ابي رميا عن مشروع توسيع أوتوستراد جونيه: لدراسة شاملة ومتكاملة
دون مبرر... أقساط المدارس الخاصة ترتفع وتفرغ جيوب الأهل!
شهر أيلول في لبنان لم يعد مجرّد بداية عام دراسي جديد، بل تحوّل إلى محطة مثقلة بالهموم والضغوطات التي ترافق الأهل حتى صيف العام المقبل. فالمدرسة هنا لم تعد مرادفًا للعلم بقدر ما صارت مرادفًا لـ"القسط"، والأقساط في المدارس الخاصة باتت نارًا تتصاعد عامًا بعد عام من دون مبرّر واضح.
هذه السنة وحدها، ارتفعت الأقساط ما بين 30 و50 في المئة، وهي قفزة وُصفت بغير العقلانية ولا المنطقية.
المشهد في بعض المدارس بدا صادمًا، إذ تخطّت الأقساط خمسة آلاف دولار، ووصلت في مدارس أخرى إلى حدود ستة آلاف، من دون أن يشمل ذلك تكاليف التسجيل أو الزي المدرسي أو الكتب والقرطاسية. وهذه الأرقام تعكس بوضوح جشعًا عند جزء كبير من المؤسسات التربوية الخاصة التي تُحمّل الأهل أعباءً لا قدرة لهم على تحمّلها. التبرير حاضر دائمًا: "نرفع الأقساط لزيادة رواتب المعلّمين". لكن السؤال يبقى: هل يحصل المعلّمون فعلًا على حقوقهم؟ أم أنّها حجّة تستخدم لتبرير الطمع؟ وأين دور لجان الأهل من كل ما يجري؟
في هذا السياق، أوضح نقيب المعلّمين في المدارس الخاصة، نعمة محفوظ، في حديث لـ "لبنان 24"، أنّه لا يمكن وضع كل المدارس الخاصة في خانة واحدة، فهناك مؤسسات زادت أقساطها بشكل مقبول في مقابل تحسين رواتب الأساتذة، لكن عددًا كبيرًا منها رفع الأقساط إلى مستويات أعلى حتى من تلك التي كانت قبل الأزمة، أي في عامي 2018 و2019.
ما حقيقة زيادة رواتب الأساتذة؟
وأشار محفوظ إلى أنّ النقابة توصّلت قبل عامين إلى اتفاق مع أصحاب المدارس يقضي بمنح المعلّمين 35% من رواتبهم الفعلية بالدولار في العام الدراسي الماضي، ثم بين 60 و65% هذا العام، على أن تعود الرواتب إلى مستواها الطبيعي ابتداءً من عام 2026.
غير أنّ قلّة قليلة التزمت بهذا الاتفاق، فيما لا يزال أكثر من 70% من الأساتذة يتقاضون أقل من نصف رواتبهم بالدولار، وبعضهم في المناطق الجبلية لا يتجاوز راتبه 200 أو 300 دولار شهريًا.
واعتبر محفوظ أنّ هذا الواقع مأساوي، مضيفًا أنّ ارتفاع الأقساط لو انعكس فعلًا على رواتب المعلّمين لكان مفيدًا للأهل، لأنه يساهم في الحفاظ على الكفاءات. إلا أنّ النتيجة جاءت عكسية، إذ غادر نحو 25% من الأساتذة إمّا إلى الخليج وكندا ومصر، أو إلى مدارس تمنح رواتب أفضل، ما سيؤدي حتمًا إلى تراجع مستوى التعليم وانعكاسه السلبي على الطلاب.
غياب التعليم الرسمي
كما لفت محفوظ إلى أنّ غياب مدرسة رسمية ذات مستوى يجعل الأهالي أسرى المدارس الخاصة مهما ارتفعت أقساطها.
فالتعليم الرسمي، بحسب قوله، لم يعد يغطي أكثر من 20% من التعليم العام في لبنان، نتيجة غياب الحضانات والروضات وضعف التعليم الابتدائي، إلى جانب اقتصار التدريس في المدارس الرسمية على ثلاثة أو أربعة أيام أسبوعيًا مقابل خمسة في المدارس الخاصة. وأوضح أنّ عجز الدولة عن دفع مستحقات الأساتذة في القطاع الرسمي جعل نحو 80% من التعليم في لبنان خاصًا، ما يدفع الأهالي إلى تسجيل أولادهم في المدارس الخاصة مهما كانت الكلفة. ورأى أنّ الحل الوحيد لتخفيض الأقساط يكمن في إنشاء مدارس رسمية بمستوى جيّد، بحيث يلجأ إليها الأهل غير القادرين، ما سيؤدي تلقائيًا إلى خفض الأقساط في المدارس الخاصة بفعل قاعدة العرض والطلب.
وحذّر محفوظ من أنّ مسؤولية الدولة أساسية في هذا الملف، فهي على مدى العقدين أو الثلاثة الماضية أهملت التعليم الرسمي حتى وصل إلى الحضيض. واليوم، التعويل على الحكومة الجديدة التي، إن أرادت انتشال البلد من أزماته، لا يمكنها ذلك إلا عبر النهوض بقطاع التربية والتعليم، باعتباره مسؤولية الدولة مجتمعة، من حكومة ومجلس نواب، لا وزارة التربية وحدها. كما شدّد على أنّ لجان الأهل مطالبة بالجلوس مع إدارات المدارس للمطالبة بالشفافية بشأن وجهة الأموال التي يدفعها الأهالي، معربًا عن أسفه لأنّ كثيرًا من هذه اللجان لا تقوم بدورها كما يجب.
زيادات المدارس غير قانونية
من جهتها، أكدت رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، لما الطويل، لـ"لبنان 24"، أنّ أي زيادة تُفرض قبل إقرار الموازنة تُعد غير قانونية، مشيرة إلى أنّ الأب يوسف نصر أعلن التزامه بعدم إقرار أي زيادة قبل إقرار الموازنات كما يفرض القانون.
واعتبرت الطويل أنّ ضغط الأهالي الكبير هذا العام ساهم في تراجع عدد من المدارس عن قراراتها، مشددة على أنّ الاعتراضات اتخذت أشكالًا عدة، من مراجعات قضائية إلى شكاوى لدى وزارة التربية أو عبر لجان الأهل.
وأعربت الطويل عن أسفها لأنّ الأقساط عادت إلى مستويات ما قبل الأزمة في وقت لا يحصل المعلّمون على كامل حقوقهم، رغم أنّ المدارس تبرّر الزيادات بأنها مخصصة لهم. وتساءلت: "كيف يمكن تبرير ذلك؟"، مؤكدة أنّ هذا الواقع يفرض التدقيق في موازنات المدارس.
وكشفت أنّها قدّمت خطة إنقاذية إلى وزارة التربية خلال اجتماع عُقد في شباط الماضي، استندت فيها إلى دراسة علمية أجراها الاتحاد بالتعاون مع مدققين مجازين. وأظهرت هذه الدراسة أنّ الحد الأقصى لأي زيادة يجب ألا يتجاوز ما بين 50 و150 دولارًا للتلميذ، وهو مبلغ يكفي لتغطية القوانين الجديدة، بما فيها صندوق التعويضات، ويضمن للأساتذة تقاضي رواتبهم كاملة.
كما أشارت الطويل إلى وعود بإنشاء المجالس التحكيمية التربوية قريبًا، متمنية أن تبصر النور بعيدًا عن المحاصصات السياسية، إضافة إلى تعديل القانون 515 الذي انتهت دراسته في اللجنة الفرعية وانتقل إلى لجنة التربية، حيث يُعوَّل على رئيسها النائب حسن مراد لإقراره وطرحه أمام مجلس النواب. ورأت أنّ هذه الخطوات، إذا اكتملت، ستؤدي إلى قيام قضاء تربوي ورقابة مالية فعلية، ما يضع حدًا لعشوائية الأقساط.
ودعت الطويل الأهالي إلى القيام بواجباتهم من خلال الترشح لانتخابات لجان الأهل، وانتخاب ممثلين أكفاء قادرين على التدقيق في الموازنات والدفاع عن حقوق أولادهم.
ختامًا، كل عام يعاني الأهالي من جشع المدارس الخاصة وإهمال الدولة، لتبقى أعباؤهم مضاعفة بلا حل. هل ستكون هذه السنة مختلفة، وتتدخل وزارة التربية لإنصافهم أخيرًا؟
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|