محليات

الراعي: القيادة بالكنيسة ليست مكان نفوذ ولبنان رمز الصمود

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ألقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عظة قدّاس الأحد من رعية مار شربل – سورين في فرنسا.

وقال في عظته: "من أراد أن يكون الأول فيكم، فليكن خادماً للجميع (مرقس 10: 44). طلب يعقوب ويوحنا من يسوع قائلين: "إئذن لنا أن نجلس، واحد عن يمينك والآخر عن يسارك، في مجدك" (مرقس 10: 37). فربط يسوع هذا الطلب برغبتهما في المشاركة في سر آلامه وموته، الذي عبّر عنه بعبارتي "يشربان الكأس" و"ينالان المعمودية" (مرقس 10: 38). ولما أظهرا استعدادهما لمشاركته في الآلام، وعدهما يسوع بالمشاركة في المجد، دون أن يضمن لهما الأماكن عن يمينه ويساره، لأنها معدّة لمن أُعدّت لهم (مرقس 10: 40)".

‎وأضاف: "عندما سمع سائر التلاميذ بذلك، غضبوا على يعقوب ويوحنا، فانتهز يسوع الفرصة ليشرح لهم معنى دعوته على طريق الفصح، والمعنى الحقيقي لملكوته. أوضح لهم أن "الملوكية الزمنية" تُمارَس عبر التسلّط وطلب المجد، بينما "ملوكية المسيح" تُعاش في الخدمة، والتواضع، والبذل من أجل الجميع. وهكذا، "الأعظم" في ملكوته يكون "خادماً للجميع"، و"الأول" يكون "عبداً للجميع" (مرقس 10: 43-44)".

‎وتابع: "يسعدني أن أحييكم جميعاً، لاسيّما السلطات الكنسية والمدنية، ونحن نحتفل معاً بهذه الليتورجيا الإلهية على نية أبناء وبنات هذه الرعية، وكذلك على نية الرهبنة اللبنانية المارونية والآباء الذين يخدمون هذه الجماعة. نصلّي من أجل رعية مار شربل – سورين، ومن أجل الرهبنة، لكي يفيض الله عليهم نِعَمه وبركاته. نصلّي أيضاً لكي يكون دير مار شربل، الذي تم تدشينه بالأمس، مكاناً للصلاة، والرجاء، والتعزية الروحية، والرسالة".

‎وأردف: "في قلب الاحتفال الإفخارستي نكتشف دائماً معنى الخدمة والبذل. فالقداس ليس طقساً فحسب، بل هو مشاركة في سرّ المسيح الذي بذل نفسه فداءً عن كثيرين. نذكّر اليوم أن المسيحية ليست أماكن شرف ولا مناصب سلطة، بل هي صليب، ومحبّة، وبذل للذات".

‎وتابع الراعي قائلاً: "واجه يسوع التلاميذ بحقيقة مؤلمة: "أنتم تعلمون أن الذين يُعدّون رؤساء الأمم يسودونهم، وعظماؤهم يتسلّطون عليهم". بهذا، وصف منطق العالم، حيث تتحول السلطة إلى تسلّط، والعظمة إلى سيطرة، والقوة إلى قهر الآخرين. ولكن يسوع يقلب هذا المنطق ويقول: "أما أنتم، فلا يكن الأمر كذلك في ما بينكم". إنه أمر واضح وقاطع يغيّر كل المقاييس. منطق الملكوت مختلف عن منطق العالم. القيادة في الكنيسة ليست مكان نفوذ، بل مكان عطاء. ويضيف: "من أراد أن يكون كبيراً بينكم، فليكن خادمكم، ومن أراد أن يكون الأول، فليكن عبداً للجميع". هكذا أسّس يسوع نظاماً جديداً للقيم: العظمة الحقيقية في الخدمة، والأوّلية الحقيقية في التواضع، والسلطة الحقيقية في بذل الذات بالكامل من أجل الجميع. ويختم قائلاً: "لأن ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدَم، بل ليَخدم، وليبذل نفسه فدية عن كثيرين".

وأشار إلى أن "هذا التصريح الإنجيلي ليس مجرّد وصيّة أخلاقية، بل هو شريعة ليتورجية. في الإفخارستيا لا نعيش مجرد لحظة رمزية، بل ندخل في سرّ المسيح الخادم والباذل. على المذبح لا يتربّع المسيح كملك متسلّط، بل يتجلّى كخادم. عندما نرفع الخبز والخمر، نُقدّم ثمار تعبنا اليومي، وتتحول حياتنا إلى عطاء وخدمة. وبتناولنا القربان، نستقبل جسد المسيح لنصبح نحن أيضاً جسداً مبذولاً من أجل الآخرين. وهكذا يشكّل القداس جماعة الأحد إلى جماعة خادمة، لا إلى مجموعة امتيازات أو مناصب. كلمات يسوع: "لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدم"، هي قلب الليتورجيا. فكل رتبة كنسية – أكانت أسقفية أو كهنوتية أو شماسية – ليست امتيازاً، بل علامة خدمة. وكل مشاركة في القداس ليست حضوراً شكلياً، بل التزام متجدّد بعهد الخدمة".

‎ولفت إلى أنّه "عندما نسمع في نهاية القداس: "اذهبوا بسلام"، فهي ليست نهاية الاحتفال، بل بداية الرسالة: أن نخرج كخدّام في العائلة، وفي المجتمع، وفي العمل، وفي الوطن، وفي الخارج".

‎وختم: "فلنصلِّ أيها الإخوة والأخوات من أجل رعية مار شربل في سورين: أن يحوّل الرب كل بيت إلى مذبح للخدمة، ومائدة للمحبة. ولنصلِّ من أجل الرهبنة اللبنانية المارونية التي تخدم هنا بأمانة: أن يُكافئها الرب على تعبها، ويُكثر ثمار رسالتها. ولنصلِّ من أجل فرنسا، البلد المضيف: فلنشكرها بامتنان على مساحة الحرية والكرامة والعدالة التي توفّرها. ولنصلِّ من أجل لبنان، هذه الأرض المشرّفة بأكثر من أربع وسبعين إشارة كتابية، رمز البقاء، والصمود، والعهد الثابت مع الحياة. ليُنِر الله عقول حكّامه، ويحفظ وحدة شعبه، ويُعيد له وجهه الأصيل: وجه الحرّية المتألقة والتنوع الخلّاق".

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا