بعد تجميد الوضع اميركيا: الملف اللبناني في "البراد" ينتظر ولادة الشرق الأوسط الجديد؟!
كان واضحا ان الاستراتيجية الاميركية التي جمدت الوضع في لبنان الى حين، بانتظار استكمال الترتيبات التي قادت اليها التوجهات الخاصة بالرئيس دونالد ترامب الذي يسعى الى ترتيب شامل للوضع في المنطقة على الطريق الى تكوين الشرق الاوسط الجديد الذي صمم التوصل اليه، بعدما جعل من كامل المنطقة الممتدة من الخليج العربي الى عمق شرق المتوسط "بقعة واحدة" وضعت في مجسم واحد على مكتبه في البيت الأبيض ليعيد تركيبها من جديد على قاعدة إعادة توزيع الأدوار والمغانم على القوى الاقليمية فيها بعد تجسيد الأحجام وتقدير الحقوق من منظار الرؤية الاميركية.
على هذه الخلفيات، قالت مصادر ديبلوماسية تسعى الى قراءة التطورات الاخيرة المتسارعة لـ "المركزية" ان الرئيس الاميركي نجح في استغلال زيارته الاولى الخارجية الى الرياض وجاراتها الخليجية ليقدم أول صورة "تشبيهية" عن الشرق الجديد بالخطوط الاميركية التي تبنتها إدارته بعد تطعيمها بما قالت به الاستراتيجية الجديدة التصالحية التي اعتمدها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع محيطه منذ التوصل الى وثيقة بكين مع الجمهورية الإسلامية الايرانية وعلى مستوى العالم العربي. وهي الصورة التي راودت ترامب في ولايته الاولى التي انتهت على غفلة من دون ان يتمكن من تحقيقها في نهايتها. بحيث انه امضى اربع سنوات خارج البيت الأبيض يراقب سياسات خصمه الديمقراطي الرئيس جو بايدن منتقدا كل خطوة اتخذها ، خوفا من ان تتغير الظروف التي يمكن ان تعيق تنفيذ ما أراده على الصعيد العالمي بطريقة تعطل أو تؤخر مشروعه للشرق الاوسط الجديد الذي بشرت به الادارات الاميركية السابقة منذ عقدين من الزمن.
وانطلاقا من هذه المؤشرات، أضافت المصادر بالاستناد الى ما تناولته تقارير ديبلوماسية وصلت منذ أيام قليلة الى بيروت، ان مسلسل تأجيل زيارات المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى لبنان اكثر من مرة، منذ آخر زيارة قامت بها في 30 نيسان واول ايار الماضيين إلى وقت لاحق اقترب من ان يكون في آخر حلقاته. ذلك انه يقال ان عودتها الى بيروت باتت رهن أحداث وتطورات جديدة على الساحة اللبنانية ما زالت تنتظرها، يعني ان هناك مهلة محدودة امام المسؤولين اللبنانيين للانتهاء من بعض الخطوات التي تعهدوا بها لئلا تكون زيارتها "خالية الوفاض". وهو أمر يؤدي الى وجود مرحلة قد تطول او تقصر قياسا على قدرة المسؤولين اللبنانيين واركان الحكم بشكل خاص على تجاوز بعض العقبات التي اعاقت المساعي المبذولة لتسوية أو إغلاق بعض الملفات الحساسة، ولا سيما منها ما يتصل بمصير السلاح غير الشرعي الفلسطيني كما اللبناني والخطوات الاخرى المتعلقة بالإصلاحات المالية والاقتصادية والادارية، كمؤشر على قدرة العهد الجديد في خوض مغامرة التعافي والإنقاذ.
وعليه، فإن تحديد أي موعد لاورتاغوس بعيدا من المواعيد الوهمية والملغومة التي تسربت عن خطأ او عن عمد، سيشكل مناسبة للكشف عما تحقق من خطوات ما زالت عالقة. ذلك ان أي موعد ان تم تحديده من المؤكد انها ستناقش جديدا قد تحقق. وما سيحضر على طاولة المفاوضات سيشكل محطة لإطلاق مرحلة جديدة يمكن ان تقود البلاد الى مرحلة من الانفراج او العكس فالخياران ما زالا مطروحين بقوة ولا تنفع المواقف الرمادية في انهاء الجدل حول ما يمكن ان يتحقق.
وإلى تلك اللحظة التي يحددها الموعد الجديد لأورتاغوس، ينبغي التوقف عند كيفية إمرار الوقت الفاصل بين آخر زيارة لها والموعد المقبل ، فهي انصرفت الى جانب متابعتها للوضع في لبنان للقيام بمهام اخرى إضافية ألقيت على عاتقها عدا عن عنايتها بالملف اللبناني. هي بالاضافة الى مشاركتها في بعض النشاطات الاقليمية والدولية من موقعها كنائبة للمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط في "منتدى قطر الاقتصادي" وعودتها الى واشنطن للمشاركة في اجتماعات مجموعة العمل من اجل لبنان وعشائها السنوي، ستشارك في الساعات المقبلة الى جانب الموفد الرئاسي الاميركي الخاص بالأزمة السورية توماس براك في زيارتهما الى تل ابيب مطلع الأسبوع المقبل للبحث في بعض الخطوات التي تتناول الجديد المحقق على الساحتين السورية واللبنانية.
وان كانت سوريا قد سبقت لبنان الى الضوء منذ اللقاء الذي جمع رئيسها الانتقالي احمد الشرع بالرئيس ترامب وإصداره قرار فك العقوبات عنها سرقت الأضواء من الملف اللبناني، وقد تكون سبقته باستعداداتها لمواكبة الخريطة الجديدة للشرق الأوسط على خلفية قدرة الحكم الجديد على التعاطي مع مستجدات المنطقة ولا سيما منذ سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول العام الماضي. ومن دون الدخول في الكثير من التفاصيل، فان المصادر الديبلوماسية تتريث في حكمها على الجديد المحتمل في لبنان، فالتحضيرات في الناقورة وعلى مستوى اللجنة العسكرية الخماسية تستعد لعقد اجتماع للجنة بكامل أعضائها حدد مبدئيا يوم الاربعاء المقبل، إن حضرت اورتاغوس إلى لبنان وسط مخاوف من عدم القدرة على اطلاق اي خطوة جديدة على مستوى انسحاب جيش الاحتلال من التلال المحتلة، إن لم تعلن اي خطوة جديدة تتصل بمصير سلاح المقاومة إلا في حال اكتفت الادارة الاميركية بما تحقق على مستوى السلاح الفلسطيني، بانتظار التثبت من انتهاء مهمة تفكيك مواقع "حزب الله" في جنوب الليطاني بعدما تحدث رئيس الحكومة نواف سلام في آخر مواقف له بأن لبنان أنجز 80 % من تفكيك وجمع هذه المواقع وهو امر اثار القلق لأنه قد يبرر العمليات العسكرية الاسرائيلية في الجنوب عندما تتحدث عن اغتيال قادة ميدانيين من الحزب يحاولون إحياء قدراتهم العسكرية فيها.
والى تلك المرحلة، تختم المصادر الديبلوماسية لتقول، ستبقى السيناريوهات الغامضة سائدة على خلفية تقديم الرغبات والامنيات على الحقائق الصعبة ، ما لم تعلن خطوات عملية تحيي البحث في كيفية الانتقال من مرحلة تجميد العمليات العدائية الى محطة وقف اطلاق النار النهائي والشامل. وهو امر يؤكد ان ملف لبنان المجمد حاليا ينتظر اكتمال الخطوات الجارية بسرعة هائلة في المنطقة قبل اعادة البحث في القضايا اللبنانية التفصيلية.
المركزية - طوني جبران
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|