الصحافة

وليد جنبلاط…. في مواجهة الرّيح الإسرائيلية!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تقف سوريا فوق رمال متحرّكة، وأحياناً متفجّرة، تجعلها عرضة للاضطرابات والأزمات المتناسلة من الجغرافيا والتركيبة التعدّديّة المتداخلة، فيما إسرائيل تتوغّل من جنوبها وتتحيّن الظروف الدولية والداخلية لتكرّر مشروعها القديم- الجديد القاضي بجعل المنطقة برمّتها دويلات ضعيفة.

الأهمّ هو أنّ تلك الاضطرابات أشبه بالعدوى القابلة للتمدّد سريعاً، وقد لا توفّر لبنان من شظايا إذا ما خرجت عن السيطرة. فالفصل بين الجارين صعب لا بل مستحيل، وهو ما يدفع وليد جنبلاط إلى اجتياز الحدود نحو دمشق، مرّة واثنتين وثلاثاً، بحثاً عمّا يعيد الاستقرار إلى الجبل الدرزيّ، في سوريا أوّلاً، وفي لبنان ثانياً.

انتقد البعض وليد جنبلاط حين سارع إلى لقاء أحمد الشرع في سوريا بعد اعتلائه سدّة الرئاسة على أثر سقوط نظام بشّار الأسد. لكنّ الأحداث الأمنيّة، التي شهدتها منطقة جرمانا وأشرفيّة صحنايا في الأيّام الأخيرة، بيّنت أنّ حدس الزعيم الدرزي كان في محلّه. أصاب إصابة دقيقة. الوضع في جبل الدروز لا يبعث على الطمأنينة ولا بدّ من مقاربته بكثير من الرويّة والحكمة، كي لا تصير تدخّلاً من جانب جنبلاط في شؤون دروز سوريا، وكي لا يُترك الأمر لتسلّل الإسرائيليين من الخاصرة الضعيفة.


في الواقع، سمح انهيار النظام السوري لإٍسرائيل بالتوغّل في العمق السوري والشروع في إقامة منطقة نفوذ بعمق 65 كيلومتراً، وكأنّها تحاول بناء رأس جسر عسكري وأمنيّ استعداداً لمرحلة أكثر توسّعاً ونفوذاً تقوم فيها بتغذية تلك المنطقة بالمساعدات الاجتماعية والأمنيّة، في سبيل فرض نوع من الفصل الجغرافيّ عن المحيط. وإذ بالأحداث الأخيرة تزيد من مخاوف جنبلاط وخشيته من مشروع انفصاليّ تعمل عليه إسرائيل وتسعى إلى فرضه من بوّابة سوريا الجنوبية.

من يعرف الواقع الدرزي جيّداً يدرك أنّ مهمّة جنبلاط ليست سهلة أبداً. لا بل يمكن القول إنّ زعيم المختارة قرّر مواجهة الرياح، رياح تفرضها وقائع المنطقة التي تُرسم في لحظة استثنائية قد تبدّل أقدارها ومساراتها.
استطلاع استباقيّ

تفيد المعلومات أنّ الرجل قبل زيارته الأولى لدمشق أوفد من يستطلِع موقف مشايخ جبل الدروز في سوريا من التطوّرات الحاصلة. يومها لمس حرص أغلبيّة المشايخ على وحدة سوريا، ومنهم الشيخ يوسف الجربوع والشيخ حمود الحناوي وحركة “رجال الكرامة” التي تمسك الأرض، لكن باستثناء الشيخ حكمت الهجري الذي كان له رأي مغاير بحجّة أنّ لكلّ بلد خصوصيّته ولكلّ مجموعة اعتباراتها، وهو ما أثار ريبة جنبلاط ممّا قد تحمله الأيّام، وكانت ريبته في محلّها.

في الواقع، لا تريح موجة الاعتراض، التي يثيرها الشيخ موفّق طريف، الرئيس السابق للحزب التقدّمي الاشتراكي. يخشى تأثير طريف على المشايخ الدروز، سواء في سوريا أو في لبنان، وهو أمر حاصل. لهذا اضطرّ جنبلاط إلى التدخّل بحزم وحسم.

تفيد المعلومات المتوافرة عن موقف الزعيم الدرزي أنّ الانعطافة بدأت في 16 آذار الماضي حين خرج بخطاب وضع فيه النقاط على الحروف. في تلك اللحظة أيقن جنبلاط أنّ أفكار موفّق طريف تسلّلت إلى أوساط المشايخ في لبنان، ولذا لم تكن مشاركتهم في الاحتفال على مقدار المتوقّع، وكان لا بدّ من انخراط أكثر وضوحاً من جانبه، فكان اللقاء في دار الطائفة الدرزية عند حصول أحداث جرمانا وأشرفيّة صحنايا لوضع الأمور في نصابها وشرح أنّ للمشاريع الانفصالية مخاطرها لأنّها انتحارية.


تؤكّد المعلومات أنّ ردّة فعل المشايخ كانت أكثر من إيجابية بدليل أنّ جنبلاط لم يوفّر طريف من انتقاداته في ذلك اللقاء، من باب وضع الإصبع على الجرح. فكان التفهّم من جانب المشايخ، وبذلك رفع جنبلاط من منسوب إحاطته للملفّ وتطويق التداعيات السلبية للأحداث الأمنيّة التي تشهدها سوريا.
لقاء عند الصّايغ

أمّا الخطوة الثالثة فتتجلّى في الزيارة التي سيقوم بها خلال الساعات المقبلة النائبان أكرم شهيّب وفيصل الصايغ لدارة الشيخ أمين الصايغ في شارون – عاليه، لشرح موقف جنبلاط ورؤيته لما يجري في سوريا. هذه الزيارة هي الأولى التي تعيد التواصل بين جنبلاط والشيخ أمين الصايغ بعد الخلاف الذي وقع بينهما على خلفيّة انتخاب الشيخ سامي أبي المنى شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز. كلّ تركيز وليد جنبلاط هذه الأيّام هو على شرح موقفه للمرجعيّات الدينية بهدف تعزيز الموقف الدرزي في الحفاظ على وحدة سوريا وعدم الانجرار وراء مشاريع انتحاريّة لا تنسجم مع تاريخهم العربي، وقد تقدّمهم أضاحي على مذبح الاختبارات الدمويّة.

طرح توافقيّ


لهذا حاول جنبلاط خلال لقائه الأخير مع الشرع الاتّفاق على طرح يكون مقبولاً من الطرفين، أي السلطة المركزية والدروز، يقوم على أساس ضبط سلاح الدروز لا تسليمه في المرحلة الحالية، وعلى العودة إلى الاتّفاق السابق على أن تتولّى عناصر درزية ترتبط بالسلطة المركزية للدولة السورية مسؤوليّةَ الأمن العامّ في مناطق الجبل. وهذا ما يطمئن الفريقين ويعيد الاستقرار إلى الجبل.

لهذا خرج جنبلاط، كما تفيد المعلومات، مرتاحاً من اللقاء الدمشقيّ، وهو يسعى إلى توسيع بيكار التفهّم الدرزي على المستوى اللبناني للمواجهة التي يقودها. ومع ذلك لا تزال هناك أسئلة مشروعة: هل يتمكّن جنبلاط من نزع الفتيل الذي تشعله إسرائيل في جبل العرب؟ وهل يعيد الشيخ حكمت الهجري النظر بموقفه ويفتح حواراً مع السلطة المركزية، أم يستمرّ في دعوته إلى التدخّل الدولي والتناغم مع مواقف الشيخ طريف في طلب الحماية الإسرائيلية؟

أساس ميديا - كلير شكر

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا