عن المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة.. هذا ما كشفه تقرير لـ"Newsweek"
من "التسونامي" العوني إلى " التسونامي" القواتي
استحضر الزخم الذي حققته "القوات اللبنانية" في الانتخابات البلدية مشهد "التسونامي العوني" الذي اجتاح صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية عام 2005، وسط ترجيحات بأن يمتد هذا المدّ القواتي إلى الاستحقاق النيابي المقبل.
ورغم أوجه الشبه في الصورة العامة، فإن المقارنة بين الظاهرتين تبقى سطحية، إذ تختلف الأسباب والسياقات بشكل جوهري.
فـ "تسونامي التيار الوطني الحر" عام 2005 ارتكز على عاملين أساسيين: الركيزة الأولى، الاتفاق الرباعي بين القوى الإسلامية الرئيسية آنذاك، والذي رأى فيه المسيحيون محاولة لإعادة إنتاج منظومة ما بعد الوصاية السورية، مع استمرار تهميش التمثيل المسيحي وحضورهم في مؤسسات الدولة.
أما الركيزة الثانية فقد جاءت بمثابة محاكاة للركيزة الأولى، حيث استمر "التيار الوطني الحر" بالخطاب السيادي الذي يحاكي الوجدان المسيحي في العلن، الذي لخّصه في ما عُرف بـ"الكتاب البرتقالي" وقدّمه للرأي العام المسيحي الغاضب، قبل أن يُسحب لاحقاً من التداول. أقول "في العلن" لأن ما جرى في الواقع كان أقرب إلى عملية خداع واسعة للمسيحيين، إذ تبيّن لاحقاً أن الرئيس ميشال عون كان قد أبرم اتفاقاً سرياً مع قوى الممانعة في العاصمة الفرنسية باريس، وذلك قبل عودته إلى لبنان.
في المحصلة، لم ينبثق "التسونامي العوني" من مشروع وطني متماسك أو رؤية استراتيجية راسخة، بل تشكّل كارتداد سياسي على الاتفاق الرباعي، مدفوعاً بخديعة الخطاب السيادي والإصلاحي الموجّه للرأي العام المسيحي. لكنه بدأ بالانحسار تدريجياً حين دخل "التيار" في دهاليز المحاصصة وتقاسم المغانم، وتحوّل التفاهم الباريسي السري مع قوى الممانعة إلى اتفاق مار مخايل العلني مع "حزب الله".
في المقابل، بَنَت "القوات اللبنانية" حضورها السياسي على قاعدة راسخة من الثوابت الوطنية، أبرزها احتكار الدولة للسلاح، تعزيز دور الدولة ومؤسساتها، الحفاظ على علاقات متوازنة مع العالم العربي والمجتمع الدولي، والشفافية ومحاربة الفساد وتحديث الأداء المؤسساتي ومكننته. هذا الالتزام لم يقتصر على الخطاب السياسي، بل تُرجم عملياً في الأداء البرلماني والوزاري، ما أضفى صدقية على مواقفها.
طبعاً "القوات اللبنانية" ليست حزباً من جنس الملائكة، بل شأنها شأن أي حزب سياسي، قد وقع في أخطاء خلال مسيرته، إلا أنها لم تجعل من مصالحها الحزبية تتقدم على المصلحة الوطنية أو سُلّماً تتجاوز عبره ثوابتها، وقد برهنت عن ذلك في أكثر من محطة مفصلية، كما في تبني ترشيح العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية، وتراجعها عن دعم النائب فؤاد مخزومي لرئاسة الحكومة لصالح القاضي نواف سلام انسجاماً مع مقتضيات المعركة السياسية. وإن كان حقها المشروع، كما هو حق أي طرف فاعل في الحياة السياسية اللبنانية، أن تسعى إلى ترسيخ حضورها السياسي، لكنها تفعل ذلك من دون التفريط بمبادئها.
في الخلاصة، استند "التسونامي" العوني إلى موجة ظرفية هشّة قوامها ردّ فعل شعبي وخطاب خداعي سرعان ما تكشفت حقيقته، بينما جاء صعود "تسونامي القوات" مدفوعاً بعوامل أكثر رسوخاً. وقد شكلت التحولات الإقليمية، ولا سيما الضربة التي تلقاها المشروع الإيراني في لبنان والمنطقة، رافعة إضافية لمشروع ومسار "القوات" باتجاه قيام دولة سيّدة وإصلاحيّة.
جميع هذه العوامل التي عزّزت صدقية مسارها وخطابها السياسي، لاقت صدى واسعاً لدى الرأي العام المسيحي، الذي يرى في مشروع الدولة خياراً تاريخياً ومصيرياً يعبّر عن تطلعاته السياسية والوطنية، فكان "التسونامي القواتي".
مروان الأمين -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|