تجمُّع نقباء المهن الصحيَّة استنكر الاعتداء على أحد الأطباء وسكرتيرته
السعوديون في بيروت وقاسم يدعوهم لفتح صفحة جديدة بـ "شروطه" ..هل كان يعلم!؟
بالتأكيد كانت صدفة أن يطلق الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم دعوته أمس الأول للحوار مع السعودية وفق مجموعة من الشروط التي توسع في شرحها مع وصول مستشار وزير الخارجية السعودية الأمير يزيد بن فرحان المُكلف بالملف اللبناني الى بيروت في زيارة لم يعلن عنها من قبل، ناقلا رسالة عاجلة الى رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ، قبل أن تقلع طائرته الى مقر الأمم المتحدة في نيويورك في بداية مسلسل اجتماعات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتوقفت مراجع ديبلوماسية وسياسية عليمة أمام مجموعة المواقف التي أطلقها الأمين العام للحزب وقالت لـ "المركزية" انها حملت الكثير مما يثير الملاحظات السلبية في شكلها ومضمونها كما في توقيتها ، بطريقة فسرها البعض وكأنها جاءت في غير السياق الذي تحتمله المرحلة ولا سيما لجهة تجاهله العوامل التي تتحكم بعلاقات المملكة العربية السعودية بلبنان المعلن عنها في العديد من المناسبات الأكثر أهمية ،وإصرارها على بناء علاقات من دولة الى دولة، وهو أسلوب معتمد منذ سنوات عدة تجاوزت كل المعطيات التي استند إليها الشيخ قاسم في دعوته.
لذلك، استغربت المراجع سلسلة الشروط المسبقة التي رهن بها مطالبته بطي الصفحات السلبية التي ميزت العلاقة بين الطرفين والتي لم تكن إيجابية بأي شكل من الأشكال، ولا سيما طيلة السنوات التي رافقت مراحل الحرب في سوريا منذ العام 2011 وانخراط الحزب في مجرياتها منذ اللحظة الأولى، كما تلك الاحداث التي شهدتها اليمن منذ العام 2015 والدور الذي لعبه الحزب فيها على المستويات كافة، بحيث لم يكتف بالدور العسكري الى جانب القادة الحوثيين، بل توسع الامر الى تبنيه تدريب الإعلاميين في لبنان وتحويل الضاحية الجنوبية مقرا لمجموعة من القنوات الفضائية التي أنشئت للتحريض على المملكة العربية السعودية وحلفائها، بلغة مذهبية شكلت سببا للعديد من الأزمات التي نشأت بين الرياض وبيروت، على خلفية الحماية التي وفرتها بعض الأجهزة اللبنانية الرسمية وتغاضيها عن لجمها ، قبل القرار الذي صدر في العام 2020 بإقفال عدد من المحطات التي لعبت هذا الدور السلبي من دون وقفها جميعها.
وقالت المراجع أن الشيخ قاسم توسع في وضع الشروط التي ربط بها دعوته الى "فتح صفحة جديدة مع المقاومة" على عدة أسس، اقل ما يقال فيها أن من بينها ما يقود الى احياء الحديث عن عناوين خلافية سبق أن عالجتها المملكة مباشرة مع طهران، كما شملت عناوين أخرى كانت ولا تزال من "بديهيات سياستها الخارجية ونهجها الديبلوماسي" ، خصوصا بما يتصل بالقضية الفلسطينية. ولذلك فقد رأت فيها المراجع امعانا في "مقارنة غير موجودة" عند الحديث عما سماه أسس الحوار الهادف الى "معالجة الإشكالات والردّ على المخاوف وتأمين المصالح المشتركة"، ذلك أن من بين هذه المخاوف والهواجس التي ما زال "حزب الله" يعبر عنها لا علاقة للمملكة بها ولم تكن سببا في نشوئها بقدر ما كانت نتيجة "توغل" الحزب في بعض الملفات الإقليمية والدولية ، معتبرا انه من القوى التي يمكن أن تغير المعادلات بعد التحولات التي أحدثها تدخله الى جانب ايران في الازمة السورية الداخلية قبل ان تستعيد روسيا بتدخلها مطلع خريف العام 2016 سيطرة النظام السوري على ما سمي في حينه "سوريا المفيدة".
وقالت هذه المراجع ان على قيادة "حزب الله" ان تتراجع عن وهمٍ تحكَّم بعقل قيادتها في مرحلة من المراحل بعدما تصور انه من دول "الحلف الدولي" ضد الإرهاب الذي كانت تقوده الولايات المتحدة الأميركية ومعها دول أخرى خليجية وغربية ولدت من "مؤتمر دولي انتهى الى ما سمي "وثيقة جدة" في أيلول العام 2014 والتي تعهدت العمل بكامل قواها في مواجهة توسع مجموعات "داعش" من العراق في اتجاه الداخل السوري، الى درجة بلغت فيها قواته مياه البحر المتوسط شمال اللاذقية في أواخر صيف 2016 قبيل أيام على التدخل الروسي المباشر مطلع تشرين الأول من ذلك العام.
وانتهت المراجع الى التأكيد ان دعوة الشيخ قاسم لا نتيجة عملية لها مطلقا، فالمملكة أقفلت كل الخطوط الفرعية التي أقامتها مع أحزاب لبنانية قبل سنوات عدة وهي حريصة منذ انتهاء مرحلة خلو سدة الرئاسة من شاغلها في لبنان على التعاون مع كل من رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نواف سلام. ومهما كانت الملاحظات التي تتصل بالسياسة التي اعتمدها بري في تعاطيه مع "حزب الله" من باب "الثنائية الشيعية" التي نشأت بعد حرب العام 2006 ، وتبنيه المغامرات الأخيرة للحزب في الجنوب منذ عملية "طوفان الأقصى" وحربي "الالهاء والاسناد" و"أولي البأس" وما استدرجته من نكبات، لم تنقطع خطوط التواصل مع عين التينة لا بل عززتها الاحداث الأخيرة وتعهدات بري بتوفير المخارج للأزمات الداخلية وصولا الى الحديث عن دعوة رسمية تلقاها لزيارة الرياض في وقت قريب . وكل ذلك ليتسنى للمملكة وحلفائها من أعضاء الخماسية الديبلوماسية ومؤسسات مالية دولية وإقليمية أخرى، إحياء برامج الدعم المالي للبنان بهدف إعادة اعمار المناطق المدمرة وإنعاش الحركة الاقتصادية وحركة الاستثمارات التي يمكن أن تساعد على تجاوز مسلسل الأزمات المتعددة الوجوه التي يعاني منها لبنان.
وعليه، وبانتظار ما يؤكد ان دعوة الشيخ قاسم لن تثمر أي خطوة يطمح اليها الحزب، وأنها ولدت ميتة قبل ان يجف حبرها، وخصوصا ان الحزب بات محاصرا في الداخل بلا أي من حلفائه السابقين، طرح السؤال هل كان الشيخ قاسم على علم بوجود الموفد السعودي في بيروت يزيد بن فرحان عندما أطلق دعوته ومناداة مملكته لفتح صفحة جديدة، من دون أن يعلم مضمون الرسالة التي نقلها الى رئيس الجمهورية والتي لا تلتقي مع شكل دعوته وتوقيتها ومضمونها كما بالنسبة الى اي من شروطه؟
طوني جبران -المركزية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|