الصحافة

عدد الوفيات صادم... لبنان من بين الدول التي تسجّل معدلات مرتفعة في استهلاك التبغ

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

محمد غسّاني -  النهار



يُعدّ لبنان من بين الدول التي تسجّل معدلات مرتفعة في استهلاك منتجات التبغ، سواء على مستوى السجائر أو النرجيلة.

 

وفي آخر الإحصاءات، أكد ممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان عبد الناصر أبو بكر أن "لبنان يحتل المرتبة الأولى في المنطقة من حيث ارتفاع معدل انتشار التدخين، وهو ما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات حاسمة في مجال مكافحة التبغ".

وعلى الرغم من التحذيرات الصحية والتوعية المتزايدة بمخاطر التدخين، ما زال الإقبال على هذه المنتجات جزءاً من نمط الحياة اليومية لدى شريحة واسعة من اللبنانيين.

وكشفت دراسة جديدة أطلقتها وزارة الصحة اللبنانية ومنظمة الصحة العالمية واتفاقية منظمة الصحة العالمية أن "ما يقرب من 9200 يموتون سنويا في لبنان بسبب أمراض متعلقة بالتدخين وهو عدد يمثل أكثر من 25 % من الوفيات في البلاد".

كما يتكبد لبنان بسبب تعاطي التبغ "خسائر اقتصادية وبشرية باهظة" قدرها 5.3 تريليونات ليرة كل عام (140 مليون دولار أميركي) بما يعادل 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي في لبنان، وفق الدراسة.

 

"زيادة الطلب على الدخان المحلي"...
في حديث خاص إلى "النهار"، يؤكد رئيس اتحاد نقابات مزارعي التبغ في لبنان حسن فقيه، أن "قبل الأزمة، كان يُباع نحو 350 مليون علبة سجائر سنوياً، أما اليوم فقد ارتفع العدد إلى ما بين 500 و600 مليون علبة".

ويُعدد فقيه العوامل التي أدّت إلى هذا الارتفاع، ومنها "ازدياد عدد النازحين، بالإضافة إلى البطالة والفقر"، مضيفاً: "كان يُباع نحو 80% من الدخان الأجنبي مقابل 20% فقط من الإنتاج المحلي (Cedars)، أما اليوم، وبعد أن طورت إدارة حصر التبغ والتنباك المنتج المحلي، فقد تبدّل الواقع بشكل معاكس".

ويشير فقيه إلى أن "الطلب ازداد على الدخان ذي السعر المنخفض، ما يدلّ على مستوى الملاءة المالية للمواطن وقدرته الشرائية".

أما في ما يخص المعسّل، فيوضح فقيه أن "هناك أيضاً ارتفاعاً في نسبة الاستهلاك، بنحو 5 ملايين كيلو سنوياً من قبل اللبنانيين، أي بزيادة تبلغ حوالي 10%"، لافتاً إلى أن "الأوضاع الاقتصادية العامة والبطالة تسهم في هذا الارتفاع في الاستهلاك".

ويضيف أن "بعض المواطنين يربطون زيارتهم للمطاعم بتوافر النرجيلة كعنصر أساسي على مائدة الطعام"، معتبراً أن "التدخين آفة، لكن اللبنانيين مرتبطون به بشكل كبير".

 

"من المؤسسات الناجحة"...
في سياق آخر، يشدّد فقيه على "أننا كمزارعي تبغ ندعم تطبيق القوانين التي تحافظ على صحة المواطن، لكن ارتفاع الاستهلاك يعود إلى عدة أسباب، منها الفقر، والمستقبل الغامض الذي نعيشه في لبنان، والوضع العام المتأزم".

ويؤكد فقيه لـ"النهار" أن "إدارة الريجي تتولى عمليات الزراعة، والصناعة، والتجارة، وتُدخل عشرات ملايين الدولارات سنوياً إلى خزينة الدولة"، مشيراً إلى أن هذه أرقام "ممتازة، ويمكن اعتبار الإدارة من المؤسسات الناجحة في لبنان".

 

"اليأس وفقدان الأمل بالحياة"
وفي جولة لـ"النهار" على بعض مقاهي مدينة صور جنوبي لبنان، يؤكد معظم الذين تحدثوا أن هناك أسباباً عديدة تدفعهم إلى الإقبال على التدخين والنرجيلة في ظل الظروف المأساوية الحالية، أولها اليأس وضآلة الأمل.

أحمد، نادل في أحد مقاهي مدينة صور يقول لـ"النهار": "أبدأ يومي بسيجارة وأنهيه بتدخين النرجيلة. لم نعد نحتمل الضغوط النفسية المتراكمة. بين الغلاء الفاحش، وغياب فرص العمل، والانهيار الاقتصادي، أصبح التدخين وسيلة للهروب من واقع لا يبدو أنه سيتغير. أعلم أنه مضر، لكننا فقدنا البدائل".

من جهتها، تشير منى، خريجة جامعية عاطلة عن العمل إلى "أنني لم أكن أدخّن سابقاً، لكن بعد تخرجي من الجامعة وجلوسي في المنزل بلا عمل لأكثر من عام، بدأت أخرج إلى المقاهي مع صديقاتي وأدخّن النرجيلة. وجدنا في ذلك متنفساً وحيداً في ظل غياب أي أفق واضح. أحلامنا تأجلت، بل ربما تلاشت".

وكما أحمد ومنى، يقول حسن وهو موظف متقاعد: "عملت لأكثر من ثلاثين عاماً، وتقاعدت بمعاش لا يكفي حتى لشراء الخبز. أشاهد أولادي وهم يعانون، ولا أملك القدرة على مساعدتهم. أصبحت النرجيلة رفيقتي اليومية، لا لأنها متعة، بل لأنها تخفف قليلاً من وطأة التفكير المستمر. في ظل هذا اليأس، بات التدخين هو العادة الوحيدة التي لا تزال تحت سيطرتنا".

في ظل انسداد الأفق وتراجع القدرة على التحمّل، يتحوّل التدخين بالنسبة لكثيرين من عادة ضارة إلى وسيلة للهروب المؤقت من واقع مأزوم، وصرخة صامتة في وجه الألم اليومي.

تنبك لكن هذا "الهروب المؤقت" لا يُلغي حقيقة أن التدخين يبقى آفةً صحية واقتصادية، تتغذى على ضعف الإنسان أمام أزمات لا يملك حلولاً لها.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا