بلديّات جبل لبنان بالتفصيل: أمّ المعارك المسيحية..
تُدشّن غداً في جبل لبنان أولى مراحل الانتخابات البلديّة وسط تأكيد رسمي، لكن غير مُعلَن، أنّ لبنان لم ينَل الضمانات التي طلبها، تحديداً من دول اللجنة الخماسية الدبلوماسية المعنيّة بالأزمة اللبنانية، في شأن إلزام إسرائيل بعدم القيام باعتداءات قد تؤثّر مباشرة على سير العملية الانتخابية، خصوصاً في مرحلتها الأخيرة في الجنوب في 24 أيّار، وفي اليوم الذي يليه ويُصادف يوم التحرير الذي يحييه “الحزب”، للمرّة الأولى منذ عام 2000، في غياب أمينه العامّ حسن نصرالله بعد قيام العدوّ الإسرائيلي باغتياله في السابع والعشرين من أيلول الماضي. الأهمّ هو أنه لا ضمانات أمنية في استحقاق البلديّات..
وفق معلومات “أساس” لم يتطرّق المجلس الأعلى للدفاع خلال إجتماعه أمس في قصر بعبدا إلى مسألة الضمانات، لكن تمّ التشديد من قبل رئيس الجمهورية جوزف عون، على ضرورة تأمين نزاهة الإنتخابات، وعدم التدخّل السياسي فيها من قبل السلطة السياسية.
تشمل الانتخابات في جبل لبنان غداً أقضية الشوف، عاليه، بعبدا، المتن، كسروان وجبيل وفق النظام الأكثريّ الذي يُقلّص، أكثر من النظام النسبي، عامل المفاجآت، لا سيّما في ظل الإدارة المُحكمة التقليدية لـ”مفاتيح” الانتخابات، التي تُختصر بشكل أساس بمحادل الأحزاب، ونفوذ بعض رؤساء البلديّات، الذين “شلّشوا” في مواقعهم لعقود، فتحوّلوا إلى “حاكمين بأمرهم”، و”مرجعية” المخاتير، أحد أهمّ أسلحة المرشّحين للنيابة، وعامل المال الذي برز بوضوح في بعض البلديّات الكبرى، في ظلّ شبه انعدام لرقابة الدولة على الإنفاق المالي والظهور الإعلامي المُقونن والصمت الانتخابي.
بلغ عدد المرشّحين في جبل لبنان 7,252 مرشّحاً، فيما يبلغ عدد الناخبين 896,996 ناخباً.
لا تأثير على النّيابة؟
حول بانوراما التحالفات ونسب الاقتراع المتوقّعة في جبل لبنان، يقول الباحث في “الدوليّة للمعلومات” محمد شمس الدين لـ”أساس”: “المشهد يتغيّر ولا نعرف نسبة الاقتراع قبل حصول الانتخابات”، مشيراً إلى أنّ “تأثير التحالفات البلديّة محدود على الانتخابات النيابية لسبب أساسي هو أنّ الانتخابات البلديّة تجري وفقاً للنظام الأكثريّ والانتخابات النيابية وفقاً للنظام النسبي”.
أكّد شمس الدين أنّ “التحالفات تختلف بين منطقة وأخرى، فيما أُنجزت في القرى الصغيرة تحالفات عابرة للأحزاب، وتنوّعت التحالفات السياسية في المدن الكبرى. ففي المتن مثلاً تحالف “التيار الوطني الحرّ” وآل المر في مواجهة “القوات” و”الكتائب”، لكن في بيت شباب “الكتائب” و”التيار” تموضعا ضدّ “القوات”. أمّا في جونيه فأُعلن تحالف كبير بين مختلفين سياسياً، بوجه التيار”.
انتخابات الضّاحية
تستقطب الضاحية الجنوبية جزءاً كبيراً من دائرة الاهتمام في المحطّة البلديّة الأولى، لا سيّما بعد الاستهدافات الإسرائيلية المتكرّرة، وآخرها قبل أيّام لمنطقة الجاموس على أطراف الضاحية، وعدم وجود ضمانة إسرائيلية، من خلال الأميركيين، لإبقائها بمنأى عن الاستهداف في يوم الانتخاب. هذا مع العلم أنّ أكثر من 53 بلدية من أصل 330 فازت بالتزكية في جبل لبنان. والضاحية، كما الجنوب والبقاع، ستعكس مؤشّر التأييد الشعبي لـ”الحزب” من خلال اللوائح المدعومة من قبله، وستشكّل أولى الرسائل السياسية الفاصلة عن الانتخابات النيابية في أيّار العام المقبل.
يوم الأربعاء أعلنت قيادتا “الحزب” وحركة “أمل” لوائح “التنمية والوفاء” في بلدتَي الغبيري وحارة حريك، بعد وصول جهود الثنائي لتبنّي التزكية إلى الحائط المسدود، خصوصاً في بلديّة الغبيري، ثانية أكبر بلديّات لبنان. بينما رَسَت التزكية في المريجة وبرج البراجنة والشيّاح.
بالتالي ستكون المواجهة غير متكافئة مع لائحة “الغبيري بتجمعنا” غير المكتملة برئاسة ليلى أحمد علامة، والمؤلّفة من خمسة مرشّحين فقط، فيما شكّل الثنائي لائحة مكتملة من 21 مرشّحاً، بالتوافق مع عائلات الغبيري، وانتقلت بموجبها رئاسة البلديّة من عائلة الخليل، بعد ولاية من تسعة أعوام لمعن الخليل الذي تميّز بأدائه البلدي الناشط، إلى عائلة الخنسا مجدّداً، أكبر عائلات البلدة. إذ تمّ التوافق على ترشيح نائب رئيس البلدية الحالي أحمد الخنسا. وقد طغت على اللائحة الوجوه غير الحزبية. في المقابل، لائحة ليلى علامة، مديرة ثانوية الغبيري الرسمية للبنات، مدعومة من المجتمع المدني وتسعى إلى تحقيق خرق يُثبت وجود “النَفَس” التغييري في الغبيري.
أمّا في حارة حريك فتشكّلت لائحة قويّة تجمع الثنائي “أمل” و”الحزب” و”التيار الوطني الحر”، في مواجهة مع لائحة أخرى من دون صبغة حزبية.
في المتن الجنوبي أيضاً ترتدي المعركة في الحدت طابعاً سياسياً- عائلياً لأنّ “التيار الوطني الحرّ” يخوض معركة سهلة لإبقاء رئيس البلدية الحالي جورج عون في موقعه، في مقابل انكفاء قوّاتي في إحدى أهمّ ساحات المواجهة السياسية وترك “القوات” الحرّية لناخبيها مفضّلةً خوض معركة ثلاثة مخاتير. لكنّ اللافت أنّه في مقابل دعم مناصري “التيار الوطني الحرّ” للائحة جورج عون، تحظى لائحة عبدو شرفان بدعم “الكتائب” وبعض التيّاريّين السابقين.
أمّا في بلدة بعبدا، مقرّ رئاسة الجمهورية، فتتنافس ثلاث لوائح. الأولى تشهد كباشاً بين “التيّار” و”القوات”. تعتبر بلدة بعبدا “عاصمة جبل لبنان” وتتركّز فيها معظم المقارّ العسكرية، ومنازل سياسيين وأمنيّين. وهناك لائحتان في الحازمية، الأولى برئاسة جان الأسمر، والثانية برئاسة زياد عقل وطابعها عائلي أكثر ممّا هو حزبيّ.
الأمر اللافت في صليما بقضاء بعبدا، البلدة التي لم تجرِ فيها انتخابات بلديّة قبل تسع سنوات لأسباب طائفية، أنّها تشهد اليوم مواجهة حامية جدّاً تقف فيها “القوات” على مسافة نوعاً ما من اللائحتين: الأولى، برئاسة قاسم المصري ومدعومة من الكتائب والاشتراكي و”الشيوعي” ومستقلّين، والثانية برئاسة باسم المصري ومدعومة من جزء آخر من الاشتراكيين ومن “القومي السوري”، وتحوز دعماً مبطّناً من “القوّات”.
معارك المتن
في المتن الشمالي يمكن الحديث عن معارك شبه سهلة نسبياً، يتداخل فيها السياسي بالعائلي وبالحزبي وبالسطوة المستمرة لرؤساء البلديات المحسوبين على الراحل ميشال المر، كما في الدكوانة (لائحة أنطوان شختورة) وسن الفيل (نبيل كحالة)، وانطلياس (إيلي أبو جودة) والزلقا (ميشال المرّ الملقب بــ”الشريف”) والذي تواجهه لائحة مدعومة من “القوات”. مع ذلك، تفتقد معركة الزلقا النكهة السياسية كونها محلية بامتياز خصوصاً وأنّ لائحة فادي أبو جودة- سام بشعلاني غير متجانسة في تركيبتها السياسية، حتى أنّ أبو جودة كان أقرب إلى “التيار الوطني الحر”، فيما عائلة بشعلاني غير موحدة في موقفها وتوزع أصواتها بين اللائحتين الخصمتين بسبب رفضها لترشيح سام بشعلاني ويعلن بعضهم جهارة دعمه للمر.
في الجديدة – البوشرية – السدّ أقوى المعارك بعد انسحاب أنطوان جبارة وعدم ترشّح نجله. يتنافس فيها “التيّار” وميشال المر “جونيور”، ضمن لائحة يرأسها جان أبو جودة، ضدّ لائحة برئاسة أوغست باخوس مدعومة من “القوّات” و”الكتائب”، والنائب إبراهيم كنعان.
أمّ المعارك: جونية
في كسروان، أمّ المعارك ستحصل في جونية وتأخذ طابع تكسير الرؤوس. فهناك لائحة وقفت من خلالها “القوات” في الوسط واستقطبت الخصمين نعمة إفرام ومنصور البون، وانضمّ إليها فريد هيكل الخازن والكتائب، ويرأسها فيصل إفرام. جميع هؤلاء يخوضون مواجهة قاسية مع اللائحة المدعومة من “التيّار” ورئيس البلديّة الحالي جوان حبيش، والتي يرأسها سيلفيو شيحا. ستكون لهذه المعركة حساباتها السياسية الخاصّة والمؤثّرة على الانتخابات النيابة، وهي توازي بنتائجها المعركة الكبرى على رئاسة اتّحاد بلديّات كسروان.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|