الصحافة

نتنياهو يجرُّ ترامب إلى الحرب

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

مع مرور 100 يوم على تولّي الرئيس الأميركي دونالد ترامب زمام الحكم، يسود الإرباك في إسرائيل، وينمو تساؤل في بعض أوساط اليمين: هل يجب أن نتحسر على جو بايدن؟

حتى الآن، لم يتحقق لبنيامين نتنياهو حلم الشراكة المنتظر مع ترامب، علماً أنّ الأخير كان قد تعهّد للإسرائيليين بتنفيذ خطوات تاريخية طموحة يريدونها، على غرار اعترافه في الولاية السابقة بالقدس عاصمة لإسرائيل وإقراره بضمّ الجولان.

في الأيام الأولى من عهده، أطلق ترامب عناوين أبهرت نتنياهو ودفعته إلى التفاؤل، ومنها «شراء» غزة وتحويلها منتجعاً سياحياً. ومنها أيضاً القضاء على أحلام طهران في تطوير قدراتها النووية وصواريخها البالستية والتحكّم بأذرعها الإقليمية. وفي زيارته الأخيرة لواشنطن، كان نتنياهو يظن أنّه سيضع مع ترامب «أجندة» تنفيذية لهذه الأهداف.

لكن الرئيس الأميركي بدا في مكان آخر. وفي لقائهما المفتوح في البيت الأبيض، كاد نتنياهو أن يبدو في موقع فولوديمير زيلينسكي الذي تعرّض للتأنيب، لولا أنّ الضيف الإسرائيلي مدعوم من لوبي قوي مؤيّد في الولايات المتحدة نفسها. ولذلك، «بلع» نتنياهو خيبته على مضض، وبدأ يفكر في وسائل أخرى لـ»ترويض» ترامب الجامح، والمدفوع بزخم انتصاره الانتخابي الكبير، وتهديداته المثيرة عبر العالم.

قرّر نتنياهو انتظار أن ينتهي ترامب من شهر العسل، ويتعب من مواجهاته المفتوحة، فيعود إلى الواقعية. وبالفعل، بدأ ترامب يتخبّط في كل معاركه، مع الصين وأوروبا في مسائل الاقتصاد والسياسة، ومع كندا وغرينلاند وبنما والمكسيك، وكذلك مع روسيا في ملف أوكرانيا، وفي غزة ولبنان واليمن، وطبعاً مع إيران، إذ لا أفق للحسم في أي من هذه الملفات. وهذا التخبّط بدأ ينعكس تراجعاً في حجم التأييد الشعبي الذي حظي به عند انتخابه.

وثمة من يقول إنّ ترامب يستعجل اليوم تحقيق إنجاز في أي من هذه الملفات، لتحسين صورته. وثمة ملفان ربما يكونان الأقرب إلى التسوية: أوكرانيا وإيران. وهذا الاستعجال يعرفه فلاديمير بوتين، ولذلك قرّر عدم التنازل في أوكرانيا. كما يدركه مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي الذي قرّر من جهته التشدّد في المفاوضات الدائرة في مسقط وروما. وبدأ بوتين وخامنئي يراهنان على أنّ ترامب سيقدّم التنازلات ليحصل على اتفاقٍ ما، يُحسّن صورته داخلياً ويتيح له التفرّغ للمأزق الاقتصادي.

وثمة معلومات ترشح من المفاوضات الأميركية - الإيرانية، تشير إلى أنّ واشنطن تتساهل كثيراً في مسألتي النووي والنفوذ الإقليمي، وأنّ هذا التساهل هو الذي دفع السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني وكوادر «حزب الله» إلى رفض التخلّي عن السلاح. وثمة اعتقاد في بعض الأوساط بأنّ الإدارة الأميركية قد تجد نفسها مضطرة إلى الاستعجال والموافقة على تسوية مع طهران شبيهة باتفاق فيينا. وهذا الخيار يخشاه الإسرائيليون بقوة، خصوصاً أنّ ستيف ويتكوف، هو المفاوض الأميركي في ملفات غزة ولبنان واليمن، وملف إيران، في الوقت عينه. ولذلك، هم بدأوا التخطيط لتعطيل أي محاولة لتعويم اتفاق 2015 الذي سمح لإيران وأذرعها بالانتعاش. لكنهم يحرصون على أن يتمّ ذلك من دون المسّ بالعلاقة الطيبة مع الأميركيين.

ما يريده الإسرائيليون في العمق هو تدمير منشآت إيران النووية والقضاء على أذرعها الإقليمية، وهم يعتبرون أنّ هذا الهدف يجب أن يتحقق سواء بالمفاوضات أو بالحرب، لأنّه المدخل الطبيعي لفرض التسويات في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا واليمن. لكن ترامب يرفض بالمطلق التورط في أي حرب، ولو أنّه يفضّل إبرام الاتفاقات تحت مقدار من الضغط العسكري والسياسي والاقتصادي.

وما يخشاه الأميركيون هو أن يبادر نتنياهو ورفاقه في اليمين واليمين المتطرف إلى إشعال حروب جديدة، لإحراج واشنطن وتوريطها، ما يعطل أي تسوية سياسية. ومن الأمثلة على ذلك ملامح الرغبة الإسرائيلية في توسيع الحرب في لبنان، لتشمل مجدداً مناطق جنوبية في جنوب الليطاني وشماله، ومناطق في البقاع والضاحية الجنوبية لبيروت. فهذا التوسيع يتمّ بموافقة ضمنية من الجانب الأميركي المعني بقيادة لجنة الرقابة على وقف النار.

ومن الأمثلة أيضاً، تورط إسرائيل في الصدامات الجارية في سوريا، حيث تعلن دفاعها عن الدروز. ويعتقد البعض أنّها ربما تتورط في أحداث أخرى لاحقاً، تتعلق بالأكراد أو بالعلويين، تحت عنوان الحفاظ على الأقليات. والتطورات الجارية أو المنتظرة في سوريا، والتي ربما يتورط فيها الإسرائيليون، تثير الهواجس من حوادث مشابهة في لبنان. وفي الأيام الأخيرة، تمّ تداول سيناريوهات حرب واسعة، تعمل إسرائيل لإشعالها وتوريط الأميركيين بها، وتشمل لبنان وسوريا في آن معاً.

وما يثير المخاوف هو أنّ هاجس نتنياهو ورفاقه في الحكومة هو تنفيذ المخططات القديمة لترسيخ نفوذ إسرائيل وتوسعها في الشرق الأوسط، بعد إضعاف كياناته وتمزيقها وإنهاء القضية الفلسطينية تماماً. وتأكيداً لذلك، قال نتنياهو، قبل يومين، إنّ إسرائيل لا تقاتل في غزة لتحرير الرهائن، على أهمية هذا الملف، وإنما لـ«هدف أسمى» هو إنهاء «حماس».

ويعني ذلك أنّ إسرائيل تعمل اليوم لإعادة رسم الشرق الأوسط بكامله، وهذا المسار يعني أنّ الحروب ستكون طويلة جداً، وأنّ نهاياتها ستكون دراماتيكية وستغيّر الإقليم برمته. ولن يتصدّى أي رئيس أميركي للطموحات الإسرائيلية، سواء كان جمهورياً أو ديموقراطياً. فما قدّمه بايدن لإسرائيل في حرب غزة وحرب لبنان فاق ما قدّمه أي رئيس جمهوري. وما يُتوقع أن يقدّمه ترامب لن يكون أقل مما قدّمه بايدن.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا