هل أفلت أمين سلام من الملاحقة؟

ظلّ الترقّب سيّد الموقف، خصوصاً بعد تسريب معلومات تفيد بأنّ جلسة استجواب وزير الاقتصاد السابق ستنتهي بـ”مفاجأة”، ولا تستبعد إمكان توقيفه، إلّا أنه وبعد ساعتين من التحقيق خرج سلام من مكتب الحجار، وبدت علامات الارتياح عليه، مؤكداً أنه قدّم الأجوبة والشرح الكافي على كل أسئلة واستفسارات القاضي الحجار

كتب يوسف دياب لـ”هنا لبنان”:

خالفت جلسة استجواب وزير الاقتصاد السابق أمين سلام كلّ التوقعات، فعلامات الارتياح بدت عليه لدى مغادرته مع وكيليه، المحاميين طوني فرنجية وسامر الحاج، مكتب النائب العام التمييزي في لبنان القاضي جمال الحجار، بعد جلسة التحقيق الثانية التي استغرقت ساعتين، ومردّ هذا الارتياح إلى تركه بسند إقامة، والقرار الذي اتخذه الحجار بتعليق مذكرة منعه من السفر.

لا شكّ أنّ أمين سلام عاش أياماً صعبة وحالة إرباك كبيرة، منذ أن تقدّمت لجنة الاقتصاد النيابية برئاسة النائب فريد البستاني بإخبار ضدّه وضدّ شقيقه كريم ومستشاره فادي تميم ونقيب خبراء المحاسبة إيلي عبود بصفته مفوضاً بالتوقيع، بتهم “الاختلاس والابتزاز وهدر المال العام وتبييض الأموال”، وما زاد من تعقيدات وضعه القانوني مسارعة الحجار يومها إلى إصدار قرار بمنعه من السفر، لكنّ هل تعدّ جلسة التحقيق التي مثل فيها سلام أمام الحجار على مدى ساعتين نهاية المطاف؟

الجواب ملك القاضي الحجار وحده الذي يعكف على دراسة إفادة الوزير السابق ليقرر الخطوات اللاحقة، وفق ما أفادت مصادر قضائية، والتي كشفت لـ “هنا لبنان” أنّ “النائب العام التمييزي أنهى التحقيق الأولي مع سلام، وتركه بسند إقامة وأمر بسحب قرار منعه من السفر، وسيستدعي أشخاصاً آخرين إلى التحقيق لإجراء مطابقة ما بين أقوالهم وإفادة سلام، وبعدها يحدد ما إذا كان سيحفظ الملفّ أو يحيله على النيابة العامة المالية لتأخذ الملاحقة مسارها”.

هذا الملفّ الذي يمثّل بالنسبة لأمين سلام مسألة “حياة أو موت سياسي”، جعل الأخير يقدّم كل ما لديه مستندات لـ “دحض” ما جاء في إخبار لجنة الاقتصاد النيابية. لكن تقدير مدى صحتها يعود للنائب العام التمييزي المطلع وحده على تفاصيل الملفّ”، وفق تعبير المصادر القضائية التي ترى أنّ “الوضع القانوني لسلام أفضل من ذي قبل، لكن العبرة في الخواتيم”.

وانطلقت لجنة الاقتصاد في إخبارها من “شبهات” توفرت لديها منذ شهر تشرين الثاني 2023، وضمّنته لإفادات عدد من شركات التأمين التي قالت إنها تعرضت لعمليات ابتزاز، من قبل كريم سلام شقيق الوزير وتهديد الأخير لشركة “المشرق” بسحب ترخيصها، ما لم تبادر إلى دفع مبالغ مالية لقاء دراسات إلزامية عبر شركة يملكها مستشار الوزير فادي تميم، بقيمة وصلت إلى 300 ألف دولار.

وظلّ الترقّب سيّد الموقف، خصوصاً بعد تسريب معلومات تفيد بأنّ جلسة استجواب وزير الاقتصاد السابق ستنتهي بـ”مفاجأة”، ولا تستبعد إمكان توقيفه، إلّا أنه وبعد ساعتين من التحقيق خرج سلام من مكتب الحجار، وبدت علامات الارتياح عليه، مؤكداً أنه “قدّم الأجوبة والشرح الكافي على كل أسئلة واستفسارات القاضي الحجار وقدّم المستندات التي تثبت زيف إخبار لجنة الاقتصاد”، معتبراً أنه “تعرّض لحملة سياسية فقط لأنه أمر بإجراء تدقيق جنائي في حسابات 6 شركات تأمين، معنية بدفع تعويضات مالية لضحايا ومتضرري انفجار مرفأ بيروت”. وأوضح سلام أنّ “الخلاف القائم بين وزارة الاقتصاد وشركة “المشرق” للتأمين التي ادعت أنها تعرضت للابتزاز المالي وعدم تجديد عقدها، سببه أنّ هذه الشركة لديها فجوة مالية تقدّر بـ 8 مليون دولار، وإنّ الوزارة طلبت منها تأمين هذا المبلع إما نقداً أو عبر كفالة مصرفية أو رهن عقارات توازي هذه القيمة، بهدف توفير حقوق الأشخاص المؤمّنين لديها، لكن هذه الشركة لم تستطع تأمين المبلغ فجرى تعليق ترخيصها إلى أن يصبح لديها ملاءة مالية تحفظ حقوق المؤمنين وتفي بالتزاماتها تجاههم سواء بموضوع نفقات الاستشفاء أو الحوادث”.

ولكن ما أثار الالتباس لدى متابعي هذا الملفّ، أنّ الانفراج المبدئي في وضع أمين سلام لا ينطبق على شقيقه كريم الذي جرى توقيفه في الملفّ وأحيل بموجب قرار ظني عن قاضي التحقيق في بيروت بلال حلاوي على الهيئة الاتهامية، إلّا أنّ المصادر القضائية، فرّقت بين أمين وشقيقه كريم، وأوضحت أنّ الأخير “يُلاحق الآن بالملفّ الذي أوقف على أساسه فادي تميم وحكم عليه بالسجن سنة، بجرم تلقي رشوة من شركات التأمين، خصوصاً وأنّ تميم ذكر خلال محاكمته أنّ كل ما فعله كان بالتنسيق مع كريم سلام، وهذا ما استدعى الادعاء على الأخير وتوقيفه”.