بالأرقام: التيار يخسر قلعته الجزينية
يُستخدم تعبير "القلعة" في لبنان للدلالة على الهيمنة الانتخابية لفريق سياسي على منطقة معينة، لناحية متانة وضعه الانتخابي، وعدم قدرة أي فريق على هزّ صدارته وسيطرته على الاغلبية العظمى من تأييد ناخبيها.
وبعد الخسائر المتتالية التي مُني بها "التيار" في معظم المناطق اللبنانية خلال الانتخابات البلدية والاختيارية، أراد أقلّه مساحة واحدة ليُنقذ فيها صورته، فوضع نصب عينيه تثبيت حضوره في مدينة جزين، التي تباهى لسنوات بتسميتها "قلعة التيار"، فكيف جاءت الأرقام، وهل ما زالت القلعة الجنوبية "برتقالية الهوى"؟
تمكّن التيار الوطني الحر بالتحالف مع النائب السابق ابراهيم عازار، والحزب السوري القومي الاجتماعي والقوى الممانِعة، إضافة إلى دعم النائب السابق زياد أسود لرئيس اللائحة الذي قام هو بتزكية اسمه، من الفوز بكامل المقاعد، وقد جاء متوسط أرقام أعضاء اللائحة الفائزة ٢٥٥٨ صوتاً مقابل متوسط اللائحة غير الفائزة والمدعومة من "القوات اللبنانية" ١٧٥٣ صوتاً، أي بفارق ٨٠٥ أصوات، في حين بلغ الفارق ٥٣٤ صوتًا بين آخر الفائزين جوني طنوس عون (٢٤٣٠) وأول الخاسرين بشارة جوزيف عون (١٨٩٦) أي أنّ الأخير كان يحتاج قنص ٢٦٨ صوتاً من الأول ليُحقّق الخرق.
وفي عودة إلى نتائج الانتخابات النيابية عاميّ ٢٠١٨ و٢٠٢٢، والتي تُظهر حجم كل فريق على حِدى تِبعاً للأصوات التفضيلية، يتبيّن أنّه وفي نيابية ٢٠١٨، نال "التيار" (٢١٤٧) و"القوات" (٤٢٠) وعازار (١٥٢٨)؛ أمّا في نيابية ٢٠٢٢، نال "التيار" (١٥٢٨) و"القوات" (١١٨٥) وعازار (٧٨٢).
وفي مقارنة لهذه الأرقام مع نتائج الانتخابات البلدية الحالية، مع أخذ نتائج المرشحين لمنصب الرئاسة على اللائحتين، حيث نال مرشح اللائحة الفائزة دافيد الحلو ٢٦٢١ صوتاً، في حين نال خصمه بشارة عون ١٨٩٦، يُمكن استخلاص الآتي:
أولاً، تراجع دراماتيكي لتحالف "التيار - الممانعة"، من ٣٦٧٥ صوتاً عام ٢٠١٨ إلى ٢٦٢١ صوتاً عام ٢٠٢٥، أي بخسارة ٢٨,٧٪ من كتلته الناخبة.
ثانياً، تقدّم كبير لحزب "القوات اللبنانية"، من ٤٢٠ صوتاً عام ٢٠١٨ إلى ١٨٩٦ صوتاً عام ٢٠٢٥، أي بزيادة فاقت الأربعة أضعاف ونصف الضعف من الكتلة الناخبة.
ثالثاً، مع تقسيم حجم أصوات اللائحة البلدية الفائزة، ومع اعتبار أنّ حجم عازار بقي نفسه (٧٨٢) استناداً لعام ٢٠٢٢، وتقدير كتلة الحزب القومي (٢٠٠) في المدينة، يتبقى للتيار ما يقل عن ١٦٣٩ صوتًا، وذلك بعد حسم أرقام النائب السابق زياد أسود وبقية القوى المحلية، ما يعني أنّ التيار يكون قد واصل تراجعه داخل المدينة لأقل من ٣٦٪ من الكتلة الناخبة، بعد أن كان يُمثّل ما يفوق ٥٣٪ عام ٢٠١٨.
رابعاً، تُظهر الأرقام المذكورة آنفاً، أنّ حجم "القوات اللبنانية" منفردة وبعد حسم أصوات حلفائها من الكتائب والقوى المحلية، يفوق حجم "التيار" منفرداً، وبأسوأ أحواله يوازيه.
الأرقام لا تكذب ولا تحمل التأويل أو صبغة البروباغندا الاعلامية، فخُلاصة النتائج البلدية في مدينة جزين تؤكّد أنّه لولا تحالف "التيار" مع النائب السابق ابراهيم عازار لما استطاع تحقيق الفوز، وأنّ حجمه في أحسن أحواله يوازي "القوات" داخل المدينة، وأنّه في حال من التراجع المستمر فيها، مقابل تقدم متواصل لـ"القوات"، وأنّ ما كان يُسمّيه "القلعة البرتقالية في جزين"، بات من أطلال العهود الغابرة، وأنّ جزين المدينة اليوم هي مساحة تتقاسمها عدة قوى، مع ملاحظة تمدّد الهوى السيادي ولو بخطوات متباطئة مقارنة مع بقية المدن اللبنانية.
ماريو ملكون -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|