بلديات على حدود “سوريا الجديدة”… شهادة لـ"الدولة": تواجه "الحزب" بجدية
تنطلق اليوم الانتخابات البلدية في شمال لبنان، في لحظة سياسية مفصلية، تُجري فيها البلديات الواقعة على تخوم “سوريا الجديدة” أول اختبار شعبي لها بعيداً عن شبح النظام السوري الذي طالما تعامل مع الشمال اللبناني كحديقته الخلفية، يتدخّل فيها ويهندس نتائجها، عبر أدواته الحزبية والأمنية والعائلية.
لسنوات طويلة، كانت طرابلس وعكار والمنية والضنية جزءاً من مشهد مرسوم في دمشق. رؤساء بلديات ونواب ومختارون، يجري اختيارهم برضا “السفارة السورية” أكثر مما بقرار الناس. أما اليوم، فسقطت تلك الوصاية، وسقط معها النظام نفسه، وظهر فراغٌ سياسي لم يملأه حتى الآن سوى محاولات عبثية من بقايا الوكالة القديمة: من آل كرامي في طرابلس إلى فلول “الممانعة” في البترون، وكل من لا يزال يراهن على أن زمن الأسد لم ينتهِ.
لكنّ انتخابات اليوم مختلفة. ليست شهادة ميلاد لشمال جديد وحسب، بل اختبار عملي لقدرة الدولة اللبنانية على ترسيخ سلطتها في الداخل، في الوقت نفسه الذي تخوض فيه مواجهة حسّاسة وجريئة على جبهة أخرى: مطار رفيق الحريري الدولي. فالتقرير الصادر عن صحيفة “وول ستريت جورنال” يكشف ما يمكن وصفه بـ”معركة سيادة” صامتة بين الدولة و”حزب الله”، بدأت بعزل موظفين تابعين له، مروراً بوقف الإعفاءات الخاصة لرحلات مشبوهة، وصولاً إلى مصادرة شحنة ذهب كانت في طريقها إلى الحزب، وتركيب أنظمة رقابة مدعومة بالذكاء الاصطناعي.
ما يجري في المطار ليس تفصيلاً أمنياً، بل رسالة سيادية واضحة: أن الدولة، ولو متأخرة، بدأت تستعيد مفاتيح المرافق الحساسة، وتكسر احتكاراً استمر لعقود من التهريب والسيطرة والمرور غير الشرعي.
في هذا السياق، يبدو الشمال اللبناني – من طرابلس إلى الكورة والبترون -مرآة حقيقية لصراع أكبر: بين دولة تحاول النهوض وسط الركام، وطبقة قديمة تتشبث بكل نفوذٍ موروث. وفي عاصمة الشمال، يبدو السؤال اليوم أكثر من مجرّد خيار بلدي: هل ينتخب الناس النهج الذي فقَدَ شرعيته؟ أم يمنحون فرصة لتيار تغييري أثبت حضوره، كما تمثله تجربة النائب إيهاب مطر، الخارج عن منظومة الصفقات والتحالفات الكلاسيكية؟
إنّ ما يجري اليوم في صناديق الشمال، وما يجري خلف أسوار المطار، ليسا حدثين منفصلين. كلاهما وجهان لمعركة واحدة: معركة استعادة الدولة.
وإذا صدقت الوقائع، فربما تكون هذه الانتخابات شهادة أولى على أن لبنان بدأ يخرج فعلاً من ظلّ الوصايات… ويدخل زمن القرار الوطني الجريء.
وفيما يخوض لبنان اختباراته الداخلية المعقدة، يتحرك الرئيس الأميركي دونالد ترامب بثقله على المسرح الدولي. الرجل الذي عاد إلى البيت الأبيض بولاية ثانية، لم ينتظر كثيراً ليثبت أن رئاسته الثانية ستكون أكثر اندفاعاً من الأولى، وأنه لا ينوي الاكتفاء بإدارة الملفات… بل إعادة رسمها.
في غزة، يمارس ترامب ضغوطاً مباشرة على إسرائيل للقبول بهدنة إنسانية، قبل أيام من زيارته المرتقبة إلى المنطقة، وسط مساعٍ مصرية – قطرية مشتركة لفرض واقع جديد يربك حكومة بنيامين نتنياهو. أما على جبهة الهند وباكستان، فقد فاجأ ترامب العالم بإعلانه التوصل إلى اتفاق فوري لوقف إطلاق النار بين الجارتين النوويتين، بعد أيام من التصعيد الدموي. خطوة وُصفت بأنها منعت حرباً كارثية في جنوب آسيا، وجعلت من ترامب ليس طرفاً فاعلاً وحسب، بل الوسيط الأقوى في الساحة الدولية.
أما على خط إيران، فتتواصل المفاوضات غير المباشرة في عُمان، وسط توتر بالغ بين شروط أميركية صارمة بشأن برنامج التخصيب، ورغبة إيرانية بالمناورة وتوسيع شروط اللعبة. لكن الرسالة التي تصل من البيت الأبيض واضحة: إما القبول بشروط ترامب، أو مواجهة عزلة وخنق اقتصادي جديد، وربما حرب.
الحجار يشرف على تسليم الصناديق
بلدياً، أشرف وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار من غرفة العمليات المركزية الخاصة بالانتخابات البلدية والاختيارية في مبنى الوزارة، على عملية تسليم صناديق الإقتراع إلى رؤساء الأقلام والكتبة التي انطلقت فجر السبت بمواكبة من قوى الأمن الداخلي، وذلك استعداداً لإنطلاق العملية الإنتخابية في محافظتي لبنان الشمالي وعكار صباح اليوم. وأكّد الحجّار أنّ “عمليّة توزيع صناديق الاقتراع في محافظتي الشمال وعكار جيّدة وهي مستمرّة في طرابلس والضنيّة وأُنجِزَت في الأقضية الأخرى”.
وقال في حديث تلفزيوني قرابة الثانية من بعد ظهر أمس، إن “توزيع الصناديق انتهى في البترون وعدد كبير من الموظّفين وصلوا في وقت مبكر لأنّنا كلّفنا عدداً كبيراً منهم تخوّفاً من أي نقص ونعمل على إنجاز مركزين بأسرع وقت”.
وأضاف: “قمنا بجهد كبير لتلقّي الشكاوى ومتابعة كلّ ما يجري على الأرض وورد القليل منها لكنها عولِجَت”. وأشار إلى أنّ “القوى الأمنيّة ستنتشر بكلّ جديّة خصوصاً في طرابلس”، آملاً في “أن تمرّ الأمور على خير”.
بلديات فازت بالتزكية
وقبل الاستحقاق الشمالي فازت 13 بلدية في قضاء المنية – الضنية بالتزكية، 12 بلدية في الضنية، هي : حرف السّياد، الحازمية، بحويتا إفقا وبشناتا، دير نبوح، مراح السّراج، الروضة، قرصيتا، بقاعصفرين، عيمار، بيت الفقس، زغرتغرين وكهف الملول، وبلدية واحدة في المنية هي برج اليهودية.
وأعلن في قضاء المنية – الضنية عن فوز مختاري 10 بلدات بالتزكية، هي: الحازمية، المطل، بيت الفقس، عيمار، قرصيتا، تربل، مزرعة القرين، بحويتا، حرف السياد وزغرتغرين. كما أعلن عن فوز الهيئات الانتخابية الاختيارية بالتزكية في أربع بلدات هي: السفيرة، دير نبوح، كفربنين وتربل.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|