ويمتلئ الإعلام الأميركي، خصوصاً، والغربي عموماً بأجواء تشير إلى أن المفاوضات الأميركية – الإيرانية تكاد أن تصل إلى حائط مسدود، وحين يصل الأمر إلى هذا المنحى، فهذا يعني أن خيار الحرب يتقدم، لأن الإبقاء على الوضع معلقاً، أو في منتصف الطريق، بين الحرب واللاحرب، مكلِف جداً، بمعنى أن الولايات المتحدة الأميركية لا تستطيع أن تطلب من رعاياها في المنطقة مغادرتها إلى ما شاء الله، كما لا تستطيع أن تطلب منهم العودة إلى المنطقة من دون أن يتبدل شيء، فهل يكون البديل من الحرب التوصل إلى "اتفاق نووي" جديد؟

كل المؤشرات، من واشنطن ومن طهران، لا توحي بذلك.

في هذه الحال، المنطقة عالقة بين حدَّيْن: حدّ عدم التوصل إلى اتفاق، وحدّ قرع طبول الحرب، وأسوأ الأمور، في مثل هذه الأحوال هو الترقب على "صفيح ساخن"، من دون أن يكون للمترقب أي رأي أو تأثير، كما في حالتنا اللبنانية. مع ذلك، ماذا نفعل في لبنان؟ للأسف، لا شيء سوى ما يسمَّى "القرقعة"، ومن دلائلها:

يوميات السياسة في لبنان تبدو "منفصمة" عن واقع المنطقة، وهذا ما يفسِّر البرودة العربية والدولية حيال الملف اللبناني، وتقديم الملف السوري عليه.

رسوخ شبه اقتناع لدى المعنيين بالملف اللبناني، أن اللبنانيين لم يقتنصوا الفرصة التي أعطيت لهم، بل آثروا الانتظار، وهذا ما أفقد الفرصة عنصر الزخم، لتأتي تطورات في المنطقة من شأنها أن تضع لبنان على رف الانتظار وربما الإهمال.

ومن دلائل "القرقعة" أن المواضيع والملفات التي تُطرَح في بيروت يمكن وصفها بالمواضيع والملفات الثانوية والهامشية، وحتى ما هو مهم منها، يوضع في الأدراج بسبب الخلاف على المعالجة. وأسوأ الانطباعات أن الملف الذي يستعصي حله، لا يُبذَل جهد إضافي له، بل يجري إهماله، ولذا فإن الملفات المستعصية تتراكم، والمراكمة ليست حلاً بل هي تعقيد للحلول.

انطلاقاً من كل هذه المعطيات، لبنان إلى مزيد من التقهقر، حتى إثبات العكس، وإثبات العكس لا يكون إلا بالأشياء الملموسة لا بالكلام المعسول.

جان الفغالي