الصحافة

الحكومة "تهتزّ"... الخلافات حول الأولويّات والاتصالات تتسارع لاحتواء التصعيد

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم تكن الحكومة، غير المتجانسة اصلا، بحاجة الى مواقف وقرارات اضافية تثير الخلافات بين مكوناتها، وتُحدث الاهتزازات والارتجاجات داخلها وخارجها .

رغم حرص الجميع في جلسات مجلس الوزراء على اضفاء اجواء الانسجام والتعاون داخل الحكومة ، بدأت تطفو على السطح الحكومي بشكل تدريجي الخلافات والتحفظات المتبادلة بين اطرافها ، لا سيما في ظل بروز قراءة غير موحدة للبيان الوزاري والاولويات المطروحة .

منذ اللحظة الاولى بدأت الخلافات حول الاولويات في برنامج الحكومة ، وامتدت لاحقا لتشمل التعاطي مع البيان الوزاري. وما زاد من هذه الخلافات، اثارة الغبار السياسي بطريقة تصعيدية ومتطرفة بوجه سلاح المقاومة وحزب الله، وتجاوز الاولويات كما حصل ويحصل في مواقف وتصريحات وزير الخارجية يوسف رجي، ثم تصريحات الرئيس نواف سلام الاخيرة التي احدثت ردود فعل قوية، والتي سارع الى تفسير وتصويب بعضها، خصوصا حديثه عن السلام والتطبيع مع "اسرائيل "، وقوله انه جاء في سياق التأكيد على حل الدولتين .

واللافت في هذا الاطار، ان اللهجة المتصاعدة لبعض الحكومة ضد حزب الله تحت عنوان وجوب تسليم سلاحه، تأتي في ظل استمرار الاعتداءات "الاسرائيلية" واحتلال العدو لمواقع واراض لبنانية في الجنوب، وعدم اتخاذ خطوات جدية وفعالة باتجاه اعادة اعمار ما هدمه هذا العدو .

ويقول مصدر نيابي ان هذا الخطاب من بعض الحكومة وخارجها، لا يتوافق مع الاولويات والمندرجات التي وردت في البيان الوزاري، والتي نالت على اساسه ثقة المجلس النيابي، ويشير في هذا المجال الى نص البيان الذي استهل بالتأكيد على العنوان العريض " الاصلاح والانقاذ" ، وتلاه مباشرة اعلان الحكومة انها " ستلتزم بالاسراع في اعادة اعمار ما هدمه العدو الاسرائيلي وتمويل كل ذلك بواسطة صندوق مخصص لهذه الحاجة ".

ويلفت المصدر في هذا المجال الى ان الحكومة لم تبادر حتى الآن الى انشاء هذا الصندوق، لا بل ان فريقا فيها ( "القوات اللبنانية") يقدم موضوع نزع سلاح حزب الله على هذا البند، رغم ان الحديث عن حصرية السلاح بيد الدولة، جاء في الفقرة الخامسة او السادسة من البيان الوزاري، بعد التاكيد في الفقرات التي تسبقها على ما يأتي :

- "قيام دولة القانون واصلاح مؤسساتها وتحصين سيادتها ، دولة قادرة وعادلة عصرية وفاعلة تلتزم بالكامل مسؤولية امن البلاد والدفاع عن حدودها، وتردع المعتدي وتحمي مواطنيها". وهذا البند الواضح يضع الدولة امام مسؤولياتها اولا في العمل لردع العدوان "الاسرائيلي" المتواصل .

- " تلتزم الحكومة بتعداتها في تنفيذ القرار ١٧٠١ كاملا ،وباتفاق الهدنة وباتفاق وقف الاعمال العدائية ".

- "تلتزم الحكومة بتحرير الارض وبسط سيادة الدولة على اراضيها، وحق الدفاع عن النفس في حال حصول اي اعتداء ".

وبرأي المصدر ان قلب الاولويات عند بعض الحكومة، ساهم ويساهم في خلق بلبلة داخلها، واحدث بداية اهتزازت وارتجاجات مؤثرة فيها وفي وحدة موقفها .

ويضيف ان الخلاف حول التعاطي مع العناوين الوطنية الملحة، زاد من اجواء عدم الثقة داخل الحكومة، واحدث بعض الخدوش في جسمها التي حاول ويحاول رئيس الجمهورية احتواءها في مستهل كل جلسة لمجلس الوزراء، بشكل مباشر او غير مباشر .

ويعتقد المصدر ان الخلاف الذي حصل بين الرئيسين عون وسلام حول تعيين حاكم مصرف لبنان، الذي ترجم باللجوء الى التصويت وفوز خيار رئيس الجمهورية ، جرى استيعابه بسرعة في اطار التأكيد على اللجوء الى الاصول الدستورية، التي تحكم اتخاذ قرارات مجلس الوزراء ، لكن ما حصل اظهر ايضا ثغرة في اجواء مجلس الوزراء قبل ان يتداركه الرجلان.

من جهة اخرى، ورغم محاولة ترميم اجواء الحكومة وبين مكوناتها قدر المستطاع ، احدثت تصريحات وزير الخارجية يوسف رجي المتتالية اهتزازا ايضا داخلها وخارجها في ظل اتهامه بالخروج عن سياسة الحكومة بصورة عامة .

وتقول مصادر سياسية انه على الرغم من التدخل غير المعلن لدى رجي، لعدم تكرار مثل هذه التصريحات والمواقف والانضباط تحت سقف مفردات البيان الوزاري، استأنف الادلاء بتصريحاته التصعيدية المباشرة ضد حزب الله ووصفه بانه غير شرعي. وترى المصادر ان تصريحات سلام الاخيرة تميزت باستخدام عبارات نافرة، ولهجة تصعيدية ضد سلاح حزب الله من دون ان يسميه، عدا تطرقه الى موضوعين خارج مضمون ومنطوق البيان الوزاري هما: الهجوم المباشر على ايران وسياستها، والحديث عن السلام والتطبيع مع "اسرائيل "، وان كان في اطار حديثه عن حل الدولتين، لا سيما ان البيان الوزاري تحدث فقط عن اتفاق الهدنة .

والى جانب الاهتزاز الناجم عن هذا الخلاف في التعاطي مع عناوين وطنية اساسية ، بدأت تظهر مؤخرا امور خلافية اخرى في اداء الحكومة وقراراتها .

وعلى الرغم من اقرار مجلس الوزراء آلية للتعيينات ووصفها بالآلية الشفافة، سجلت في الايام الماضية انتقادات لبعضها من مكونات داخل الحكومة، فبرزت دعوة رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" السابق وليد جنبلاط الى عدم التسرع في هذا الموضوع. وتقول مصادر مطلعة ان كلامه المقتضب يدل على عدم رضى "الاشتراكي"  على بعض التعيينات السابقة واللاحقة، وعلى تجاوز بعض بنود الآلية التي تحكم هذا الموضوع .

وامس، انتقد النائب في حزب الله حسن فضل الله التعاطي في ملف التعيينات، من خلال الاشارة الى اثارة الغبار الاعلامي بالمواقف السياسية المناقضة للبيان الوزاري، على حساب الاصلاح واعتماد التعيينات على الكفاءة .

والى جانب ذلك ، ظهر مؤخرا ان الحكومة التي اندفعت بسرعة جيدة لاقرار القوانين الاصلاحية، تواجه امتحانا صعبا في تلبية شروط صندوق النقد الدولي من جهة، وفي تأخر تجاوب الدول العربية والاجنبية المانحة مع متطلبات لبنان من دعم مالي مباشر .

ويقول مصدر نيابي ان مشروع قانون تنظيم المصارف، الذي احالته الحكومة وتدرسه لجنة فرعية في لجنة المال ، تعرض مجددا لملاحظات جديدة من صندوق النقد، الامر الذي يساهم في الحاجة الى وقت اضافي غير مقدر لدرسه واحالته الى الهيئة العام لمناقشته واقراره ، مع العلم ان لجنة المال تدرسه بوتيرة سريعة، في اطار تعاون واستعداد المجلس لاقرار القوانين الاصلاحية .

من جهة ثانية، تبين لاحقا ان انجاز الحكومة لمشروع الفجوة المالية او الانتظام المالي واعادة الودائع، ما زال في مطبخ حاكم مصرف لبنان والخبراء في وزارة المال وخارجه،  ما يؤشر الى الحاجة الى المزيد من الوقت لكي يقره مجلس الوزراء ويحيله الى البرلمان .

وتقول مصادر مطلعة ان لا خلاف داخل الحكومة على اهمية الاسراع في اقرار القوانين الاصلاحية ، لكن بعض الحكومة لا يخفي انزعاجه وانتقاده، لتأثير تقديم البعض الآخر في الحكومة الخطاب السياسي التصعيدي ضد سلاح حزب الله سلبا، في سائر العناوين ومنها الاصلاح .

ومؤخرا رفع قرار اللجوء الى الضريبة على مادة المحروقات ورفع سعرها، بحجة تغطية زيادة رواتب العسكريين، من درجة الاهتزاز والارتجاج داخل الحكومة وخارجها.  وعلمت "الديار" من مصادر مطلعة ان وزراء في الحكومة سيثيرون هذا الموضوع في مجلس الوزراء ، وانهم ابلغوا رئاسة مجلس الوزراء انتقادهم لهذا القرار سعيا للتراجع عنه.

ويؤشر تصريح النائب حسن فضل الله امس، بوضوح الى معارضة حزب الله لمثل هذا القرار في داخل الحكومة وخارجه، مؤكدا ان هذه الزيادة مرفوضة، وان معالجة مالية الدولة لا تتم على حساب المواطنين.

وكذلك أنتقد رئيس لجنة الاقتصاد النيابية النائب فريد البستاني قرار زيادة سعر المحروقات، داعيا للرجوع عنه. كما انتقد التعامل مع رواتب القطاعين العام والخاص، منتقدا الرقم المنخفض للحد الادنى للاجور في القطاع الخاص الذي لا يسد الفواتير والحددالادنى من مستلزماة الحياة.

واثار اقتصار زيادة الرواتب على العسكريين والمتقاعدين منهم، موجة من الاحتجاجات المطالبة بزيادة رواتب القطاع العام والموظفين الاداريين والمدنيين والمتقاعدين المدنيين.  وتقول مصادر مطلعة ان الاجواء هذه تمثل اولا مناخا ضاغطا على الحكومة ، وتساهم في تحداث اهتزازات مؤثرة فيها وفي مسارها . وتضيف  المصادر ان اتصالات متسارعة سجلت في اليومين الماضيين، لتحسين الاجواء قدر الامكان في الحكومة وخفض حدة الخطاب السياسي ، وان زيارة رئيس الحكومة لرئيس المجلس في عين التينة كانت ايجابية.

وتكشف المصادر حسب معلومات رئيس لجنة نيابية معنية، عن اتجاه للتراجع عن زيادة سعر البنزين والمازوت، يفترض ان يحسم قريبا جدا .

محمد بلوط -الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا