عباس يلتقي العريضي ممثلاً جنبلاط.. اشادة بدعم التقدمي لفلسطين
خطوات سريعة للشّرع.. طمأنة واشنطن
لم يعد سِرّاً أنّ الولايات المتّحدة الأميركيّة لديها “لائحة شروط” لتخفيف الإجراءات عن سوريا. أوّلها وضع العلاقة مع إسرائيل وانضمام سوريا إلى قطار السّلام في المنطقة، وليسَ آخرها ما يتعلّق بالمقاتلين الأجانب في سوريا.
يعملُ الرّئيس السّوريّ أحمد الشّرع وفريقه الدّبلوماسيّ والأمنيّ على تذليل ما يُمكن تسميته “عقبات” أمام دمج سوريا بشكلٍ كامل في المجتمع الدّوليّ والمشروع الاقتصاديّ في الشّرق الأوسط، وإن كانَ الشّرع قد قطع شوطاً كبيراً بلقائه الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب في العاصمة السّعوديّة الرّياض، في أوّل لقاءٍ بينَ رئيس سوريّ ورئيس أميركيّ منذ لقاء حافظ الأسد – بيل كلينتون عام 2000.
باتَ جليّاً أنّ الولايات المُتّحدة بدأت تعتمدُ مقاربة جديدة في سياستها تجاه سوريا “ما بعد الأسد”. عماد هذه السّياسة هو تركُ العزل والعقاب إلى الانخراط المشروط والدعم الحذر. وكان أعرب المسؤولون الأميركيون عن استعدادهم للعمل مع الحكومة الجديدة في دمشق إذا التزمت مسار التسوية السياسية وراعت المطالب الدولية.
ما إن عاد الشّرع إلى دمشق عقبَ لقائه ترامب حتّى بدأ باتّخاذ خطواتٍ سريعةٍ قبل وبعد إعلان الرّئيس الأميركيّ البدء بإجراءات تخفيف العقوبات عن سوريا.
لم يعد سِرّاً أنّ الولايات المتّحدة الأميركيّة لديها “لائحة شروط” لتخفيف الإجراءات عن سوريا
الأجانب وداعش
كانت أولى هذه الخطوات البدءَ في تفكيك خلايا أجنبيّة في تل حدّية في ريف حلب الجنوبي، حيثُ توجد “كتيبة الإمام البخاريّ” ذات الغالبيّة الأوزبكيّة. وفي معلومات “أساس” أنّ جهاز المخابرات السّوريّ رصدَ مؤشّرات ومعلومات عن إمكان أن يشنّ تنظيم “داعش” عمليّات أو تحرّكات عسكريّة في منطقتَيْ البادية ودير الزّور، على الرّغم من أنّ القسمَ الأكبر من مُقاتلي التنظيم انتقلَ إلى أفغانستان والسّاحل الإفريقيّ.
كانت ثانية هذه الخطوات مهلة الـ10 أيّام التي أعلنَها وزير الدّفاع السّوريّ مرهف أبو قصرة للفصائل المُسلّحة للاندماج ضمن قوّات وزارة الدّفاع تحت طائلة التحرّك ضدّهم في حال لم تُنفّذ هذه الخطوة. وفي المعلومات أنّه بعد لقاء ترامب – الشّرع بحضور وليّ العهد السّعوديّ الأمير محمّد بن سلمان ومشاركة الرّئيس التّركيّ رجب طيّب إردوغان عبر الهاتف، بدأت محادثات بين الحكومة السّوريّة و”قوّات سوريا الدّيمقراطيّة” (قسد) لبدء خطوات دمج المقاتلين الأكراد في الجيش السّوريّ.
لا تنفصل أهمّيّة دمج فصائل “قسد” في الجيش عن الجهود الرّامية إلى مكافحة “داعش” في دير الزّور والبادية، حيثُ لـ”قسد” نفوذ أمنيّ وعسكريّ. تندرج أيضاً محادثات دمج الأكراد في الجيش ضمن توفير الغطاء الأمنيّ والسّياسيّ المطلوب لحماية ومراقبة “مخيّم الهول” في ريف الحسكة، و25 مركزاً آخر في شرق سوريا يُحتجزُ فيها أكثر من 12 ألف شخص، من بينهم المئات من أخطر مُقاتلي “داعش” الذين أتوا من أكثر من 50 دولة.
لا تنفصل أيضاً مسألة أمن شرق وشمال شرق سوريا، ومعهما البادية، عن أمن حقول النّفط والغاز، التي أبلغَ المسؤولون السّوريّون الجانب الأميركيّ أنّهم حاضرون لتهيئة الظّروف القانونيّة والأمنيّة لاستثمار الشّركات الأميركيّة مثل Chevron وExxonMobil في قطاع الطّاقة السّوريّ. إذ صارحَ الجانب السّوريّ أنّه يولي أهميّة للشّركات الأميركيّة، ويُعطيها أولويّة تتقدّم على الشّركات الأخرى، خصوصاً الصّينيّة والرّوسيّة.
في المسألة الأمنيّة أيضاً، أبلغ المسؤولون السّوريون الجانب الأميركيّ أن لا حاجة لهم إلى ما بقي من مخزون الأسلحة الكيمياويّة لنظام بشّار الأسد، وأنّ الإدارة الجديدة مُستعدّة لتسهيل تفكيك هذه الأسلحة بالتعاون مع المنظّمات الدّوليّة وبإشراف الولايات المُتّحدة.
العلاقة مع إسرائيل
كانت ثالثة هذه الخطوات إعلان الرّئيس السّوريّ من العاصمة الفرنسيّة إجراء محادثات غير مباشرة مع إسرائيل لتخفيف التّوتّر والتصعيد قبل لقائه ترامب. إذ يعلمُ الشّرع أنّ أوّل مطالب ترامب هو انضمام دمشق إلى “اتّفاقات أبراهام” وتطبيع علاقاتها مع إسرائيل. وكانَ للرّئيس الأميركيّ مطلبٌ لا ينفصل عن التطبيع، وهو ترحيل كوادر الفصائل الفلسطينيّة، وفي مُقدَّمهم كوادر حركتَيْ “حماس” و”الجهاد الإسلاميّ” من سوريا، بما يُبدّد قلق واشنطن وتل أبيب حيال تلكَ الفصائل.
قبل أيّام صرّح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أنّ تل أبيب “تسعى إلى علاقات جيّدة مع الحكومة السورية الجديدة”، على الرغم من إقراره بوجود مخاوف أمنيّة مستمرّة تجاهها.
لم يأتِ من فراغ هذا التّحوّل الجذريّ في اللهجة الإسرائيليّة تجاه الحكومة الجديدة في دمشق. إذ تزامنَ هذا التّصريح مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو استعادة رُفات الجندي تسفيكا فيلدمان الذي فُقد في معركة “السّلطان يعقوب” في البقاع سنة 1982، في عملية نُفّذت داخل العمق السوريّ. وهذا ما يُمكنُ اعتباره مؤشّراً إلى وجود تفاهمات أمنيّة غير معلنة بين الطرفين. ويرفع من هذا الاحتمال اعتقال الأمين العامّ للجبهة الشّعبيّة لتحرير فلسطين – القيادة العامّة طلال ناجي ليوميْن والتحقيق معه مطلع الشّهر الجاري. وتكشف معلومات “أساس” أنّ اعتقال ناجي كانَ على خلفيّة معرفته بمكان دفن فيلدمان في منطقة في محيط مخيّم اليرموك، وذلكَ بسبب العلاقة التي جمعت ناجي بالرّئيس الأسبق للاستخبارات العسكريّة اللواء علي دوبا.
يسيرُ الشّرعُ بين ألغامِ الإرثِ الثّقيل لنظام آل الأسد، وتحدّيات زمن الصّراع السّوريّ بين 2011 و2025. هدفهُ واضحٌ، وهو البحثُ عن توازنٍ دقيقٍ في علاقات بلاده الدّوليّة لضمان الدّعم المطلوب للدّولة الجديدة عربيّاً ودوليّاً. الواضحُ أنّه استطاعَ حتّى السّاعة عبورَ حقول الألغام بحذرٍ وتحسّسٍ دقيقٍ للخُطى، وسطَ صراعات إقليميّة مُحتدمة، وذلكَ عبر شقّ السّعوديّة طريقه الدّوليّ خارجَ سوريا، ومحاولة تركيا تحصينَ ساحته الدّاخليّة من أيّ خطرٍ قد يظهر لتهديدِ أمن الدّولة الجديدة.
ابراهيم ريحان - أساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|