الحاكم يحدّد علاقته بالمصارف: لست عدوّكم ولا صديقكم... وسأعيد أموالكم
أزال اللقاء الأول بين حاكم مصرف لبنان الجديد كريم سعيد وجمعية المصارف، الكثير من الغموض والالتباسات التي سادت بعد تعيينه، بعدما راكمتها إشاعات وتسريبات إعلامية، واجتهادات غلب عليها النقل غير الدقيق للموقف الفعلي للحاكم، حول مستقبل العلاقة مع المصارف، ومشاريع إصلاح القطاع وهيكلته، وإعادة الودائع.
اللقاء الذي حضره جميع أعضاء مجلس إدارة الجمعية، شاءه الحاكم شاملاً وصريحاً، أراد من خلاله توجيه رسائل مباشرة لأهل القطاع المصرفي، مؤكداً أنه "لست صديقاً لأحد منكم، وحتماً لست عدواً"، مصارحاً الحضور بـ"أنني تعمّدت لقاءكم جماعياً، لأنني لا أريد أن أبني علاقات منفردة مع أحد، وما يحكم العلاقة بين المركزي والمصارف خلال حاكميتي، هو قانون النقد والتسليف وأحكامه وموادّه المرعيّة الإجراء فقط.
استفاضته في دور صندوق النقد كانت لافتة، وخصوصاً حيال رفض أي دور للصندوق في العلاقة بين المودعين والمصارف، بالإضافة إلى ما يتعلق بديون المصارف على مصرف لبنان التي اعتبرها سعيد ديوناً تجارية لا سيادية، يمكن للمركزي بالتعاون مع المصارف التعامل معها وإيجاد الحلول اللازمة لمعالجتها.
وبالرغم من أن سعيد لم يدخل في التفاصيل التقنية، لما يمكن اعتباره خريطة طريق وحلّ لأزمة الودائع، فإن إشارته إلى ما يملكه مصرف لبنان من احتياط بالعملات الأجنبية، وأصول ومؤسسات ناجحة مثل "الميدل إيست" وغيرها، يمكن اعتبار ذلك خريطة طريق مبدئية ترسم ملامح تحمّل مصرف لبنان مسؤولية قيادة مسيرة إعادة الودائع، ومنع شطبها كلياً أو جزئياً باستثناء ما أشار إليه تكراراً عن شطب بعض "الفوائد" غير المنطقية.
عبارة "سأحاول إعادة أموالكم، وأنتم بدوركم ستعيدونها إلى مودعيكم" كانت بمثابة شحنة أمل، تلقاها المصرفيون، وعززت لديهم الأمل بالمرحلة الجديدة، وبما قد تكون عليه مستقبلاً العلاقة مع رأس القطاع المصرفي في لبنان.
فالانطباع الذي خرجت به جمعية المصارف بعد اجتماعها مع الحاكم كان جيداً، خصوصاً أن الأخير كان واضحاً بأن للمصارف ودائع لدى "المركزي" وسيعمل جاهداً على إعادتها لها لتعيدها بدورها الى المودعين، آخذاً في الاعتبار معالجة الفوائد المرتفعة التي حصلت عليها المصارف من "المركزي" وتلك التي حصل عليها المودعون من المصارف. وقد لاحظ أصحاب المصارف أن الكلام الذي سمعوه من الحاكم مختلف عمّا سمعوه سابقاً من المعنيّين، إذ لم يذكر موضوع شطب الودائع. ولكن الحاكم كان جازماً بأنه يريد تصغير المبالغ التي سيعيدها إلى المصارف عبر معالجة موضوع الفوائد الكبيرة، إذ إن المبالغ الموجودة في دفاتره والتي تقدَّر بنحو 79 مليار دولار، لا قدرة للمركزي على إعادتها كاملة، لذا سيعمد إلى تصغيرها من خلال حسم الفوائد الكبيرة التي تقاضتها المصارف من "المركزي"، والخطوة عينها ستتبعها المصارف مع مودعيها.
وكان الحاكم واضحاً حيال علاقته مع المصارف، إذ إن البعض طلب منه مواعيد ولكنه فضّل أن لا يجتمع معهم كلاً على حدة انطلاقاً من السياسة التي يتبعها معهم والتي ترتكز على العلاقة المهنية: "لا أريد أن أكون عدوّاً لكم، وكذلك لا أريد أن أكون صديقاً لأيّ منكم... العلاقة معكم هي علاقة تجارية، بما يعني أن أموال المصارف لدى مصرف لبنان هي دين تجاري وليست ديناً سيادياً". وإذ لمّح الى أن بعض المصارف قامت بتوظيفات خاصة بمصرف لبنان بناءً على طلبه وطلب الدولة، وهي التي "جرّت" السوق لله وراءها، أكد أن "شهر العسل" الذي كان سائداً مع مصرف لبنان انتهى، وأنه سيعطي فرصة لكل المصارف لأن تبقى في السوق.
بالنسبة إلى الفترة التي يتوقع فيها أن تعاد الودائع، أكد الحاكم أن المبالغ الصغيرة (100 ألف وما دون ستعاد بسرعة، فيما الودائع التي تصل قيمتها إلى 500 ألف ومليون دولار ستعاد بمدى معقول، وتلك التي تناهز المليون ستعاد بمدى أبعد.
سلوى بعلبكي - "النهار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|