الغارة "الأهم" على الضاحية... إسرائيل تبرر هجماتها بتقاعس الجيش!
"القوات" تمدّ يدها على "التحوّل الرقمي"... وأمواله
قبل أيام، أقرّ مجلس الوزراء قرضاً بقيمة 150 مليون دولار من «البنك الدولي»، لتوظيفه في التحوّل الرقمي للمعاملات الرسمية. الخبر قد يُفسِّر خلفية الصراع على هذا الملف تحديداً، ومحاولات وزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي كمال شحادة «مدّ يده» عليه.
فمن المعلوم أن التحوّل الرقمي مُوكل إلى مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، والعمل عليه بدأ منذ عهد الوزير السابق محمد فنيش، وبقي الحال على هذا النحو مع الوزراء المتعاقبين كافة، إلى أن ثُبِّتت صلاحية «التّنمية الإدارية» بالملف مع إقرار استراتيجية التحوّل الرقمي عام 2022.
مع تشكيل نواف سلام لحكومته، كان لافتاً استحداث ما سُمِّي مكتب وزير دولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، فيما الإدارات والمؤسسات العامة بغالبيتها لا تزال تعتمد على الورقة والقلم في معاملاتها.
فمن يفتقد المكننة، ويبتعد عن التحوّل الرقمي مسافاتٍ بعيدة، كان مستغرباً أن يهتم بالذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، حدَّدت الحكومة بوضوح مهامّ وحدود مكتب وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بالتالي: «تَضع وتنفّذ استراتيجية مستقبلية تهدف إلى جذب الطاقات اللبنانية، وتحفيز الاستثمار في القطاعات المتقدّمة، وتُسرِّع تَبنّي التقنيات الحديثة، وتشجيع الشركات الناشئة وتطوير الابتكار». وهو عمل لا يدخل في صلب التحوّل الرقمي، أي تحويل إنجاز المعاملات رقمياً، الذي يُفترض بالدولة أن تقوم به ضمن سلّة الإصلاحات الإدارية المطلوبة، مع الإشارة إلى أن إنجاز الرقمنة، وتحصين الفضاء السيبراني من عمليات الخرق - وهما مهمتان متلازمتان - يُعتبران عامليْن مشجّعيْن لجذب الاستثمارات في القطاعات المُتقدّمة.
ورغم ذلك، افتتح شحادة نشاطه الوزاري بتوقيع مذكّرة تفاهم مع «جمعية المعلوماتية المهنية» (PCA) التي تضمّ شركات تجارية تبيع برامج كمبيوتر، وجمعية «ISOC» التي يرأسها مستشاره لشؤون المعلوماتية القانونية، شربل شبير، وتهدف إلى إنشاء شراكة بين القطاعيْن العام والخاص لـ«إنعاش المشهد البيئي الرقمي، وإنشاء قاعدة راسخة للاقتصاد المعرفي...»، كما هو وارد في نص المذكّرة. لكنّ خارطة الطريق التي وضعتها الأطراف الثلاثة، من أجل تحقيق الأهداف، فيها بند يتعلّق بتطوير استراتيجية شاملة للتحوّل الرقمي.
وعدا أن شحادة قفز فوق استراتيجية التحوّل الرقمي (2020 - 2030) التي أقرّتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2022، فإن تطرّقه إلى مسألة التحوّل الرقمي، أثار حفيظة وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية فادي مكي الذي اعتبر أن شحادة يحاول استبعاده، وسحب الملف منه. ترافق الأمر، مع حضور شحادة لجلسات لجان نيابية مرتبطة بالتحوّل الرقمي، إضافة إلى أنه طلب تخصيصه بـ 50 مليون دولار من قرض «البنك الدولي»، الذي يُفترض أن يذهب لأجل مشاريع ينفّذها مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية.
وعلمت «الأخبار» أن شحادة كلّف شبير العمل على اقتراح قانون لتحويل مكتب وزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي إلى وزارة. ويرى متابعون في ذلك سعياً لـ«الاستحواذ على كل ما يتّصل بالتحوّل الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الرقمي بشكل عام»، معتبرين أن في ذلك «سيطرة على الداتا والأموال».
وقد يكون شحادة تشجّع على المبادرة، بعد أن وعد رئيس الحكومة كتلة «الجمهورية القوية» التي زارته في إطار الاستشارات النيابية قبيل منح الحكومة الثقة، بتحويل «تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي» إلى وزارة أصيلة.
وقد ضمّن سلام البيان الوزاري ما معناه أن الحكومة ستسعى إلى إنشاء وزارة للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، محدّداً مهامها بتشجيع الاستثمارات وتطوير الابتكار. ومن غير المعلوم إن كان شحادة سيلتفّ في اقتراح قانونه على تلك المهام، ويُوسّع صلاحيات وزارته.
ومثل شحادة، حاول وزراء في الحكومة السابقة «نتش» ما يمكن من المشاريع تحت عنوان التحوّل الرقمي. فوزير العدل السابق هنري خوري على سبيل المثال، كان يستاء عندما كانت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية السابقة، نجلا رياشي، تقدّم مشاريع قوانين متعلقة بمأسسة التحوّل الرقمي، رغبةً منه في سحب الملف من رياشي، وجعل وزارة العدل هي المعنية بمأسسة التحوّل الرقمي وتنظيمه، لا وزارة التنمية الإدارية. وهو ما حصل في ملف الأسناد الإلكترونية، ومن ضمنه التوقيع الإلكتروني الذي نظّمته وزارة العدل.
على ضفّة مكي، برز امتعاض كبير من سلوك شحادة، تُرجم في إشاعته أجواء أنّه سيستقيل في حال لم يضع سلام حداً لزميله. ويستند مكي إلى أن استراتيجية التحوّل الرقمي أسندت الملف إلى مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، لا بل نصّت على إنشاء هيئة وطنية تتولى تنفيذ الاستراتيجية، وتكون تابعة لـ«التنمية الإدارية»، الموكل إليها مُتابعة التنفيذ على المستوى المركزي، ومستوى وحدات التحوّل الرقمي في الإدارات والمؤسسات العامة، وإدارة مراكز البيانات... بهدف توحيد جهود ومشاريع الإدارات العامة، لتحقيق تكامل يضمن توافقها مع رؤية موحّدة للتحوّل الرقمي.
في المحصّلة، وإن كان من تصحيح مُفترض للمسار، فهو يكمن في تطبيق استراتيجية التحوّل الرقمي المُقرّة منذ ثلاث سنوات، بدلاً من العودة إلى المربّع الأول، وتطوير استراتيجيات جديدة، أو اختراع وزارات غير معنية بالملف، ولم تواكبه يوماً، من باب خلط الأمور بعضها ببعض كما جرت العادة.
وأولى الخطوات باتجاه تنفيذ الاستراتيجية، إنشاء الهيئة الوطنية تحت إشراف «التنمية الإدارية»، التي يمكن تحصين موقعها القانوني بتحويلها إلى وزارة، كما يرى قانونيون مُختصّون.
وبذلك، «يُسند ملف سيادي وضخم كالتحوّل الرقمي إلى وزارة لديها صلاحيات، ويمكنها ممارسة سلطة على بقية الوزارات، وتتمتّع بجهاز تنفيذي». وما الصراع البارز اليوم، إلّا انعكاس لتعامل الحكومات المتعاقبة بخفّة مع مسألتَي التحوّل الرقمي والأمن السيبراني، حيث لم تبذل جهداً جدّياً لتطبيق الاستراتيجيات، وتركتهما عرضة لاجتهاد هذا الوزير وذاك، كلٌّ على هوى مصالحه مع الجهات المانحة... فالمهم أن تأتي الأموال!
ندى أيوب - الاخبار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|