احتجاجات ومظاهرات في لندن مناهضة للعنصرية وتكريمًا لتشارلي كيرك
ترامب يُعلن الحرب على كارتلات المخدّرات: مادورو أولاً... فمن التالي؟
هذه المرّة، حرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب مختلفة. التنفيذ بدأ. قبل إتمامه السنة الأولى من ولايته، فتَح ساكن البيت الأبيض جبهة "كارتلات المخدّرات" من بوابة فنزويلا: طائرات "أف-35"، سفن ومدمّرات حربية، غوّاصات، ومرسوم رئاسي "سرّي" يمنح البنتاغون الضوء الأخضر لاستخدام القوّة العسكرية ضد العصابات في الخارج وخاصّة في أميركا اللاتينية. أمّا الأبرز فكان توقيع ترامب أمراً تنفيذياً بتغيير تسمية وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب، فالهدف "فرض السلام من خلال القوّة"!
قبل هذا المنحى العسكري الذي اتّخذه ترامب، كانت شرارته كانت قد بدأت اقتصادياً قبل أشهر إذ برّر رفع الرسوم الجمركية على المكسيك وكندا باتّهامه للبلدين بعدم بذل جهد بمحاربة المخدّرات ومنعها من الوصول إلى الولايات المتحدة.
التوتّر سيّد الموقف، في ظل علاقات مشحونة أصلاً بين واشنطن وكراكاس. الضربة الأولى "البداية" لترامب كانت في 3 أيلول/سبتمبر إذ أعلن أنّ القوّات الأميركية هاجمت في البحر الكاريبي قارباً محمّلاً بالمخدّرات تابعاً لعصابة "ترين دي أراغوا" ما أسفر عن مقتل 11 "إرهابي مخدّرات" هم أفراد في عصابة تابعة للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، على حدّ قوله.
مادورو مطلوب للقضاء الفدرالي الأميركي بتهم الاتجار بالمخدّرات، قائد "كارتل دي لوس سوليس" وثمن رأسه 50 مليون دولار!
على ما يبدو، إنّ الحرب الترامبية على المخدّرات وصانعيها ومصدّريها من دون سقف. فهل تنجح محاولات الطامح لجائزة نوبل للسلام بوقف ظاهرة تدفّق المخدّرات إلى الأراضي الأميركية؟ وماذا يريد من فنزويلاً فعلاً؟
ضربات داخلية؟
كشفت مصادر لـ"سي أن أن" عن أن ترامب يدرس خيارات لتنفيذ ضربات عسكرية تستهدف عصابات مخدّرات تنشط في فنزويلا، منها ضربات محتملة داخل البلاد. ورأت المصادر أن "ضربة الزورق عكست بشكل مباشر هذه الخيارات وشكّلت تصعيداً كبيراً في حملة إدارة ترامب ضد الكارتلات".
يعتبر الباحث في العلاقات الدولية محمد سيف الدين في حديث لـ"النهار" أن "الاتّجاه العريض للسياسة الخارجية الأميركية اليوم هو التخلّص من القوى المناوئة لواشنطن، وهي ترتبط بإيقاف الصين وشركائها، وفنزويلا واحدة من هذه القوى. السنوات السابقة أظهرت اتّجاهاً أميركياً داعماً للمعارضة الفنزويلية، ومسألة تغيير الحكم في فنزويلا تبقى هدفاً أميركياً واضحاً ومطلوباً بالنسبة لإدارة ترامب".
وفق موقع "أكسيوس"، "بموجب السياسة الأميركية الجديدة يمكن استهداف مادورو بالاغتيال بما في ذلك عبر ضربة مسيّرة. يقول المسؤولون إن هذا الاحتمال لم يُناقش بجدّية لكن ترامب يُبقيه كخيار مطروح".
في السياق، يرى سيف الدين أن "حركة ترامب باتّجاه فنزويلا محكومة بأهداف أوسع بكثير من قضية مكافحة عصابات المخدّرات".
وعلى وقع هذا التصعيد، فنزويلا متأهّبة. جنود منتشرون على الحدود. مادورو يهدّد ويحذّر: "ليست هناك أيّ فرصة لدخولهم فنزويلا. مستعدّون للدفاع عن السلام وعن سيادتها ووحدة أراضيها".
جبهات
في كانون الثاني/يناير، صنّفت الخارجية الأميركية 8 كارتيلات مكسيكية منظّمات إرهابية. وأعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستتّخذ إجراء عسكرياً أحادي الجانب إذا فشلت المكسيك في تفكيك عصابات المخدّرات.
رفضت رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم أي تدخّل عسكري أميركي داخل أراضي بلادها. ولم يستطع ترامب إلا الاعتماد على نهجه الساخر، فاعتبر أن "شينباوم امرأة لطيفة، لكنّها خائفة جداً من الكارتلات لدرجة أنها لا تستطيع التفكير بوضوح".
يُشير سيف الدين إلى أن "سعي ترامب لعسكرة العلاقات ليس الهدف بحد ذاته، إنّما تطويع الإرادات السياسية الهدف الأساس، لكن ترامب مستعد لاستخدام القوّة في المواضيع التي يرى أنّها مفيدة، مع الأخذ بالاعتبار أن دخول مواجهة طويلة مع أي قوة غير الصين هو هدر للموارد ومخاطرة كبيرة، تؤخّر الاستراتيجية الأميركية لمواجهة الصين".
بين التدخّل والرفض، كشف تحقيق لوكالة "رويترز" عن "تعاون غير تقليدي" بين واشنطن ومكسيكو، إذ إن وكالة الاستخبارات المركزية تُدير منذ سنوات عمليات سرّية في المكسيك لتعقّب أخطر تجار المخدّرات، بالتعامل مع وحدات خاصّة داخل الجيش المكسيكي مُكرَّسة لمطاردة الكارتلات.
بموافقة الحكومة المكسيكية، تُوفّر الوكالة لهذه الوحدات تدريباً ومعدّات، إضافةً إلى دعم مالي لتغطية أنشطة مثل السفر. وتُخضع الوكالة أعضاءها لاختبارات كشف الكذب، وهو ما يجعلها تُعرف عادةً باسم "الوحدات المُدقّقة من الـCIA". ومن جملة الاختبارات أيضاً المعروفة باسم الفحص الأمني الأميركي (vetting): تحرّيات مالية وشخصية ومتابعة مستمرّة للتأكد من عدم وجود اختراق من الكارتلات.
تؤمّن وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) معلومات استخباراتية، تمويل، تدريب، وتجهيز للوحدات التي تتولّى على الأرض ملاحقة الكارتلات. منذ 2018، شاركت الوحدات المُدقّقة من الـCIA" في اعتقال عدد من كبار قادة الكارتلات، من بينهم: رافاييل كارو كوينتيرو، أحد أبرز زعماء كارتل غوادالاخارا التاريخي وأوفيديو غوزمان لوبيز، نجل "إل تشابو"، والذي سُلّم لاحقاً إلى الولايات المتحدة، بحسب التحقيق.
ما مصيرها؟
أمام هذا المشهد، اعتبرت مجلة "بوليتيكو" أن "نهج ترامب ليس استراتيجية شاملة بل خليط تكتيكات متناقضة. فبينما يلوّح باستخدام القوّة العسكرية ضد الكارتلات، يقتطع في الوقت نفسه الأموال المخصّصة لبرامج علاج الإدمان في الولايات المتحدة، هذا يعني أن الطلب على المخدّرات سيستمر وربّما يزداد، ما يمنح الكارتلات المزيد من الحوافز لمواصلة نشاطها. إضافة إلى ذلك، سياسات ترامب الأخرى مثل الرسوم الجمركية، الترحيل الجماعي، وتصاعد التوتّر مع حكومة المكسيك تفتح المجال أمام الكارتلات لتوسيع نفوذها".
يتشتّت الداخل الأميركي مع ترامب، فاستطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى تراجع شعبيّته. ولكن "ترامب لا يخفي أن المصلحة الأميركية وفق منظوره هي التي تحدّد الخطوة المطلوبة، وليس القانون"، وفق الباحث سيف الدين.
وقال سيف الدين في مداخلته: "الهدف الأساس لترامب هو إحكام السيطرة على الأقاليم التي تقع أو عند الممرّات المائية الحيوية على مساحة العالم أو القريبة منها. لذلك فتح ترامب قضية قناة بنما وإعادة تسمية خليج المكسيك، والآن فنزويلا. يختار النهج الجديد لواشنطن القوّة الأضعف وفق تقديره في كل إقليم، ليثبت من خلال مواجهتها السيطرة على المنطقة".
الصين - الصراع
الصين في كل مشكلة أميركية، هذا ما يُرصد أمام كل مواجهة. في هذه الجبهة، كان لافتاً اعتبار ترامب أن الفنتانيل المخدّر هو "مؤامرة"، ويتّهم الحكومة الصينية بعدم بذل ما يكفي من جهود لوقف إنتاج وتصدير المواد الكيميائية الأولية للفنتانيل إلى الولايات المتحدة. وقال في تصريح له: "الصين تساعد. أعني، لقد كان الوضع مروّعاً لسنوات عدّة مع الفنتانيل، لكن منذ تولّيت المنصب، نتحدّث معهم وهم يتّخذون خطوات كبيرة".
يلفت سيف الدين إلى أن "كثرة الجبهات المفتوحة قد تقود مشروع ترامب إلى تشتّت القدرات والموارد، وهذا يصعّب عليه الاستجابة للأزمات الكثيرة التي تواجهه. فكل أزمة طويلة تدخلها أميركا اليوم يجب أن تأخذ مشاكل واشنطن الداخلية والخارجية بالاعتبارات".
فأين حدود هذه الجبهة التي فتحها ترامب؟ وهل ستكون المخدّرات مدخلاً لتدخّل أميركي أكبر؟
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|