فضيحة في "سيدروس بنك": مديرة تختلس ملايين الدولارات والمصرف يردّ!
الـ267 في تاريخ الفاتيكان والأوّل أميركيّاً...لاوون الـ 14: ليكن السلام معكم... سلام ينزع السلاح

شهد العالم، بالأمس، واحدة من أكثر اللحظات إثارة ورهبة في قلب الفاتيكان، لحظة تتكرّر كل بضع سنوات، لكنها لا تفقد شيئاً من سحرها وجلالها: انتخاب البابا الجديد.
مع اقتراب الساعة السادسة مساءً بتوقيت روما وبعد الدورة الانتخابية الرابعة، تجمّع الآلاف من المؤمنين والسياح والإعلاميين في ساحة القديس بطرس.
كل الأنظار كانت موجّهة نحو المدخنة الصغيرة المنصوبة فوق كنيسة السيستينا. لحظات من الترقب المشحون، أنفاس محبوسة وقلوب تخفق على إيقاع الانتظار. وفجأة، خرج الدخان الأبيض... دخان ناصع يرتفع كرسالة إلى العالم: "لقد تم انتخاب البابا".
ارتفع التصفيق، وانطلقت صيحات الفرح بلغات شتّى، فيما قرعت أجراس كاتدرائية القديس بطرس قرعاً احتفالياً ملأ أجواء روما بروحٍ جديدة. لقد بُشّر العالم بولادة راعٍ جديد للكنيسة الكاثوليكية.
غرفة الدموع
في تلك اللحظات، بدأت حركة نشطة داخل أروقة الفاتيكان. الكاردينال المنتخب دخل "غرفة الدموع"، وهي غرفة صغيرة قرب الكنيسة، سُمّيت كذلك لأن العديد من البابوات، عند ارتدائهم الثوب الأبيض للمرة الأولى، ذرفوا دموعاً أمام هول المسؤولية. هناك، اختار البابا الجديد اسمه البابوي وارتدى الثوب الأبيض الذي سيرافقه طوال حبريته.
الإعلان الرسمي
في الخارج، ازداد الترقب. الجميع بانتظار الإطلالة الأولى، الاسم، والوجه. على الشرفة الرئيسية للبازيليك، المعروفة بـ"شرفة البركات"، تقدّم الكاردينال جان-لوي توران، وهو الأول بين الكرادلة الشمامسة، وصدح بصوته بالكلمات التاريخية:
"Habemus Papam" لدينا بابا! ثم أعلن اسمه: لاوون الرابع عشر. انطلق التصفيق مجدداً، مغموراً بالدهشة والفرح، وحتى المفاجأة.
من هو البابا الجديد؟
روبرت فرانسيس بريفوست هو أول أميركي يُنتخب بابا في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، تحت اسم لاوون الرابع عشر. وُلد في 14 أيلول 1955 في شيكاغو، لوالدين من أصول فرنسية، إيطالية، وإسبانية.
بدأ مسيرته التكرسيّة بانضمامه إلى رهبنة القديس أوغسطين عام 1977، ورُسم كاهناً في 19 حزيران 1982. في عام 1999، انتُخب رئيساً إقليمياً للرهبنة في شيكاغو، ثم شغل منصب الرئيس العام للرهبنة من 2001 إلى 2013.
في 3 تشرين الثاني 2014، عيّنه البابا فرنسيس مديراً رسوليّاً لأبرشية تشيكلايو في بيرو، ورُسم أسقفاً في 12 كانون الأول من العام نفسه. وفي 26 أيلول 2015، أصبح أسقفاً لتشيكلايو. عام 2023، تولّى رئاسة دائرة الأساقفة في الفاتيكان، وهو المنصب الذي شغله حتى انتخابه بابا.
الإطلالة الأولى
أطلّ البابا لاوون الرابع عشر على العالم بحضور وقور طغى عليه عمقٌ روحيّ ذكّر الكثيرين بالبابا القديس يوحنا بولس الثاني. كان مرتدياً اللباس البابوي الكامل: الرداء الأبيض، الوشاح الأحمر، والصليب الصدري المذهّب.
اقترب من شرفة البركات حاملاً أوراقاً مرتّبة، مصرّاً على أن تكون كلماته مدروسة وواضحة. ومع ذلك، لم يتردّد في التوقّف لحظة لينظر إلى الجماهير بعفوية، يحيّيهم بإشارة من يده وابتسامة دافئة، نازعاً من اللحظة رهبتها، وغارساً فيها دفء الأبوة.
ثم بدأ كلمته المكتوبة، جامعاً بين الإسبانية والإيطالية، كمن يخاطب قلوب الناس لا عقولهم فقط. اختتم كلمته بالصلاة للعذراء، ثم منح الجماهير بركته الرسولية الأولى.
مرحلة جديدة، بين التحديات والآمال
بهذه اللحظة، بدأت مرحلة جديدة في تاريخ الكنيسة والعالم. البابا الجديد أمامه جبلٌ من المسؤوليات وأمواجٌ من التحديات الروحية والرعوية والإنسانية والسياسية.
منذ انتخابه، لم يعد رجل إيمان فحسب، بل أصبح أباً لأكثر من مليار ونصف كاثوليكي، وصوتاً أخلاقياً عالمياً يُنتظر منه أن يتصدّى لقضايا العالم ويُلهم القلوب.
ينتظره العمل عن كثب مع دوائر الكرسي الرسولي، والكرادلة، والمجالس الفاتيكانية، واتخاذ قرارات حاسمة في ملفات شائكة: إصلاح الكنيسة، شفافية الإدارة، قضايا الاعتداءات، الفقر، الهجرة، العدالة الاجتماعية، والمثلية والعائلة.
كما سيُطلب منه السفر المستمر، ليس فقط جغرافياً، بل إنسانياً، إلى مناطق النزاع والهامش، حيث يتوق الناس إلى لمسة أمل وكلمة تعزية ووقفة تضامن.
رسالة البابا، الثبات والتجدد
عقائدياً، عليه أن يوازن بين الثبات على الإيمان والانفتاح على تساؤلات العصر. أن يصغي للأجيال الجديدة من دون أن يتخلى عن جذور الكنيسة، وأن يكون شاهداً للسلام والحق في كل موقف وكلمة.
لكن التحدّي الأكبر، ربما، هو أن يجمع بين التواضع والمسؤولية، أن يكون خادماً لا سيّداً، حاضراً لا متعالياً، يشبه المسيح في رعايته، ويقود الكنيسة لا كحاكم، بل كراعٍ يسير أمام خرافه، يصغي إلى أنينهم، ويقودهم إلى مرعى الرجاء.
هكذا، خُتمت صفحة وبدأت أخرى. والعالم، كما في كل مرة، تابع اللحظة من روما، لكن صداها تخطّى الحدود، ليصل إلى كل قلب يتوق إلى الأمل، وكل مؤمن يبحث عن قائدٍ للروح.
واللافت أن البابا لاوون الرابع عشر ينتمي إلى الخط المعتدل داخل الكنيسة، ما قد يمنحه قدرة على الجمع بين الثبات العقائدي والانفتاح على الحوار. كما أن خلفيته الأميركية تفتح الباب أمام دور محوري له في تعزيز علاقات الكرسي الرسولي مع الولايات المتحدة، وربما في لعب دور وسطي فاعل في الملفات الدولية الحساسة، حيث تلتقي السياسة بالإيمان، وتُختبر القيادة على مسرح العالم.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|