إقتصاد

30 بالمئة دفعة واحدة: من يلتهم جيوب اللبنانيين في سوق الخضار

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تفاوت أسعار الخضار والفاكهة في لبنان (التي تتمتع بنفس المواصفات والجودة)، بين بائعي الأرصفة والدكاكين الصغيرة والسوبرماركت وبين منطقة وأخرى. وتتداخل أسباب هذا التفاوت بين توقف الزراعة في سهول الجنوب (الوزاني- المجيدية- الخيام) منذ بدء حرب الإسناد إلى يومنا هذا، كلفة النقل والإيجارات ورواتب العمال والمصاريف التشغيلية الأخرى. ولإعطاء أمثلة على ذلك يبلغ سعر كيلو الفول الأخضر (باب أول) 100 ألف ليرة لدى مزارع يعرض منتوجاته في خيمة في بلدة قعقعية الجسر(جنوب لبنان)، و175 ألف ليرة على بسطات الطريق العام الممتد من صيدا إلى الرميلة، و250 ألف ليرة في أحد مراكز البيع في مدينة بيروت، وفي سوبرماركت في الحازمية.

حِسبة طرابلس هي الأرخص!!

يربط أحد أصحاب المحال التجارية المُخصصة لبيع الخضار والفواكه، في منطقة جل الديب، سبب إختلاف الأسعار بعوامل متعددة، ويقول ل"ليبانون ديبايت" أن "أبرزها مدى قرب سوق الحِسبة (البيع بالجملة) من منطقة الإنتاج، بمعنى أن أرخص أسعار الحمضيات والموز والأكيدينيا، يشتريها من حِسبة صيدا نتيجة قربها الجغرافي من البساتين ما يعني كلفة نقل أقل، في حين أن أجود أنواع البطاطا والخضراوات وأرخصها هي في حِسبة طرابلس والقبة، لقربهما من سهل عكار المُنتج لهذا النوع من الخضار"، مشيرا إلى أن "الحِسبة في المدينة الرياضية هي قسمين، قسم لتجار لبنانيين غالبا ما تكون بضائعهم نخب أول، ومُخصصة للمطاعم والفنادق وبالتالي أسعارها مرتفعة بالنسبة للمواطن العادي، وقسم آخر من السوق هو لتجار سوريين يستوردون بضائعهم من سوريا وبالأسعار أقل، أما في حِسبة جبيل فتأتي الفواكهة من المتن فتكون أسعارها معقولة، أما الخضار الآتية من عكار فأسعارها أعلى بسبب كلفة النقل والتحميل".

يضيف:"في سوق الخضار في المدينة الرياضية هناك 41 مزارع لبناني يبيعون خضار organic، وهذا النوع من الخضار أسعاره مضاعفة 3 مرات من الخضار العادية. كما أن إستيراد الخضار والفواكهة من الخارج يلعب دورا في تحديد الأسعار، فإستيراد كميات كبيرة من المانغا الأردنية أو المصرية، يخفّض أسعارها ولا يتجاوز سعر الكيلو بالمفرق 150 ألف ليرة، كما أن هناك مزارعين لبنانيين يعمدون إلى زراعة الفريز والفطر في البيوت البلاستيكية، وفي غير موسمها فيكون سعرها بالمفرق مرتفعا (حوالي 4 دولار لليكلو الواحد)، كما أن هناك مزارعين آخرين يتّبعون المعايير العالمية في الزراعة، مما يسمح لهم بتصديرها إلى الإتحاد الأوروبي بأسعار مرتفعة".

ربات البيوت يتبعن العروضات

على ضفة ربّات البيوت اللواتي غالبا ما تقع على عاتقهن شراء حاجيات المنزل، تتنوع خيارتهن لشراء الخضار والفواكهة بحسب ميزانيتهن. إذ تخبر ماغي-ع (أم ل 3 أولاد) "ليبانون ديبايت" أنها "تقسم شراء خضراواتها بين أسبوعي وشهري، بمعنى أنها تشتري البطاطا والبصل والثوم شهريا من سوق الحسبة في قب إلياس أثناء تواجدها في البقاع للحصول على النوعية الأفضل بأسعار مقبولة، بالنسبة لراتبها وراتب زوجها المتواضع (موظفين في الدولة)، أما باقي حاجياتها من الخضار والفواكهة فتحرص على شرائها بشكل أسبوعي من بائعي الخضار في منطقة الأوزاعي حيث الأسعار مقبولة أيضا".

من جهتها تقول لينا-د (أم لطفلين) ل"ليبانون ديبايت"، أن "المدخول الجيد لبعض العائلات لا يبرر المبالغة في الأسعار من قبل أصحاب السوبرماركت، وهذا ما تلاحظه في المتاجر في منطقة الحازمية حيث تسكن. لذلك تحرص على شراء كل ما تحتاج إليه من خضار من متجر في منطقة الحدث، لأن الأسعار أقل والنوعية جيدة جدا، أو خلال أيام العروضات التي ينظمها أحد مراكز التسوق المتواجد قرب منزلها".

الحسيني: لا زراعة في الجنوب ولا إكتفاء ذاتي

يوضح رئيس تجمع مزارعي الجنوب محمد الحسيني ل"ليبانون ديبايت"، العوامل التي تؤثر على أسعار الخضار بالقول:"تُزرع الخضار في فصل الشتاء في البيوت المحمية (الخيم الزراعية)، في سهول الشمال والجنوب وليس لدينا إكتفاء ذاتي ونستورد من سوريا في الأغلب. والتفاوت في الأسعار سببه أن المزارع يبيع لسوق الجملة وسوق الجملة يبيع لسوق المفرق، وبالتالي تاجر المفرق أغلب بضائعه مزروعة في سهول عكار وطرابلس وبالتالي أرخص منطقة لبيع الخضار هي شمال لبنان، أما الساحل الجنوبي، فنتيجة الحرب ونتيجة إشغال الأراضي الزراعية بزراعة الحمضيات والموز والأفوكا، فالمساحات المزروعة بالخضراوات هي الأقل وهناك ندرة ويصبح الطلب أكثر من العرض في منطقة الجنوب، ويؤثر على إرتفاع الأسعار".

يضيف:"العامل الثالث هو كلفة النقل، وكلما إبتعدت أسواق التصريف عن أسواق الانتاج تزداد كلفة النقل مما يزيد من كلفة المنتج على المستهلك. أما العامل الرابع فهو مكان مركز بيع بالمفرق، ففي داخل بيروت الكبرى أسعار الإيجارات والمصاريف التشغيلية ورواتب الموظفين، أعلى بكثير من الضواحي وهذا ينعكس سلبا على سعر المنتج للمستهلك، وبالخلاصة كلما إقتربت مراكز التصريف بالجملة والمفرق من مراكز الانتاج، كلما كانت البضائع أرخص ويلعب العرض والطلب دوره لمصلحة المستهلك، وكلما إبتعدت كلما كانت الأسعار أعلى".

ترشيشي :كلفة النقل من مصر الى بيروت تساوي الكلفة من صيدا إلى البقاع!!

يشير رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع إبراهيم ترشيشي ل"ليبانون ديبايت"، إلى أن "التفاوت الأسعار يظهر بين نقاط البيع الفاخرة (السوبرماركت) وبين الأحياء المتواضعة، وغالبا ما تكون الأسعار مضاعفة إما بسبب الموقع الجغرافي أو بسبب المصاريف التشغيلية (إيجار المحلات/ رواتب العمال والموظفين)، كما أن إختلاف نوعية البضائع تزيد من السعر بين (فرز أول وثاني)".

يضيف:"هناك إرتفاع بالاسعار بسبب كلفة النقل، وعلى سبيل المثال أسعار الحمضيات والموز على المستهلك في صيدا أقل من سعرها المستهلك في البقاع بسبب كلفة النقل. فأسعار المحروقات في لبنان عالية وطريق ضهر البيدر مُكلف (صيانة الآليات) ووصول البضائع يستغرق وقتا (3 ساعات بالشاحنة) للوصول إلى السوق، وتتراوح أجرة التوصيل والتحميل بين 10 و20 دولار عن كل طن خضار، وهذا ينعكس على سعر المنتج، في حين أن كلفة نقل الطن بالباخرة من مصر إلى مرفأ بيروت 20 دولار".

ويختم:"نحن بلد حر ولا رقابة على الأسعار بشكل حاسم، وهناك مشكلة في تنظيمها لتكون عادلة للمستهلك".

أبو حيدر: إرتفاع الاسعار سببه خسارة إنتاج الجنوب

يشرح مدير عام وزارة الإقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر ل"ليبانون ديبايت"، أن "الرقابة على أسعار الخضار، هي رقابة مشتركة بين وزارة الزراعة في أسواق البيع بالجمة، ورقابة مديرية حماية المستهلك التابعة لوزارة الاقتصاد في أسواق البيع بالمفرق"، لافتا إلى أنه "في ما يتعلق بأسعار الخضار بالمفرق، تمّ تسطير بعض المحاضر وإحالتها للقضاء، ولكن هناك شقين في الموضوع، الأول أن إرتفاع أسعار الخضار والفاكهة في لبنان سببه خسارة 30 بالمئة من مصادر إنتاج هذه المواد، نتيجة توقف الزراعة في الجنوب جراء العدوان الاسرائيلي المستمر هناك، ناهيك عن تلف بعض المزروعات في البقاع"، ويشدّد على أن "مديرية حماية المستهلك تراقب أسعار الخضار بشكل أسبوعي وحين يظهر أي خلل يتم توجيه المراقبين على أساسه، وجرى تسطير العديد من المحاضر وإحالة المخالفين إلى القضاء المختص".

ويختم: "في ما يتعلق بإرتفاع أسعار بعض الفواكهة والخضار المستوردة من الخارج، فهي نتيجة التغيّر المناخي والتضخّم العالمي".

أسعار الخضار في جنوب لبنان إلى ارتفاع بسبب توقّف الزراعة

طيلة العقود الماضية، شكّلت الزراعة العصب الإقتصادي للقرى الحدوديّة، وحقّقت إنماءً كبيرًا فيها، إذ لم يكتفِ سكان هذه القرى بالزراعة للاستهلاك الفردي أو العائلي فقط، إنّما طوّروها لتشمل البيوت الزراعيّة التي زادت من تعدّد الإنتاج وبالتالي أصبحت مصدر رزق لتجار جملة في مناطقهم ومناطق لبنان كافة أو لبائعي الخضار في قراهم، فما حال هؤلاء بعد الحرب؟

بالنسبة للزراعة، كان لديّ بيوت بلاستيكيّة أو بيوت محميّة كما يسمّونها، كنت أزرع فيها بندورة، خيار، فاصوليا، كنت أوّلًا أبيعها في سوق الجملة، ولاحقًا أصبحت أوزّعها على الدكاكين ومحلات الخضار، وكان الأمر يسير بشكل جيّد.

منذ العام الماضي، أي منذ بداية أحداث غزة وأنا متوقف عن الزراعة، فبعد الأحداث بحوالي شهر تركت قريتي ولم يعد باستطاعتي السكن فيها، غبنا هذه الفترة الطويلة، أرزاقنا كلّها ذهبت سدىً، المزروعات كلّها أيضًا، فأنا أزرع الحنطة، الشعير، البقوليات، كالعدس والحمص، أيضًا زراعة بعليّة، منذ عام ونصف تقريبًا والزراعة والعمل متوقفان، فلا يد عاملة ولا حركة بيع، فقد عدنا منذ فترة قريبة إلى قريتنا، ووجدت البيوت البلاستيكيّة كلّها مكسورة ومتضررة من النيلون والحديد وشبكة الري أيضًا.

بالنسبة للأسعار، فهي مرتفعة اليوم جدًا، لأنّ الزراعة متوقفة في المنطقة كلّها، ونحن لا نعلم حتى اليوم كيف سنتصرّف، أراضينا مليئة بالأعشاب وباتت مهملة. وبالنسبة للأرض لم يتمّ الكشف عليها أبدًا حتى الساعة، لا فحوصات للأرض ولا للتربة.

أعادت الحرب مزارعي الجنوب عشرات السنوات إلى الوراء، فقضت على محاصيلهم وجمّدت دورة اقتصاديّة كانت رائدة في المنطقة، حيث أنّ الخسائر لم تتوقف عند المواسم فقط، إنّما أضيف إليها خسارة أراضٍ ومساحات زراعيّة شاسعة نتيجة الفوسفور، فضاع الرهان على إعادة إحياء هذا القطاع قريبًا ودقّ ناقوس ارتفاع الأسعار مجدّدًا، فهل للمواطن القدرة على تحمّل ذلك؟

باسمة عطوي-ليبانون ديبايت

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا