الصحافة

السعودية وسياسة احتواء حلفاء "الحزب" والأسد

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم تنطلق النقاشات والحوارات التي تدور حول الدور السعودي في الاستحقاق البلدي، وإدراجها ضمن عملية إعادة صياغة وتشكيل الساحة السياسية في لبنان من فراغ، بل نتيجة تضافر عوامل عدة، أبرزها على الإطلاق التأثيرات السلبية لإرث الوصايتين السورية والإيرانية من ناحية تجذّر فكرة "التعليمة" أو "كلمة السر" الصادرة عن دمشق أو "مكان ما" في الضاحية الجنوبية في الوعي الجمعي اللبناني.

يضاف إليها الدعاية السلبية ضد السعودية من قِبَل الآلة الإعلامية الممانعة، والتي لا تزال الأكثر تأثيراً في الرواية التي تُقدّم للرأي العام، ولا سيّما مع براعتها في استخدام "تكتيك" الأخبار القصيرة المجهولة المصدر وبثّها عبر عشرات المجموعات الإخبارية التي تربطها علاقات مباشرة أو مخفيّة بصنّاعها. وكذلك تفشّي المظلومية الحريرية المطعّمة بتلقين شفوي، على نسق الجماعات الإسلامية، لنشر انتقادات لاذعة تطول السعودية.

اجتمعت هذه العوامل لإضفاء هالة وهمية ومفتعلة إزاء الانفتاح السعودي على شخصيات وجماعات حليفة لـ "حزب اللّه" ونظام بشار الأسد، وخصوصاً استقبال سفير المملكة في بيروت، الدكتور وليد البخاري لرئيس "جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية"، الشيخ حسام قراقيرة، الذي أثار الكثير من الجدل في الأوساط الإسلامية.

هذا الانفتاح ليس مستجدّاً، بل يعدّ جزءاً من الاستراتيجية المعتمدة في السنوات الأخيرة للتعامل مع السياسيين، ولا سيّما السنة، بما في ذلك "الجماعة الإسلامية" التي لا تني قياداتها عن تأكيد العلاقة مع السعودية لدحض "الفيتو" المزعوم الذي يجري ترويجه. إلّا أن اللقاء المشار إليه، كما سائر اللقاءات التي عقدها البخاري، أو الأمير يزيد بن فرحان، تندرج ضمن سياسة احتواء واستيعاب حلفاء نظام الأسد و "الحزب" غداة سقوط الأوّل وتهاوي نفوذ الثاني ومحوره.

هذه السياسة أفضت إلى ظهور إشكاليتين ترتبطان بالتقاليد اللبنانية، وخصوصاً فكرة "كلمة السر". تتمثّل الأولى في توظيف بعض الشخصيات، هذه السياسة من أجل الترويج بأن المملكة أوكلت إلى هذا أو ذاك أن يكون "عرّاب" تشكيل توافق انتخابي بلدي موسّع في منطقة نفوذه. عدا عن تحويل الاستيعاب إلى تعويم، فإن هذا الترويج يتّصل بمفهوم "الوكالة" الذي ترفض النخب السنية تجاوزه لاعتباره شرطاً شارطاً للزعامة.

أما الثانية، فتتجسّد في تأثير هذا المناخ المُفتعل على إحجام النخب الشبابية التي تحمل فكراً حداثياً متمايزاً عن الفكر التقليدي السائد على الساحة السنية، عن الإقبال على العمل السياسي، وبثّ شعور بالإحباط لديها نتيجة رؤيتها هذه المجموعات والشخصيات التي وقفت ضدّها لسنوات وهي تقفز بسلاسة تُحسد عليها من مركب محور الممانعة، وتستظلّ براية السعودية لإعادة إنتاج نفوذها السياسي.

بيد أنّ اهتمامات المملكة في مكان آخر، فهي تعمل على إنجاح مشروع النهوض الوطني لإعادة بناء الدولة، الذي يقوده الرئيس جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، وتهدف من خلال سياسة احتواء حلفاء نظام الأسد و "الحزب" السابقين، من سياسيين وجماعات لديهم قواعد تمثيل جدّي وليس صنائع وودائع وأدوات، إلى تشكيل حاضنة سياسية داعمة لهذا المشروع والتحديات التي يواجهها للقيام بإصلاحات بنيوية، على رأسها "مسألة السلاح".

دعم الدولة فكراً ومشروعاً وليس أشخاصاً أو مجموعات بعينها يشكّل جوهر الاستراتيجية السعودية في المنطقة من سوريا الجديدة والعراق إلى ليبيا والسودان. لكنها لا تتناسب ومصالح البعض، وتقاليد من ألِفوا "التعليمة"، وتتناقض بالكامل مع مشروع ملالي إيران المتهالك. وبالتالي ليس بعيداً ترويج تدخّل المملكة في انتخابات المخاتير أيضاً. لو كان ثمّة "كلمة سر" سعودية لما كان التخبّط مسيطراً في عملية تشكيل اللوائح وصياغة التحالفات، والذي يرتبط بسياقات مختلفة تماماً.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا