عودة ملف السلاح إلى الواجهة.. العين على مخيمات جنوب الليطاني
بعد انتهاء الانتخابات البلدية والاختيارية في جولاتها الأربع بنجاح لافت، عادت الحياة السياسية في لبنان إلى مسارها الطبيعي، ولو جزئيا، وسط ترقب لما ستؤول إليه التطورات المحلية والإقليمية.
نجاح الانتخابات البلدية، رغم كل التحديات، شكل إنجازا سياسيا وإداريا وأمنيا يحسب للجهات الرسمية والعسكرية، خصوصا في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة والأزمات المتشابكة التي ترهق كاهل الدولة والمواطن في آن معا. لكن هذا النجاح لم يلغ حقيقة أن القضايا الجوهرية لاتزال تراوح مكانها، وأنها ستعود إلى الواجهة بقوة مع انقضاء الاستحقاق الانتخابي، وعلى رأس هذه القضايا مسألة حصرية السلاح في يد الدولة، التي لا يمكن تجاوزها في أي حديث عن السيادة والقرار الوطني.
ووفق معلومات خاصة بـ «الأنباء»، يعاد اليوم فتح هذا الملف الشائك انطلاقا من سلاح المخيمات الفلسطينية، لاسيما تلك الواقعة جنوب نهر الليطاني، مثل الرشيدية والبرج الشمالي والبص، حيث لاتزال كميات من السلاح المتوسط والثقيل بيد مجموعات فلسطينية، بعضها تحت مظلة الفصائل المعترف بها، وبعضها خارج السيطرة تماما. اللافت أن زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأخيرة إلى بيروت، والتي طغت عليها عبارات التضامن والتنسيق، لم تفض إلى تحديد أي جدول زمني لتسليم السلاح، ما اعتبر فرصة مهدورة لإحداث اختراق جدي في هذا الملف. إلا أن الجانب اللبناني، وخصوصا خلال اجتماع اللجنة المشتركة اللبنانية الفلسطينية في السرايا الحكومية، أعاد طرح المسألة بقوة، معتبرا أنه من غير المقبول استمرار هذا الواقع إلى ما لا نهاية.
الطرح اللبناني جاء واضحا، بحسب المعلومات، إذا كانت الدولة ممثلة بالجيش اللبناني تعمل على تفكيك منصات الصواريخ والمنشآت التابعة لـ «حزب الله» جنوب الليطاني، تطبيقا للقرار 1701. وإذا كانت الدولة نفسها تحرص على بسط سلطتها على كل شبر من أراضي الجنوب، فإن هذا المبدأ يجب أن يسري على جميع القوى المسلحة، بما فيها التنظيمات الفلسطينية داخل المخيمات، التي لاتزال في كثير من الأحيان تشكل خاصرة رخوة أمنيا، وتستخدم من وقت لآخر لإطلاق صواريخ باتجاه الحدود الجنوبية، سواء عن سابق إصرار أو عبر مجموعات خارجة عن السيطرة.
هذا الواقع لم يعد مقبولا في ظل التوتر المتصاعد على الحدود، ولا يمكن للدولة أن تتساهل مع أي مصدر تهديد يستخدم كمنصة للرسائل الإقليمية.
الطلب اللبناني لم يكن تعجيزيا، بل واقعيا ومنطقيا، وتشير المعلومات إلى أنه يقوم على قاعدة التدرج في تسليم السلاح، بدءا من الثقيل والمتوسط وتثبيت سلطة الدولة في تلك المخيمات، دون المس بالوجود المدني والإنساني للفلسطينيين أو المساس بحقوقهم.
لكن الشرط الأساسي يبقى في التنسيق مع السلطة الفلسطينية الرسمية، وتحديد جدول زمني واضح لإنهاء هذا الملف، وعدم تركه رهينة الحسابات الفصائلية أو التجاذبات الإقليمية التي يدفع لبنان ثمنها منذ عقود.
من جهة أخرى، باتت بعض القوى السياسية اللبنانية تعتبر أن استمرار وجود سلاح غير شرعي خارج إطار الدولة، سواء أكان في المخيمات الفلسطينية أو لدى تنظيمات لبنانية، يشكل تهديدا مباشرا للاستقرار الداخلي، ويعرقل كل محاولات النهوض بالدولة.
ومع الاصرار على ملف تثبيت الحدود البرية والضغوط الدولية لتطبيق القرار 1701 بحذافيره، ستتزايد المطالبات الدولية والداخلية لحسم هذا الملف، خصوصا أن بعض الاعتداءات انطلقت فعليا من محيط المخيمات، ما أعطى الذريعة لإسرائيل باستهداف هذه المناطق، وكأنها مناطق خارجة عن سيطرة الدولة اللبنانية.
المرحلة المقبلة ستكون حاسمة، فإما أن تنجح اللجنة اللبنانية الفلسطينية في تحويل هذا الطرح إلى خطة تنفيذية قابلة للتطبيق، مدعومة بإرادة سياسية من الطرفين، وإما أن يستمر السلاح خارج الدولة كعامل تفجير دائم. والأمل يبقى في أن يكون نجاح الانتخابات مدخلا لاستعادة القرار الوطني الكامل، وأن تكون بداية مسار لاستعادة السيادة الشاملة بدءا من الجنوب.
"الانباء الكويتية" - داود رمال
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|