الصحافة

شياطين السعودية كانت حاضرة في صيدا: طعن محتمل قد يعيق انطلاقة المجلس البلدي

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لا تزال تردّدات نتائج الانتخابات البلدية في صيدا تصيب أكثر من موقع سياسي وأهلي فيها، خصوصاً أن الطابع السياسي الذي عاد وغلب على المعركة، أفضى إلى نتائج بدأ الجميع يتعامل معها على أساس أنها أرضية للتعامل مع الاستحقاق النيابي في العام المقبل.

لكنّ اللافت، أنه مثلما حصل عند انطلاق المعركة، عندما أقدمت القوى السياسية على إعلان عدم انخراطها، ونفضت يدها من تأليف اللوائح، فهي بعد النتائج، عادت بمعظمها لتعلن أنها لم تكن منخرطة في عمليات التحشيد والتصويت، علماً أن كل جهة من الجهات المعنية، عكفت على دراسة النتائج من زاوية تأثيرها على قدراتها التجييرية.

لكنّ الجديد، أن هناك جدلاً فُتح حول دقة النتائج التي أُعلن عنها رسمياً، والتي أعطت اللائحة المدعومة من تيار «المستقبل» أغلبية 11 عضواً، وأعطت اللائحة المدعومة من النائب أسامة سعد 7 أعضاء، وأتاحت وصول ثلاثة مرشحين يُعتبرون من المقرّبين من الجماعة الإسلامية في صيدا، حيث علمت «الأخبار» أن اللجنة القانونية التابعة للائحة «نبض البلد» برئاسة محمد الدندشلي، تعمل على إعادة فرز الأصوات استناداً إلى الأرقام التي سجّلتها ماكينتها خلال يوم الاقتراع، بعدما تبيّن لها وجود فرق بينها وبين الأرقام الصادرة عن لجنة القيد العليا، يتعدّى 200 صوت في بعض الصناديق. كما ازدادت شكوكها بعدما صدرت بعض المحاضر من دون تواقيع مندوبيها الحاضرين في مراكز الاقتراع. وبعد إتمام عملية التدقيق في الرقم، تتجه اللجنة إلى تقديم طعن، يُرجّح أنه في حال ثبوته سيقلب النتيجة لمصلحة لائحة محمد الدندشلي، على حساب لائحة مصطفى حجازي، ما سينتج منه أيضاً تَغيّرٌ في اسمَيْ رئيس المجلس البلدي ونائبه.

وبانتظار ما سوف تؤول إليه هذه الدراسة، فإن النقاش انطلق في المدينة حول مستقبل عمل المجلس البلدي في المدينة. لأن لائحة مصطفى حجازي المدعومة من النائبة السابقة بهية الحريري، قادرة على الفوز بمقعدَي رئيس ونائب رئيس البلدية، وثمة تقدير بأن هذا ما سوف يحصل، خصوصاً أن المرشح لمنصب نائب الرئيس، وهو أحمد عكرة، سبق أن اتُّفق على موقعه مع رجل الأعمال مرعي أبو مرعي، ومن خلفه «القوات اللبنانية»، وأن أبو مرعي وفّر دعماً لوجستياً ومالياً لهذه اللائحة، وهو لن يقبل أن يؤول منصب نائب الرئيس إلى غيره. وسبب النقاش، هو فكرة عرضها أحد مراجع المدينة، تقول إنه يمكن أن يعقد الفائزون اجتماعات تشاورية في ما بينهم، على أن تواكبهم مرجعيات المدينة السياسية والأهلية، من أجل التفاهم على برنامج عمل للمرحلة المقبلة، مع ما يقتضيه ذلك من احتمال تعديل هوية نائب رئيس البلدية.

وفي وقت تبادل الجميع التواصل للتهاني، ظل النقاش حول حصة القوى السياسية من النتائج حاضراً بقوة، وأمكن رصد الآتي:

أولاً: إن تيار «المستقبل» الذي ثبت تفوّقه على جميع الأطراف الأخرى، لم يكن بمقدوره حشد الطاقة نفسها التي كانت تُعتبر من حصته، سواء على صعيد عدد الأصوات أو على صعيد الماكينة، وإن التراجع لا يتعلق فقط بالموقف العلني للتيار لجهة العزوف، بل لكون إدارة الرأي العام في صيدا تبدّلت كثيراً خلال السنوات الماضية، خصوصاً بعد عزوف الرئيس سعد الحريري عن النشاط.

ثانياً: لمس التنظيم الشعبي أيضاً، أنه خسر بعضاً من قاعدته الانتخابية. ومع أن النائب سعد، لا يزال هو مرجع التيار الناصري في المدينة، وأن الذين انشقوا عنه لا يشكّلون قوة تكسر من حجم قوته، إلا أنه تأثّر أيضاً بالظروف العامة المحيطة بعمل التنظيم وموقفه من موضوعات كثيرة، ما جعله يفقد أيضاً قسماً غير صغير من قوته التجيريية، خصوصاً أن التنظيم لم يكن يعتمد فقط على قاعدته من الطائفة السنّية.

ثالثاً: يقود النائب عبد الرحمن البزري ورشة عمل واتصالات، هدفها التأكيد على أنه لم يكن طرفاً مباشراً في الانتخابات. وهو وإن أقرّ بأنه قدّم الدعم للائحة عمر مرجان، إلا أنه يضع الدعم في الإطار اللوجستي فقط، وهو يعتبر نفسه خارج الانقسامات أو الاصطفافات التي رافقت العملية الانتخابية، ويبدو أن البزري لديه روايته المفصّلة لكل الاتصالات التي رافقت عملية تأليف اللوائح وصولاً إلى يوم الاقتراع. ويعتقد البزري بأنه لم يتضرر كما يجري الحديث، وأنه تعرّض لعمليات تشويه مقصودة من قبل أطراف أرادت إبعاده عن المشهد السياسي والأهلي للمدينة.

رابعاً: برغم عدم فوز أي مرشح يُعتبر أنه من المقرّبين من الثنائي أمل وحزب الله، إلا أن الثنائي الشيعي يعتبر أن دراسة أرقام الانتخابات، تعطيه حقّه لجهة أن الذين فازوا في اللوائح المنافسة للائحة حجازي، هم من الذين حصلوا على دعمه بأصوات تتجاوز الألفي صوت، وأن هذه الأصوات لا تقتصر فقط على الناخبين الشيعة بل على جزء من أصوات المدينة، علماً أن الثنائي، يقول إنه أبلغ جميع المتنافسين مسبقاً بأنه لن يقف إلى جانب طرف بعينه، وأنه عاتب على السلوك الذي مارسه معه معظم النافذين في المدينة، الذين كانوا يقاتلون للحصول على أصواته، لكنهم كانوا يحاذرون العلاقة المباشرة معه.

عملياً، جاءت الانتخابات البلدية في صيدا، لتعكس صورة من صور الانقسام العام في مناطق تُعتبر صافية نسبياً من الجانب الطائفي ومتعدّدة كثيراً من الجانب السياسي، لكنّ اللافت، أن مزاج الناخب الصيداوي، لم يظهر أثره الفعلي في الجانب الوظيفي للعمل البلدي، بدليل أن عمليات التحشيد والبحث عن الأصوات قامت على أساس سياسي، ولم تكن مرتبطة بأي نقاش حول ما يجب أن تقوم به البلدية.

وقد أدّى هذا الأمر إلى بلبلة كبيرة، سوف تظهر في أداء المجلس البلدي الجديد، كون المشكلات التي كانت محل اعتراض غالبية صيداوية، لا تزال قائمة، وإذا لم يُدخِل الفريق المقرّب من آل الحريري تعديلات جوهرية على المقاربة، وعلى آلية التواصل مع الناس في المدينة، فإنه سيُواجه بمعارضة قد تقود إلى عودة الإشكالات نفسها، وهو أمر سيكون له أثره الكبير على قسم غير قليل من الناخبين الذين يعرفون أن الجميع سيعودون بعد أشهر قليلة إلى عملية خطب الود، نتيجة اقتراب استحقاق الانتخابات النيابية.

يبقى أن الجانب الخارجي المؤثّر على واقع المدينة، والمتصل بالانتخابات النيابية المقبلة، لا يزال حاضراً بقوة، خصوصاً بعدما اعترف نافذون في المدينة، بأن السعودية بعثت برسائل واضحة إلى فعّاليات ومرجعيات، تحذّرها من مخاطر تعويم آل الحريري. وهو التحدّي الأبرز أمام قيادة تيار «المستقبل» وحلفائه في المدينة.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا