استنفار درزي لبناني لمنع سقوط دروز سوريا بين فكَّي نتنياهو

وتداخلت الأمور في جنوب سوريا وريف دمشق على مسافة ثمانية كيلومترات من العاصمة السورية، والهدنة التي حصلت بين الدروز والأجهزة الأمنية التابعة لنظام الرئيس أحمد الشرع في وقت سابق لم تدم طويلاً، فالمواجهات استؤنفت والكمائن أوقعت الكثير من الضحايا، والتحريض والتكفير في أوجه، ما يجعل رأب الصدع الطائفي صعباً إن لم نقل مستحيلاً، بعد ما شهده الساحل السوري من تطورات أكثر دموية، ذهب ضحيتها الآلاف من المدنيين الأبرياء، ولا يزال أبناؤه من العلويين يدفعون الثمن من أرواحهم، على أيدي أنصار النظام الجديد.

ما حصل في جرمانا وأشرفية صحنايا دفع بدروز السويداء بقيادة الشيخ حكمت الهجري إلى القول إنهم لا يثقون بقيادة أحمد الشرع، ويطلبون حماية أممية في مناطقهم، في حين حذّر الاجتماع الوطني السوري الموسّع من أن السوريين لم يشعروا بالخوف على حياتهم ووجودهم كما يشعرون اليوم، وخاصة بعد المجازر التي ارتكبت في الساحل وفي جرمانا وصحنايا.

ما يجري في الجنوب السوري من أعمال عنف بحقّ أبناء الطائفة الدرزية دانته الولايات المتّحدة واعتبرته أعمالاً مستهجنة وغير مقبولة، ودعت السلطات الانتقالية إلى وقف القتال ومحاسبة مرتكبي أعمال العنف والإيذاء بحقّ المدنيين على أفعالهم، وضمان أمن جميع السوريين.

أما إسرائيل العاملة على خطّ زرع التفرقة بين أبناء الشعب السوري مستغلّة النعرات الطائفية، والدماء التي سقطت إبّان الثورة ضد النظام السابق منذ العام 2011 وحتى سقوطه في الثامن من كانون الأول 2024، فهدد وزير دفاعها يسرائيل كاتس رئيس النظام السوري أحمد الشرع بالردّ بقوة كبيرة إن لم يتوقف الاعتداء على دروز سوريا، وقد قرنت تل أبيب تهديدها بالفعل إذ أغارت طائراتها الحربية صباح أمس على مقربة من القصر الرئاسي في دمشق، واعتبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه قد وجّه رسالة إلى الشرع.

ما تقوم به إسرائيل ليس حبّاً بالدروز أو بالعلويين وإنما خدمة لمصالحها وطموحاتها بإقامة ممر داوود الذي يقوم على احتلال منطقة في جنوب سوريا قد تمتد الى التنف ومن ثم الى العراق، من خلال ما يعتبره نائب درزي في اللقاء الديمقراطي "اعتماد حكومة نتنياهو إما على المال وإما على إغراء البعض بقيام دولة درزية مستقلّة"، مؤكداً "أن الدروز في لبنان وسوريا والأردن وفلسطين هم عرب وأكثر التصاقاً بالسنّة على مرّ العصور"، قائلاً "هناك من يحاول زجّهم في صراعات مع محيطهم".

التطورات السورية تقلق دروز لبنان وتقضّ مضجع الزعيم وليد جنبلاط الذي طلب في وقت سابق موعداً للقاء الرئيس السوري أحمد الشرع من دون أن يلقى آذاناً صاغية، فجدد استعداده لزيارة دمشق، بالتوازي مع تحرّك قاده الشيخ سامي أبي المنى عبر التواصل مع السفير السعودي في بيروت وليد البخاري واللقاءات التي عقدها أمس مع سفراء الدول المؤثرة في الوضع السوري، لوقف حمام الدم بحق أبناء الطائفة في سوريا ونزع فتيل الفتنة، بعد الإتفاق الذي أفضى إلى دخول الأمن العام السوري إلى جرمانة وصحنايا وتسليم السلاح الثقيل والفردي غير المرخّص للقوى الأمنية والذي كان الحزب التقدمي الإشتراكي أحد الساعين إليه، لكن "هذا الإتفاق مهدد بالإنهيار بسبب إسرائيل، على الرغم من الضمانات التي قطعها دروز سوريا والحكومة السورية"، يقول النائب الدرزي الذي يؤكد "تأييد دروز لبنان الوحدة السورية وبقاء الدروز في سوريا بعيداً عن الإغراءات الإسرائيلية بقيام دويلة درزية داعياً الى التفاهم مع السلطة الموجودة هناك".

جاكلين بولس-ليبانون فايلز