عربي ودولي

هل بات بنك الأهداف التّركيّ في إسرائيل جاهزاً؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

برزت في الآونة الأخيرة كتابات تركيّة كثيرة تعكس مدى جدّية أنقرة في التعامل مع احتمال المواجهة العسكريّة المباشرة مع إسرائيل، في ضوء التوتّر المتصاعد بين البلدين. تتزايد التساؤلات عن فرضيّة الردع العسكريّ المباشر، وما إذا كانت تركيا قد دخلت فعليّاً مرحلة إعداد بنك أهداف داخل العمق الإسرائيليّ.

عندما كان الرئيس الألمانيّ فرانك-فالتر شتاينماير يجلس في صفوف مشجّعي فريق بلاده لكرة السلّة، الذي ينافس الفريق التركي على لقب بطولة أمم أوروبا في مدينة ريغا، كان نظيره رجب طيّب إردوغان منشغلاً بوضع اللمسات الأخيرة على الكلمة التي سيلقيها في القمّة الطارئة للدول العربية والإسلامية في الدوحة.

أمّا وزير خارجيّته هاكان فيدان فكان قد مهّد الطريق لرئيسه عبر كلمته أمام وزراء الخارجية المجتمعين لبحث العدوان الإسرائيلي على قطر التي قال فيها: “إسرائيل تحكم بعقليّة توسّعيّة، وتخطّط لإضعاف دول المنطقة وتفتيتها، ثمّ لتوسيع أراضيها على حساب جيرانها، بهدف إنشاء إسرائيل الكبرى”.

الموضوع الذي ستنطلق قريباً عجلة نقاشاته يتعلّق بسيناريوهات بنك الأهداف التركيّة المحتملة، ومدى استعداد الجانبين التركيّ والإسرائيليّ لإطالة عمر المواجهة في حال وقعت بينهما. هل تسمح العواصم الإقليمية والغربية الحليفة والشريكة للطرفين بإقدام تركيا على توجيه ضربة “كسر عظم” لإسرائيل تُلحق الضرر بمصالح الكثيرين؟ ومن سيلتحق بسيناريو المواجهات العسكرية إذا ما تحوّل الأمر إلى حرب إقليمية واسعة؟

خبرات قتاليّة واسعة

يملك البلدان خبرات قتاليّة متطوّرة، في ضوء الحروب والعمليّات العسكرية التي خاضاها في الأعوام الأخيرة في المنطقة. يقتنيان أيضاً السلاح النوعيّ والاستراتيجيّ المؤثّر، بحكم علاقاتهما المزمنة مع الغرب وتطوّر التكنولوجيا الحربيّة وترسانات الأسلحة الحديثة. تعرف أنقرة أنّ تل أبيب قادرة على تحريك أوراق مؤثّرة تُلحق الضرر بالداخل التركي. لكنّ إسرائيل تعرف جيّداً حجم وقدرات الجانب التركي، والخبرة العسكرية المتقدّمة في العمليّات الميدانية ذات الطابع التكتيكيّ – الاستراتيجيّ التي تنتظرها.

أكّد وزير الدفاع التركي يشار غولر التزام تركيا تعزيز قدراتها العسكرية في المنطقة، ورفع كفايتها بما يتناسب مع التحدّيات الإقليمية. حصّة تل أبيب كبيرة في هذه الرسائل التي هي على شكل ردود فعل عسكريّة حازمة تجاه أيّ هجمات تستهدف مصالح أنقرة.

ليست تركيا، انطلاقاً من ذلك، في حالة انتظار سلبيّ، بل ستسعى إلى تعزيز الردع وإعداد بنك أهداف مدروس وقابل للتنفيذ عند الحاجة.

لا تزال جهوزيّة بنك الأهداف التركي في إسرائيل سيناريو افتراضيّاً. لكنّ الحرب بين تركيا وإسرائيل لم تعد مستبعَدة، وبالتالي لم يعُد ما يدور في ذهن الأطراف فرضيّةً أو استشرافاً وحسب.

الظروف الموضوعيّة للتصعيد متوافرة، وهناك توتّر سياسيّ غير مسبوق بين البلدين، وجملة تحوّلات في التموضع الإقليميّ لكلا الطرفين تزيد التباعد واحتمالات الاحتكاك بينهما.

بنك الأهداف

في ظلّ هذا المشهد المتأزّم، يُطرح سؤال حاسم: كيف ستختار تركيا أهدافها داخل إسرائيل في حال تحوّلت التوتّرات إلى مواجهة عسكريّة؟

الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة حتماً، إذ تعتمد على مزيج من المعطيات السياسيّة والعسكريّة والاستخباريّة، إضافة إلى عوامل إقليميّة ودوليّة قد تحدّد سقف أو نطاق الردّ التركيّ.

وصلت العلاقات التركيّة – الإسرائيليّة في الآونة الأخيرة إلى مستوى غير مسبوق من التوتّر، مدفوعةً بتراكمات سياسيّة وأمنيّة متشابكة، أبرزها تطوّرات ملفّ غزّة، ومواقف أنقرة المتشدّدة حيال سياسات وممارسات إسرائيل ضدّ الشعب الفلسطيني، وتشابكات الملفّ السوري، إلى جانب تمسّك تل أبيب بلعب ورقة الأقلّيّات في سوريا ضدّ تركيا.

يتّخذ هذا التصعيد طابعاً أكثر تعقيداً نتيجة تغيّر المعادلات والتوازنات في الإقليم بسبب سياسات وممارسات إسرائيل التي تعتمد أسلوب تبديل قواعد الاشتباك التقليدية التي كانت تضبط العلاقة بين الطرفين حتّى الأمس القريب.

ما يميّز هذا المسار هو انفتاحه على سيناريوهات تتجاوز الحرب الإعلامية والدبلوماسية إلى احتمالات المواجهة المحدودة أو حتّى الصدام العسكريّ المباشر الطويل المدى.

طبيعة بنك الأهداف

من هنا، تبرز تساؤلات لم تكن مطروحة في السابق:

هل بدأت تركيا في إعداد خارطة بنك أهداف عسكريّة تستهدفها داخل إسرائيل عند اندلاع المواجهات؟ ما طبيعة تلك الأهداف: عسكريّة أم استخباريّة أم سيبرانيّة أم اقتصاديّة؟ هل تبقى العمليّات القتاليّة محصورةً بين البلدين أم تتحوّل إلى مواجهات ذات طابع إقليمي قد تغيّر الكثير من المعادلات والتوازنات في المنطقة؟

في حال اتّجهت تركيا إلى الردّ العسكريّ سيكون هناك تحديد دقيق لبنك أهداف ذي أولويّة استراتيجيّة لأنّ أنقرة تملك قدرات عسكريّة نظاميّة وتقنيّات استخباريّة وسيبرانيّة متقدّمة.

سينصبّ التركيز على استهداف منشآت عسكريّة وأمنيّة ذات رمزيّة استراتيجيّة، مثل القواعد الجوّيّة بهدف شلّ قدرات الطائرات الحربيّة الإسرائيليّة، ومراكز الاستخبارات العسكريّة، وربّما مراكز طاقة تحمل طابعاً رمزيّاً أكثر منه عمليّاتيّاً، إلى جانب هجمات سيبرانيّة تستهدف الموانئ والمطارات الحربيّة الاستراتيجيّة ومواقع ذات تأثير تكتيكيّ مثل مراكز القيادة.

التّعامل الأمنيّ السّريع

ستكون الأولويّة لتوجيه رسائل عسكريّة واضحة من دون فتح جبهات قتاليّة واسعة. وسيكون هناك تركيز على التعامل الأمنيّ الداخليّ السريع مع خلايا أو مجموعات تحاول التحرّك لخدمة أهداف تل أبيب، على شاكلة خلايا عميلة أو عناصر تدين بالولاء لإسرائيل.

يعزّز تقرير الاستخبارات التركية الأخير عن دروس المواجهة الإسرائيليّة – الإيرانيّة من احتمال اعتماد أنقرة على ضربات مركّزة ومدروسة تستفيد من نقاط ضعف الدفاعات الجوّية الإسرائيلية وتستهدف مراكز تحكّم واستطلاع حيويّة.

سمير صالحة - اساس ميديا

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا