اتصال إماراتي – إسرائيلي يفضي بإدخال مساعدات غذائية عاجلة الى غزة
سورية الجديدة والآفاق المفتوحة
لا يمضي يومٌ إلّا ويحقّق وليّ عهد المملكة العربية السعودية إنجازاتٍ بالداخل والخارج. سأله الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن كان ينام، وأجاب أنّه يحاول ذلك!
من إنجازات المملكة في الأيّام الماضية رفع العقوبات الأميركية عن سورية، وهذا ما قاله الرئيس الأميركي، بل وأضاف إلى الطلب اجتماعه بالرئيس السوري أحمد الشرع بحضور وليّ العهد السعودي صاحب الرغبة والطلب. هذا عبءٌ كبيرٌ يوشك أن يزول بعد أشهرٍ فقط على بداية العهد الجديد، وبعد حربٍ ضروسٍ على الشعب السوري استمرّت قرابة عقد ونصف عقد، ومن المراقبين من يعتبرها حرباً على الإنسان والعمران بالبلاد عمرها خمسٌ وخمسون سنةً وأكثر. وقد انعقد مؤتمر القمّة العربي ببغداد ومثَّل سورية فيه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، وما اختلف منطق القمّة عن منطق المملكة في دعم العهد الجديد بسورية، ورجاء الاستقرار والإعمار واحتضان كلّ فئات الشعب السوري.
معظم البلدان العربية التي شهدت اضطرابات بعد عام 2010، ما عرفت الأهوال التي عرفتها سورية يوماً بيوم منذ حراك عام 2011. وقد هجّر النظام الأسديّ أكثر من عشرة ملايين، وقتل أكثر من نصف مليون، وسجن مليوناً آخرين، ودمَّر نصف العمران، واستحضر الحرس الثوري والميليشيات الإيرانية والمتأيرنة من لبنان والعراق وباكستان وأفغانستان، وكلّ ذلك لكي يبقى في السلطة التي غمّسها بالدم والخراب واستيراد المرتزقة لحماية النظام.
صعوبة الأوضاع
لا نقصُّ ذلك كلّه لأنّه غير معروف، بل لإيضاح ثقل الأعباء التي تقع على عاتق السلطات الجديدة لجهة إعادة الإعمار وإعادة المهجَّرين وإعادة سورية إلى السويّة التي كانت عليها قبل أعوام الستّينيات والسبعينيات من القرن العشرين.
رفْع العقوبات الأميركية ممتاز في انتظام سورية من جديد في المجال الماليّ الدولي، وهذا ضرورةٌ وجوديّةٌ لأيّ دولةٍ حديثة. لكنّ الأوضاع تظلُّ صعبةً جدّاً بمالٍ وبدون مال. هربت من سورية الميليشيات الإيرانية والمتأيرنة. لكن ما تزال هناك جيوشٌ أميركيةٌ وروسيّةٌ وتركيّةٌ. وهناك الميليشيات الكردية الضخمة التي تحكم مناطق شاسعة وتستغلّ النفط والأراضي الزراعية. وربّما سهّلت صداقة تركيا للنظام الجديد الانسحاب التركي، وهو الذي يبدو أنّ الأميركيين يريدون القيام به أيضاً. وحتّى المشكلة الكرديّة تتسهّل لأنّ الأوضاع مع الأكراد في تركيا تُقاربُ الحلّ فتستفيد في سورية والعراق أيضاً. قبل ثلاثة أيّام اشتبكت قوّات أحمد الشرع مع خليّةٍ لتنظيم داعش بجوار حلب، فقيل إنّ ذلك مطلب أميركي. لكنّ سورية الدولة هي أمرٌ مختلفٌ، وقد شبعت من الميليشيات من كلّ الألوان، ولذلك مكافحة داعش هي مصلحة سوريّة قبل أن تكون مصلحةً أميركيّة. وهناك مخيّمات ضخمة للدواعش يحرسها الأكراد في شمال سورية وشرقها، والمطلوب من النظام الجديد أن يحرسها عندما تصل قوّاته إلى الشمال بعد الاتّفاق النهائي مع الأكراد.
لننظر في أمرٍ آخر. على الرغم من التهويل بسخط الدروز وتذمُّر العلويين يبقى الهمّ الرئيس مع إسرائيل. إسرائيل لا تعمل على نشر الفتنة بين الدروز في سورية فقط، بل احتلّت أجزاء جديدة في ما بعد الجولان وفي جبل الشيخ، وشنّت عشرات الغارات بالداخل السوري بزعم تدمير بقايا أسلحة النظام السابق. رفع العقوبات الأميركية، وأخذ أميركا تعهّدات من الشرع بمكافحة داعش وبحراسة السجون الداعشيّة، كلٌّ منهما يُشعر أنّ الهجمات الإسرائيلية ستتوقّف، ويقال إنّ بين الأمنيّين محادثات للعودة إلى حدود الفصل بين القوّات عام 1974. وعلى أيّ حال يعود الوجود الإسرائيلي بسورية إلى حقبة حكم البعث والأسد أو الأسدين. وهكذا ما غادر الأسديّون سورية إلّا بعدما فرضوا على الشعب والأرض مئات القيود والنكبات. كيف يستطيع نظام يقال إنّه وطني وقوميّ أن يتعامل مع أرضه ووطنه وشعبه بهذا القدر من القسوة وعدم المسؤوليّة؟!
استعادة العافية
يقول مثل عربي قديم: ليست الثكلى كالمستأجَرة. هي الأكثريّة الشعبية السورية التي نزل بها الثكل وهي تحاول الإفاقة ممّا نزل بها بعدما حمَّلها النظام البعثي كلّ الأعباء الممكنة وغير الممكنة. وقد قلت في إحدى مقالاتي عن سورية في “أساس” إنّ سورية القويّة تؤثّر في كلّ جيرانها من العراق إلى تركيا والأردن ولبنان. وهكذا فعل حافظ الأسد المستقوي، وأمّا بشّار المستضعَف فقد هجم عليه هؤلاء جميعاً، بالإضافة إلى إيران وروسيا وأميركا. وقد استدعى بشّار بعضهم في حين تدخّل آخرون لاتقاء شرّه. طوال سنوات ظلّت الطائرات الإسرائيلية تهاجم بداخل سورية ويقول مسؤولوها إنّهم يهاجمون الإيرانيين! أمّا الآن فيهاجمون تخوّفاً من الحكّام الجدد الذين يقولون للجميع إنّ همّهم الآن استعادة الاستقرار وتوحيد البلاد.
تستطيع الكثرة السورية التي تستعيد بلادها بمساعدة العرب أن تقف على قدميها من جديد ومن حولها جيران لا يخافونها ولا تخافهم.
رضوان السيد -اساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|